مفرق طريق سلكه بالخطأ أوقع الروسي سيدوف سيوايش المقاتل مع تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) في قبضة فصيل من الجيش الحر، معتقلاً على أمل أن يتم الإفراج عنه في صفقة تبادل أسرى.
اعتقاله في مدينة "الباب" السورية كان فرصة للقائه ومعرفة أسباب انضمامه للتنظيم كمقاتل نخبة، حكى لنا عن أشياء كثيرة منها استمرار إدمانه للتدخين رغم أن داعش تحرمه، وعن طبيعة حياة المقاتلين الأجانب هناك، وعن مشاعره تجاه الإعدام بقطع الرؤوس الذي قال إنه يرفضه، وعن الإشاعات التي يسمعها عن أبي بكر البغدادي ومنها أنه إيراني الأصل.
سيدوف 26 عاماً ملامحه لا تخفي أنه روسي إلى جانب ذلك فقد وشم اسمه بالأحرف الروسية على يده المكبلة بالأصفاد، "أحب الأوشام ولكنها حرام" يقول سيدوف لـ"عربي بوست".
"أين هم المسلمون؟" كان لهذه الجملة وقعها على المقاتل الروسي 26 عاماً، موضحاً أن سبب قدومه إلى سورية منذ عامين مقاطع الفيديو التي تدعو إلى الجهاد في سوريا.
بدأت قصة سيدوف من داغستان القوقاز "بحبه لفكرة الجهاد ضد الكفار" على حد قوله، حيث كان يعمل في بلاده في مجال تصليح المنازل إلى جانب والده، وهناك تمت ملاحقته وسجنه عدة مرات من قبل الأمن الروسي بسبب دعمه للجماعات الجهادية ومساعدته لها بجمع الأموال أو التواصل معهم.
بعد مرور قرابة ثلاثين دقيقة من اللقاء أخرج سيدوف سيجارة يدخنها، موضحاً أن "هناك الكثير من المدخنين في صفوف الدولة الإسلامية ولكن الكل يدخن في السر، حيث يوجد شخص يقوم بتهريب الدخان وبيعه لنا" على حدّ قوله.
وقد حرص خلال الحوار الذي استمر قرابة الساعة على انتقاء أجوبته رغم لغته العربية الركيكية، فهو لا يريد بحسب تعبيره أي عائق يؤخر عملية تبادل الأسرى ليعود إلى عائلته.
يتابع أبو أحمد -كما كان يلقب خلال قتاله مع الدولة الإسلامية-: "تم إلحاقي بمعسكر للدولة الإسلامية، ثم لحقت بي زوجتي وأطفالي حيث يقيمون اليوم في مدينة الباب تبعد 38 كم من حلب، حيث تأخذ الدولة الإسلامية جوازات الجميع بمجرد وصولهم، وهو حال المهاجرين جميعاً".
ومع تقدم القوات التركية وفصائل سورية التي تقود عملية درع الفرات لتحرير الشمال السوري من سيطرة داعش ووصولها إلى مشارف الباب يشعر سيدوف بالقلق على مصير زوجته الروسية وطفليه أحمد 3 سنوات وابنته أمينة 5 سنوات الذين ينتظرون عودته.
رواتب المقاتلين!
فرنسيون وتونسيون وداغستانيون هم الأكثر تواجداً ضمن صفوف المقاتلين بحسب سيدوف الذي كان يقاتل في كتيبة روسية ضمن صفوف ما يسمى بـ "جيش الخلافة" وقد قتل معظمهم في معارك كوباني ومن بقي هرب إلى العراق.
وجيش الخلافة هو بمثابة قوات النخبة لدى تنظيم الدولة الإسلامية، حيث يتلقى المقاتل فيه راتب شهري يصل إلى 200 دولار، إضافة إلى تخصيص مبلغ لكل فرد من العائلة للطفل 35 دولاراً والبالغ 50 دولاراً، و30 دولاراً شهرياً بدل طعام.
وكان سيدوف قد اشترك في أهم معارك التنظيم من "الرقة" و"الشدادي" إلى "منبج" و"الطبقة" و"الباب" و"تل أبيض" ليصاب أخيراً في معارك "كوباني" ضد القوات الكردية التي كانت تدافع عن المدينة.
"سمعت أن البغدادي إيراني"!
"أخاف من قطع الرؤوس ولا أحب الدم، لا مشكلة لدي من قتل الأشخاص بسلاح الكلاشينكوف أما السيف فلا أحبه"، بهذه الكلمات وصف المقاتل الروسي موضوع قطع الرؤوس الذي تشتهر به الدولة الإسلامية كعقاب لكل من يخالفها أو يقاتلها.
وأردف قائلاً "لا أعرف إن كان هذا النوع من العقاب مذكوراً في القرآن أو السنة".
كما يرفض سيدوف تنفيذ العمليات الانتحارية قائلاً إنه في حال طلبت منه فلن ينفذها "لا أملك قوة القلب لذلك.. أسامة بن لادن قال إننا نقوم بذلك ولكن لا يوجد حديث نبوي حول ذلك".
هروب من داعش!
هناك الكثيرون يريدون الهرب من الدولة الإسلامية..
يبدأ سيدوف بسرد عدد من القصص عن حياة المقاتل ضمن صفوف الدولة الإسلامية، حيث يقول إنه باعتبار مصاباً فبات يتبع لديوان المصابين وهروبه أصعب من غيره.
فالدولة الإسلامية على حد قوله باتت تضيق الخناق بشكل كبير على المهاجرين وترسل بهم إلى جبهات ساخنة لا يعرفون طريقة للخروج منها.
ويبرر رغبته بالهرب على حد قوله أن هناك ظلماً كبيراً في حياة الدولة الإسلامية، لوجود مفاهيم مغلوطة في ممارساتها، بدءاً من أبو بكر البغدادي قائد تنظيم القاعدة في العراق والمُلقب بأمير دولة العراق الإسلامية، يقول سيدوف "الكثير منا لم يقابل أبو بكر البغدادي ولكن أحدهم أخبرني أنه أميركي أو إيراني"!.
سيدوف يقول إنه بات يفكر بما سيفعله حين يتم إطلاق سراحه، حيث يتوقع أن يتم تبديله بصفقة تبادل أسرى بين الدولة الإسلامية والجيش الحر، "سأحاول الهرب إلى تركيا ومنها أذربيجان" على حدّ قوله.
ويضيف "لا أريد العودة لروسيا خوفاً من المخابرات الروسية التي داهمت منزل والدي أكثر من مرة للسؤال عني".
يختتم سيدوف بقوله "لا مستقبل لأطفالي هنا، قصف الطيران العنيف يجعلني أعيش برعب لا أستطيع حتى التفكير بمستقبلهم".