"السينما مؤجلة في الوقت الحالي في السعودية"، بهذه العبارة حسم رئيس هيئة الترفيه أحمد الخطيب الجدل حول إصدار تراخيص لدور السينما في المملكة، التي وصفها بوقت سابق المفتي العام الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ بأنها "ضرر وفساد".
المفتي كان قد برَّر وصفه للسينما، إضافة إلى الحفلات الغنائية بذلك، لأنها قد "قد تعرض أفلاماً ماجنة وخليعة وفاسدة وإلحادية، فهي تعتمد على أفلام تستورد من خارج البلاد لتغير من ثقافتنا".
الخطيب بدوره أوضح لـ"عربي بوست"، أن "هيئة الترفيه تعتزم إطلاق برامج عالمية لعام 2017، وعروض مسرحية وفنية ومهرجانات مختلفة، على ألا تكون مخالفة للشريعة الإسلامية".
إلا أن قناة روتانا أعلنت عبر حسابها في تويتر عودة الحفلات الغنائية للسعودية، وذلك عبر إحيائها حفلاً جماهيرياً في جدة في 30 من شهر يناير 2016.
روتانا تقدم الحفل الجماهيري في جدة ٣٠ يناير مع فنان العرب @Mohammed_Abdu والفنان @RabehSaqer والبرنس @majidalmohandis في ملعب الجوهرة pic.twitter.com/zUzfkAfmdZ
— Rotana Music (@RotanaMusic) January 16, 2017
ويأتي ذلك بعد أن تسببت التصريحات الأخيرة بإصدار تراخيص للسينما في السعودية جدلاً واسعاً في الشبكات الاجتماعية، حيث دشن المغردون هاشتاغ "#الترفيه_تتراجع_عن_السينما"، إذ تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض لعودة السينما في السعودية.
ينفق السعوديون 100 مليار سنوياً، لو تم دعم السياحة لدينا فنصف المبلغ فقط سيوفر لا يقل عن 100 الف وظيفة#رؤية_2030#الترفيه_تتراجع_عن_السينما
— عبدالله مُقحم المقحم (@abdullh44882) January 16, 2017
#الترفيه_تتراجع_عن_السينما
.
وعليها ايضا ان تتراجع عن اقامة حفلات الغناء لاننا نرفض كل ترفيه محرم في بلادنا— د.فاطمة لؤي باعمر (@Fat2552) January 16, 2017
السينما كانت موجودة حتى السبعينات
عمر اليوسف، الباحث في صناعة السينما أوضح لـ"عربي بوست"، أن دور السينما السعودية كانت موجودة في السبعينات بالسعودية وبشكل أساسي في الأندية الرياضية.
إضافة إلى ما كان يعرف "بالأحواش السينمائية"، وهي غالباً أماكن خاصة تعرض فيها بعض الأفلام المصرية وأفلام الأكشن الآسيوية، ونادراً ما تعرض الأفلام التي تعرض على مستوى عالمي.
أسباب منع السينما
منعت السينما في السعودية لاحقاً بحسب اليوسف لعدة أسباب، أهمها غياب الثقافة السينمائية، إذ تتحمل دور السينما حينذاك عدم عرض أفلام على مستوى عالٍ، ما شكَّل قاعدة سينمائية جوفاء، فلم يؤمن الجمهور بأهمية السينما والصورة كرافد أساسي للثقافة والتعرف إلى الآخر.
ويرى اليوسف أن غالبية السعوديين يدركون أهمية دور السينما، حتى وإن اعتقد بعضهم أن الضوابط مهمة قبل افتتاحها، كتخصيص مكان للعائلات بحكم المجتمع المحافظ، ما دفع البعض إلى تصور سيناريوهات ظريفة لكيفية التعامل مع الجمهور في حال اعتماد ذلك.
وأوضح أن شريحة كبيرة من السعوديين ترى أنه لا فرق بين مشاهدة فيلم على الشاشة الصغيرة عبر قنوات الأفلام، ومشاهدتها في السينما.
بينما يرى المحافظون أن دور السينما تفتح باباً من أبواب الاختلاط غير الشرعي، الذي يجد القسم المحافظ ألا مفر منه في حال اعتماد دور سينما تجارية في المدن.
الإعلام السعودي يدعمها
الإعلام السعودي كما يشير إليه اليوسف يعتبر داعماً لفكرة افتتاح دور سينما، ويتجلى ذلك في تخصيص القناة الثقافية الرسمية برامج سينمائية حول السينما العالمية، وتدعم بقوة الحراك السينمائي السعودي كصناعة.
كما تخصص صحف سعودية عديدة صفحات أسبوعية للحديث عن السينما، بالإضافة إلى تغطيات القنوات الإخبارية والعربية للفعاليات السينمائية، والحديث الدائم عن آخر مستجداتها، تثبت أيضاً أن القنوات السعودية تميل لإعادة السينما إلى البلاد.
ويرى اليوسف أن المعارضة الأكبر داخل الوسط الإعلامي، هي من الإعلام الثاني، أو القنوات الأهلية الشخصية والمستقلة، التي يغلب على برامجها الطابع المحافظ، فتخصص بعض البرامج لإجهاض فكرة افتتاح دور سينما في السعودية، بالإضافة إلى الصراعات المحتدمة بين رجال الدين والنصف الآخر من المجتمع.
مشيراً إلى أن الصراع في الآونة الأخيرة بين الأطراف المنقسمة، يخلو من أسس النقاش العقلاني المنطوي تحت الأفكار المحورية، هي في الغالب صراعات شخصية لإثبات مَن الأقوى، وذلك ما يتسبب في تراجعنا للخلف، والمجتمع السعودي بشكل عام يقع ضحية لهذه النزاعات.
السياحة السينمائية
وأوضح اليوسف أن فكرة السينما في السعودية تواجه انقساماً كبيراً بين السينمائيين أنفسهم، فيرى قسم منهم أهمية قيام صناعة سعودية سينمائية أولاً، ثم التحول لإقناع الرأي العام بأهمية دور السينما وعرض أفلام تجارية.
بينما هناك شريحة لا بأس بها من المجتمع لا تأبه كثيراً بدور السينما، وغالباً يسخرون من ردة فعل المجتمع المتوقعة في حالة افتتاح رسمي لها.
وتحرص شريحة المؤيدين وغير المؤيدين على مشاهدة أحدث الأفلام المترجمة في الصالات السينمائية خارج البلاد، خصوصاً في البحرين وقطر والكويت.
وتسافر عائلات سعودية عدة إلى دول خليجية مجاورة، من أجل ما يسمى "السياحة السينمائية"، ونسبة الشباب المسافرين إلى البحرين بالتحديد عالية جداً مقارنة بالعوائل.
استفتاء
"هل المجتمع السعودي يريد السينما أم لا؟" هو سؤال لاستفتاء طرحه موقع قناة العربية، وكانت النتيجة "أن أكثرية المشاركين أيدوا في الاستفتاء -وزاد عددهم عن 8000 شخص- فكرة إعادة فتح دور السينما في السعودية بنسبة 58.44% سواء بموافقة مطلقة (40.92%)، أو بشرط فرض رقابة مشددة على ما تعرضه من أفلام (17.49%)، في حين أعلن 41.59% من زوار الموقع رفضهم للفكرة
مطلقاً.