ماذا يخبئ العام 2017 لأوروبا؟ إليك السيناريوهات المحتملة

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/28 الساعة 09:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/28 الساعة 09:38 بتوقيت غرينتش

قد تنظر أوروبا وراءها إلى 2016 فترى فيها سنة رهيبة من هول ما لاقته من رعب هجمات بروكسل ونيس وبرلين، فضلاً عن العار في مخيمات كاليه، وزلزال بريكسيت الذي عم القارة. لكن المؤسف أن سنة 2017 قد لا تختلف كثيراً عن سابقتها، حسب صحيفة الغارديان البريطانية.

قد نصيب أو نخطئ في هذا التوقع، لكن الدرس الذي خرجنا به من سنة 2016 هو أن التوقعات والتنبؤات لعبة لا طائل منها، ولهذا ليس لدينا سوى سيناريوهين اثنين للعام المقبل.

السيناريو الأول دمار عام طام

يضرب القارة اعتداء همجي جديد لا يميز صغيراً من كبير، ليكون نذير شؤم على القارة التي وقع فيها 130 قتيلاً ضحية هجمات الإرهاب عام 2016؛ يستفيد من الهجوم الإرهابي الجديد المرشح الهولندي اليميني المتطرف خيرت فيلدرز، الذي سيخوض سباق الانتخابات العامة في بلاده شهرَ آذار/مارس ليحرز ولا بد نصراً كاسحاً.

يلي ذلك في غضون شهر أو أقل، بالتزامن مع الجولة الأولى من انتخابات فرنسا الرئاسية في 23 أبريل/نيسان التي قد تحمل معها تغييرات مفصلية للقارة، أن ينفد صبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

أردوغان سيغضب

فلقاء معاقبتها وملاحقتها لمهربي البشر، وعدت بروكسل أن تمنح تركيا مبلغ 3 مليارات يورو (3 مليارات و132 مليون دولار أميركي) لمساعدتها على التكفل بـالـ3 ملايين لاجئ في أراضيها، كما وعدت تركيا بإعفاء مواطنيها من فيزا السفر إلى الاتحاد الأوروبي والإسراع بعملية انضمام تركيا إليه.

والتزمت تركيا بما اتفق عليه، لكن الأوروبيين لم يلتزموا بالسماح للأتراك بدخول الاتحاد دون فيزا.

وبذلك سيقرر أردوغان –حسب السيناريو الأول- أن الوقت قد حان لفتح الحدود والسماح بتدفق مئات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين الذين عيل صبرهم بعدما علقوا في تركيا كي يدخلوا أبواب أوروبا إن شاؤوا، وهو بالفعل ما يتلهف الكثيرون منهم –خاصة الشباب اليافع- لفعله.

مرشحة اليمين في فرنسا ستفوز بالرئاسة

على الفور تنتشر صور الهجرة المؤلمة، ومقاطع النزوح الجماعي بشقائه وبؤسه على شاشات التلفاز في كل القارة، فيما فرنسا تنتخب رئيساً لها، ورغم أن استطلاعات الرأي تظهر تقدما واضحاً لمنافسها المحافظ فرانسوا فيلون إلا أن مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبين من الجبهة الوطنية المعادية للهجرة تفاجئ الكل بنصر صاعق في الجولة الثانية من الانتخابات شهرَ مايو/أيار.

سقوط ميركل

ثم تعقد في إيطاليا انتخابات برلمانية مبكرة شهر يونيو/حزيران لتكون بذلك حركة النجوم الخمس M5S المناوئة لمؤسسة الاتحاد الأوروبي والمعارضة لسلطته قد استولت على السلطة في 3 من أصل الدول الـ6 الأصلية في عضوية الاتحاد الأوروبي، ثم ما تلبث دولة رابعة أن تلحق بالركب بحلول الخريف مع تصاعد أزمة اللاجئين واستمرار التهديدات الإرهابية: إنها ألمانيا التي ستكون قد أنهكتها تبعات اعتداء سوق الكريسماس الدامي في برلين، فتسقط ورقة آنغيلا ميركل في انتخابات ألمانيا الفيدرالية.

استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي

وسيراً على خطى دونالد ترامب ستبدأ الحكومات الأوروبية المؤيدة لمذهب حماية نفسها بإلغاء وإبطال العمل باتفاقيات التجارة متعددة الأطراف وتغلق أبواب حدودها. في هولندا و فرنسا يخطط كل من فيلدرز و لوبين لإجراء استفتاءات على نيكسيت وفريكسيت (خروج هولندا وفرنسا من الاتحاد غلى غرار بريكسيت البريطاني)، كذلك تجري إيطاليا استفتاء هي الأخرى لإعادة الليرة عملة للبلاد.

اليونان: لا نستطيع السداد

أخيراً مع ازدياد حنق دائني ومديني منطقة اليورو على بعضهم واحتدام غضبهم من تأخر السداد ومع تقطع أوصال الاتحاد الأوروبي الذي تنعزل دولة عن بعضها شيئاً فشيئاً وتفتت –إن لم نقل انهيار – دعائم أساسه، عندها تعود اليونان من جديد بعد تغييراتها الجذرية لتقول مرة أخرى "لا أستطيع السداد، ولن أسدد" لترد عليها برلين وبروكسل "لم يتبق لدينا خطط إنقاذ لك."

لكن كل هذا مجرد سيناريو قد يكون أو لا يكون، فلدينا احتمال سيناريو آخر.

في هذا السيناريو تستمر شرطة أوروبا ووكالات استخباراتها بإفشال المخططات الإرهابية، ويتضح لأردوغان تركيا أن مصالحه طويلة الأجل هي في عدم إدخال أوروبا في دوامة مشاكل لا حد لها.

قد تبدأ الشعبوية في الانحدار من ذروتها في أوروبا خاصة في ظل الفوز المفاجئ الذي أحرزه مؤخراً ألكسندر فان دير بيلين اليساري المستقل على منافسه اليميني المتطرف نوربرت هوفر في انتخابات النمسا الرئاسية.

الناخبون الأوروبيون يرفضون الشعبويين

بعد استفاقتهم من فوضى بريكسيت وتجلي مصائبها أمام ناظريهم، وبعد الارتجاجات والتقلبات التي ستنجم عن وصول ترامب إلى سدة الرئاسة، سيعيد الناخبون الأوروبيون النظر في وعود الأحزاب اليمينة الراديكالية المتطرفة المتعصبة لشعبويتها، فيقررون بدلاً منها تبني خيار الأمن.

فمثلاً في هولندا ومن بعدما أحرز فيلدرز أعلى النقاط في استطلاعات الرأي يُفاجأ بأن دعمه خذله وتلاشى في يوم الانتخاب، وحتى لو آلت أكثرية البرلمان لحزبه فإنه سيجد صعوبة على الأرجح في تكوين أغلبية.

في فرنسا هي الأخرى تساور الكل شكوك جدية في تمكن لوبين من إحراز نقاط كبيرة، وأما منافسها فيلون فقد يثبت صحة ما قالته الاستطلاعات ويحرز نصراً بكل ثقة وارتياح، خاصة إن هدّأ من حدة مقترحاته حول السوق الحرة.

وأما إيطاليا ومخطط إصلاحاتها الانتخابية فتأذنُ بنظام تمثيل سياسي متناسب حجماً، ما يعني أنه سيتعذر على حزب واحدة تكوين حكومة بمفرده، وبالأساس ترفض حركة النجوم الخمس M5S المشاركة في أي نوع من أنواع التحالفات.

وأما عن ألمانيا فتنجح فيها ميركل بإقناع الناخبين أنها آمن خيار لهم، وأما اليونان فتتمكن من النجاة من ضائقتها مثلما فعلت دوماً بطريقة ما، وستفهم أخيراً أنها إن أرادت البقاء على قيد الحياة فعليها تقديم إجابات محددة حقيقية لاحتياجات ومخاوف مواطنيها، ما سيسمح للاتحاد الأوروبي بالتعامل معها بسهولة أكثر.

السيناريوهان معقولان وممكنان رغم كل ما ورد فيهما من "إذا" و "لعل" و "لكن" و"ربما". إن رياحاً توتر وامتعاض من السياسة المعتادة تهب على كل أوروبا، وقد نستغرب إن لم تضرب هذه الرياح بعض ضحايا مؤسسات السلطة على أٌقل تقدير.

هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد