ما إن انطلقت العشر الأواخر من سنة 2016 حتى ارتفع صبيب القنابل وطلقات النار التي أنهت حياة السفير الروسي بأنقرة في مشهد واقعي لا يرى إلا في أفلام الحركة؛ ليموت السفير هناك وتشتعل الفتنة هنا عندنا في المغرب، لدرجة يصدر فيه بلاغ مشترك بين وزارتي الداخلية والعدل يتوعد المشيدين بمقتل السفير لأن فيه إشادة بالفكر الإرهابي، وعلى جنبات الممرات العابرة لسنة 2017 اصطفت محافل الأجهزة الأمنية في كل العالم، وتجندت للتربص وللاستباق؛ لأن القادم حفل.. هذا الأخير وبعدما كانت العدة تعد في فنون من أشكال البهرجة والاحتفال، بات التطويق الأمني فيه مؤثثاً وعنصراً أساسياً أكثر من اللازم فأي حفل وأي رأس سنة يُخشى ابتداؤها بانتهاء أرواح تحت الأقدام.
كثيرون هم سيخلدون العشر الأواخر من هذه السنة في ذاكرتهم وستحيي روسيا في كل هكذا تاريخ ذكرى وفاة السفير في ذلك الإثنين الأسود الذي لم يرد الانقضاء قبل أن يحصد أرواحاً أخرى بكنيسة ويليه تحطم طائرة بروسيا وموت جميع ركابها في عشر أواخر في تاريخ روسيا ستخلد ذكراه كل سنة.
وتنزيلاً للوقائع على معاشنا المغربي لن ينسى تبعات تصريحاته "العفوية" عن موريتانيا التي جنت عليه الكثير، فزغردة الخارجية وولولت أحزاب في رمشة عين وتملقت؛ لتُكشف أنها صُنعت في الخفاء وأُخرجت للعلن بإرادة وحقيقة كراكيزية، فانطلقت في إصدار بلاغات شجب تماشياً مع البلاغ الأعلى، كما أظهرت التصريحات حقيقة أناس يعملون بالمثل القائل "ملي كاطيح البقرة كايكترو الجناوة"، وأرادوا الثأر من الذي تربع على كرسي الحزب وخرق القاعدة الفاسية التي تورث الأمانة بالسلالة.
تصريحات ذكّرت بتصريحات بن عبد الله غير أن الأول عزم على الفضح، والثاني اختار الصمت "ما قلت وااااالوووو"، ورغم الجدال الدائر استطاع الفيسبوكيون المغاربة جس النبض وفهم الأمور على ما يجب فهمه والتعبير عما يراد منه أن يفهم، ما دام التدوينة والمنشور تدرج تحت مقص الرقابة وتحتكم للمجهر الذي يضخم من.. ويقزم من.. ويؤول حتى تثبت التهمة وتتحقق الإدانة.
ليبقى العنصر المضاد وبعدما دعا للمصالحة وموه في معانيها الخفية غير الجلية، قابعاً في سكوته المستميت يراقب المسرحية من بعيد وينظر أن تطهى الأمور على نار من حطب، نار غرست أولاً في الحكومة وجعلته شرطاً في تشكيل الحكومة، وتنظر اليوم لخروجه بتصريحات "طيرت" الحكومة لموريتانيا لتلطيف الأجواء، علها تعود من هناك مستسهلة إمكانية الفض مع حميد ومعانقة عزيز؛ لأنه عزيز.
وأنا أنثر أعاود القراءة وألغي ما ألغي وأضع البيان المشترك أمام عيني، وأسحب حتى لا أعبر للمرحلة الموالية، وأحكي من هناك، حركية قاتلة هي سجلتها العشر الأواخر من سنة 2016 وكأنها تأبى الرحيل إلا بتحطيم الرقم القياسي في الأحداث حتى تسجل في تاريخ غينيس وتحصد جوائز نوبل عن كل المجالات، خاصة في السلام.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.