وصلت نيكي هالي، سفيرة الولايات المتحدة الجديدة لدى الأمم المتحدة، أمس الجمعة، بموقف ورسالة أذهلت العديد من مسؤولي الأمم المتحدة والدبلوماسيين، مشيرةً إلى تحوّل في سياسة الولايات المتحدة، إذ قالت إنها ستجمع الأسماء، وسترد على الدول التي تعارض المصالح الأميركية، وسوف "تتخلص" من برامج الأمم المتحدة التي عفا عليها الزمن.
صرّحت هالي للمراسلين عند وصولها بأنه "فيما يخصّ هؤلاء الذين لا يدعموننا، سنسجل أسماءهم، وسنتخذ اللازم في الرد عليهم وفقاً لذلك"، بحسب ما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.
قدمت هالي أوراق اعتمادها لأنطونيو غوتريس، الأمين العام للأمم المتحدة، كما عقدت أول اجتماع منفرد لها معه، والذي استمر لمدة 20 دقيقة، ولم يكشف المسؤولون عن تفاصيل النقاش الذي دار بين غوتريس وهالي، إلا أن أحد مسؤولي الأمم المتحدة قال: "إن الولايات المتحدة لطالما كانت شريكاً هاماً للأمم المتحدة في مساعي الإصلاح".
وتعهّدت هالي قبل الاجتماع "بتغيير الأسلوب الذي نؤدي به عملنا".
وقالت: "سنعمل على تحسين الأشياء الناجحة، أما الأشياء غير الناجحة فسنحاول إصلاحها، والأشياء غير الضرورية التي عفا عليها الزمن سنتخلص منها".
نبرة حادة
وأشار بعض مسؤولي الأمم المتحدة والدبلوماسيون إلى أنهم كانوا يتوقعون أن تتبع هالي نبرة أكثر دبلوماسية في يومها الأول. فهي لم تهدّئ من مخاوف احتمال التقليص الكبير لدعم الولايات المتحدة المالي للعديد من برامج الأمم المتحدة، وسعيها الكبير لاتباع برنامج أحادي الجانب، فمن خلال جلسات الاستماع لها في مجلس الشيوخ في وقت مبكر من هذا الشهر، عبّرت هالي عن وجهة نظرها المعتدلة تجاه روسيا، وتمويل الأمم المتحدة، والمشاركة الدولية التي تتفق مع حلفاء الولايات المتحدة.
وقال بعض الدبلوماسيين، الجمعة الماضي، إن "نبرتها كانت حادة"، وإنَّها عرضت آراءً أكثر تماشياً مع تعهدات الإدارة الجديدة بإصلاح سياسة كل شيء وإعادة ترتيبها، من الاتفاقات التجارية إلى قوانين اللاجئين وبرامج الأمم المتحدة.
وأوضح ماثيو بولتون، الأستاذ المشارك في جامعة بيس، والملمّ بشؤون الأمم المتحدة، أن "الأمم المتحدة مؤسسة غالباً ما تجد الولايات المتحدة صعوبة في التعامل معها، إلا أنها في المجمل، تخدم مصالح الولايات المتحدة، فهي مكانٌ يعبَّر فيه عن القيم الأميركية بما تحمله من ديمقراطية وحقوق الإنسان".
وتتمتع هالي بنفوذ قوي، إذ إن الولايات المتحدة هي أكبر مساهم مالي في الأمم المتحدة، بما نسبته 22% من ميزانيتها التشغيلية، و28% من تكاليف حفظ السلام في 16 بعثة حول العالم، ويقدر ذلك بحوالي 8 مليارات دولار سنوياً.
ويتفق الكثير من الدبلوماسيين على أن الأمم المتحدة بحاجة إلى الإصلاح، فقد أُثقلت المنظمة بالإجراءات والبيروقراطية، وقد بدأ غوتريس ولايته في أول يناير/كانون الثاني بوعدٍ بتحسين كفاءة المنظمة من خلال إعادة تنظيم هيكلها، ويقر بعض الدبلوماسيين بأن النبرة المتشددة من الولايات المتحدة قد تكون في صالح الأمم المتحدة، وتجبرها على تسريع الخطى في إجراء التغييرات الضرورية.
وقال دبلوماسي أوروبي بارز: "يجب على هالي أن تصل إلى التوازن المناسب، لأن القدر المناسب من الضغط قد يساعد في تحسين الأمور، لكن الكثير من الضغط قد يؤدي إلى رد فعل عنيف ضد الولايات المتحدة".
وتزامن اليوم الأول لهالي مع تداول مسودة الأمر التنفيذي التي أعدها البيت الأبيض، واطلعت عليها وول ستريت جورنال، والتي تدعو إلى تخفيض ما قيمته 40% من تمويل الولايات المتحدة للمنظمات الدولية، ومنها على سبيل المثال منظمة اليونيسيف، التي تهتم بالأطفال، وبرامج الأمم المتحدة لحفظ السلام. لم تتقدم إدارة ترامب رسمياً باقتراح خفض التمويل، كما لم يصرح ما إن كانت مسودة الأوامر قيد النظر فعلياً أم لا.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن "الهيكل التمويلي للأمم المتحدة الذي نعمل وفقه حالياً، هو نفسه الذي سنستمر بالعمل به في المستقبل القريب"، وأضاف أن التغييرات التي قد تطرأ على التمويل هي إشراك كافة الدول الأعضاء بالمنظمة البالغ عددها 193 دولة. وأي تغيير في موقف الولايات المتحدة قد يؤثر أيضاً على ديناميكية مجلس الأمن، والذي يتكون من 15 عضواً، ومسؤوليته حفظ الأمن والسلام في العالم.
في لبّ هذا المجلس، يوجد من يُطلق عليهم P5، وهم الأعضاء الخمس الدائمين الذين يتمتعون بحق "الفيتو"، وهم: روسيا والصين والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وفرنسا. من بين هؤلاء، كان هناك تحالف P3، وهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، الذي كان يعتبر الإطار الداعم لدبلوماسية الولايات المتحدة، والذي يعمل على كسب دعم البلدان الأوروبية داخل المجلس لفترة طويلة.
وعبّر بعض الدبلوماسيين عن قلقهم من احتمال اقتراب الولايات المتحدة أكثر من روسيا، وهو ما قد يؤثر على نزاهة تحالف P3 بشدة، وقد يؤثر أيضاً على فعالية المجلس تجاه القضايا الشائكة، مثل الحرب السورية، والمعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال فرانسوا ديلاتر، السفير الفرنسي، فيما قال إنَّه رسالة وجهها إلى الإدارة الأميركية الجديدة، وإلى هالي: "رجاءً حافظوا على التزاماتكم تجاه القضايا العالمية، لأننا نحتاج إلى أميركا".
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Wall Street Journal الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.