الحذر يخيم على نقل السفارة الأميركية إلى القدس.. ما الذي يخشاه ترامب من ذلك؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/24 الساعة 00:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/01/24 الساعة 00:44 بتوقيت غرينتش

كثيراً ما تحدَّث فريق دونالد ترامب خلال حملة انتخابات الرئاسة عن نقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس. ولكن منذ أن تولى ترامب رئاسة الولايات المتحدة أصبحت القضية المثيرة للخلاف أكثر حساسية، وقد يتم بالفعل تأجيلها في الوقت الراهن.

وهون المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر على ما يبدو من التوقعات بشأن إعلان وشيك عن تحرك قد يثير غضب العالم العربي، وذلك في بيان صدر قبل أول اتصال هاتفي بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد تنصيب ترامب.

وكتب يقول "نحن في المراحل الأولى من مجرد مناقشة هذا الموضوع".

وقال سبايسر للصحفيين أمس الإثنين "ليست هناك قرارات".

واعتبرت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية والمنظمات المؤيدة للاستيطان ذلك إشارة إيجابية، وفسروا الكلام على أنه دلالة على أن المحادثات قد بدأت بشأن خطوة يتوقون إليها، حتى مع احتمال أن تكون لها تداعيات كبيرة على الاستقرار في المنطقة.

"ليس الآن"

لكن المسؤولين الإسرائيليين قالوا إن القضية لم تناقش تقريباً خلال الاتصال الهاتفي الذي استغرق 30 دقيقة. وقال دبلوماسيون إن تفسيرهم هو أن القضية يتم إبعادها من على قمة جدول الأعمال في الوقت الراهن على الأقل.

وقال مسؤول إسرائيلي في رسالة نصية بعد بيان سبايسر "يبدو وكأنه يتم تأجيلها".

وأضاف آخر أن نتنياهو لم يحاول خلال المكالمة الحصول على تعهد من ترامب بشأن نقل السفارة أو موعد زمني لذلك. وأشار يجال بالمور المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أن كلام سبايسر ليس سوى مصطلح دبلوماسي قديم لعبارة مفادها "ليس الآن".

وقال بالمور على تويتر "هذا يعني في واقع الأمر: لا تتصلوا بنا.. سوف نتصل نحن بكم".

ولم يرد المتحدث باسم نتنياهو على الفور على طلبات للتعليق.

لا سفارة في القدس

وفي حين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يمكن أن يعارض نقل الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس -حيث تعتبر إسرائيل المدينة عاصمتها الأبدية والموحدة، وتريد من كل الدول أن تنقل سفاراتها إلى هناك- فهناك إدراك أن مثل هذه الخطوة قد تكون مزعزعة للاستقرار.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية، إنه ليس لأي دولة حالياً سفارة في القدس. وقبل بضع سنوات كانت سفارتا كوستاريكا والسلفادور في القدس، لكن الدولتين نقلتاهما إلى تل أبيب.

والسبب هو أن الوضع النهائي للقدس يفترض أن يتقرر عبر المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين الذين يريدون أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقلة.

وإذا نقلت الولايات المتحدة سفارتها فسوف يعني هذا صراحة الاعتراف بأن القدس تتبع إسرائيل، مما يعني استباقاً لنتائج المفاوضات وانحيازاً في عملية تُعد الولايات المتحدة طرفاً رئيسياً فيها.

وأشار ترامب إلى أن صهره جاريد كوشنر قد يتولى مهمة الوساطة من أجل السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وللقيام بهذه المهمة يجب أن ينظر إلى الولايات المتحدة وكوشنر على أنهما محايدان بشكل تام. وبالنسبة للفلسطينيين فإن نقل السفارة سيكون تجاوزاً لخط أحمر.

وحذرت مصر والأردن، الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان أبرمتا معاهدتي سلام مع إسرائيل من القيام بتلك الخطوة، التي حذَّر منها أيضاً الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ووزير الخارجية السابق جون كيري، قائلين إنها قد تفجِّر المنطقة.

وعقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس مناقشات بشأن القضية مع الملك عبد الله، عاهل الأردن في عمان يوم الأحد. وقال مسؤولون فلسطينيون إن عاهل الأردن الذي يشرف على المواقع الإسلامية في القدس عبَّر عن قلقه إزاء احتمال نقل السفارة. وقال مسؤول إن عباس وعاهل الأردن اتفقا على قائمة بالخطوات التي ينويان القيام بها في حالة نقل السفارة.

ولم تتضح الخطوات التي قد يتخذها الأردن، لكن محللين يقولون إن سحب سفير المملكة لدى إسرائيل أو إنهاء التعاون الأمني أو تعليق معاهدة السلام المبرمة عام 1994 كلها احتمالات ممكنة. ويرغب الأردن أيضاً في ضمان ألا يتسم رد فعل الجالية الفلسطينية الكبيرة في الأردن بالغضب.

وأبدت مصر أيضاً تحفظات بشأن أي نقل للسفارة، واصفة ذلك بأنها مسألة قابلة للاشتعال.

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري لوسائل إعلام أجنبية في مؤتمر عقد في الرابع من يناير/ كانون الثاني، إنه يجب عدم استباق الأحداث، لكنه عبر عن اعتقاده بأن الجميع يدرك أهمية هذه القضية.

وأضاف أن القضية تمثل واحدة من قضايا الوضع النهائي التي يجب التعامل معها بين الجانبين، وأن من المهم حل كل القضايا من خلال المفاوضات.

مخاوف أوسع نطاقاً

تمثل العلاقات الأقوى التي تؤسسها إسرائيل بهدوء مع العالم السني المسلم واحدة من الاعتبارات الأخرى التي تنظر لها. ويتحدث نتنياهو كثيراً عن "الأفق الجديد" لإسرائيل مع السعودية وتركيا ودول الخليج. وإذا نقلت الولايات المتحدة سفارتها فإن هذه الخطوة قد تحطم تلك العلاقات.

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم لا يريدون التعجل في أي خطوات. ويعتقدون أن السفارة الأميركية يجب أن تكون في القدس. وقال ترامب إنه سيفي بوعده، لكن يجب التفكير بعناية في القرار.

والإجراءات العملية وحدها صعبة للغاية. ففي حين أن لدى الحكومة الأميركية عدة مبان في القدس، بما في ذلك القنصلية العامة التي تتعامل مع الضفة الغربية وغزة والقدس، فإنها لا تستطيع إقامة سفارة بين عشية وضحاها.

وفي تصريحات لوسائل الإعلام الإسرائيلية قال ديفيد فريدمان، الذي اختاره ترامب سفيراً للولايات المتحدة لدى إسرائيل، إنه ينوي الإقامة في القدس، حيث لديه شقة هناك. لكن نقل السفارة بأكملها بكل ترتيباتها الأمنية ووحداتها التجارية والثقافية والاقتصادية من تل أبيب إلى موقع جديد في القدس سيستغرق وقتاً.

ونتنياهو لديه في الوقت الراهن اعتبارات سياسية أخرى. فهو يخضع للتحقيق في قضيتين جنائيتين ويواجه تحدياً متنامياً من حزب البيت اليهودي اليميني المتشدد المؤيد للاستيطان، والشريك في الائتلاف الحاكم.

وجاء الإعلان أمس عن أن إسرائيل ستبني المزيد من المستوطنات في القدس الشرقية، في إطار تحرك من نتنياهو لإرضاء الناخبين المنتمين لليمين المتطرف، الذين يطالبون بالإسراع في التوسع الاستيطاني، في ظل رئاسة ترامب للولايات المتحدة.

تحميل المزيد