"ليس لدينا ما نخفيه عن المصريين والإيطاليين بشأن جوليو ريجيني، وكلما توصلنا إلى معلومة أعلنّاها للرأي العام".
هكذا قلل مستشار بمكتب النائب العام المصري من أهمية المعلومات التي نشرتها الصحف الإيطالية مؤخراً، بشأن اللقاء الذي جمع النائب العام المصري نبيل صادق ونظيريه الإيطاليين سيرجيو كولاتشو وجوسيبي بينياتوني في إيطاليا في ديسمبر/كانون الأول، متعمداً عدم نفي أو تأكيد ما نشر، مختتماً حديثه لـ"عربي بوست" بطلب الرجوع إلى البيانات الرسمية الصادرة عن النيابة العام المصرية.
كانت الصحف الإيطالية قد قالت إن قضية مقتل ريجيني شهدت انفراجاً واعداً في الأيام القليلة الأخيرة، رغم "كثرة العراقيل والمغالطات وطمس الأدلة، ونقص التعاون من الجانب المصري على عدة مستويات"، حسب تعبير جريدة "المانيفيستو" الإيطالية.
وتوقعت الصحف هذه الانفراجة بعد زيارة النائب العام المصري لروما قبل أقل من شهر، والمعلومات التي أدلى بها لنظيره هناك، وأهمها التحقيق مع ضابطي الشرطة المسؤولين عن قتل 5 أشخاص، ومحاولة الإيهام بأنهم شكلوا عصابة للسطو على الأجانب، ومحاولة إلصاق تهمة قتل ريجيني بهم، حسب ما ورد بالصحيفة.
من كان يراقب ريجيني في القاهرة؟
ونقلت الصحيفة في تقرير مطول ما وصفته بتفاصيل لقاء امتد ليومين في العاصمة روما، بحضور المدعي العام المصري نبيل صادق ونظيريه الإيطاليين كولاتشو وبينياتوني، وتم الكشف عن معلومتين جديدتين، الأولى متعلقة بإعلان الشرطة في 24 آذار/مارس 2016 عن قتل خمسة أشخاص متهمين بالضلوع في مقتل جوليو ريجيني، والمعلومة الأخرى بشأن محمد عبد الله نقيب الباعة الجائلين بمصر، الذي ارتبط اسمه بهذه القضية خلال الأشهر الماضية بعد أن ذكرت الشرطة أنه هو المخبر الذي قام بالإبلاغ عن جوليو ريجيني، فيما نفى هو قيامه بذلك.
ووفقاً للصحيفة أيضاً، تم خلال هذا اللقاء الكشف عن هويات عناصر جهاز المخابرات التابعين لوزارة الداخلية، والذين كانوا يراقبون جوليو ريجيني حتى يوم 22 يناير/ كانون الثاني 2016، وليس إلى حد يوم 10 من ذلك الشهر كما ذكر الجانب المصري سابقاً.
وقالت الصحيفة إن مكتب المدعي العام في روما منهمك في ترجمة الوثائق التي قدمها المدعي المصري، "كما أن هناك تسجيلات هاتفية يتم العمل عليها تعود لخمسة ضباط من المخابرات المصرية قاموا بمراقبة ريجيني بعد أن أبلغ عنه محمد عبد الله، وتسجيل آخر يكشف عن آخر مكالمة أجراها هؤلاء حول ريجيني من هاتف موجود في مركز اتصال تابع لهم في مدينة نصر في 22 كانون الثاني/يناير".
حديث عضو النيابة العامة المصرية الذي رفض ذكر اسمه لـ" عربي بوست" كان بمثابة موافقة ضمنية وعدم اعتراض على ما نشر في الصحف الإيطالية، خاصة وأن المعلومات التي تضمنتها بيانات النيابة العامة التي طالب المستشار بالرجوع إليها تتعارض تعارضاً صريحاً مع ما نقلته الصحف الإيطالية عن اللقاء.
وبينما لخصت الصحافة الإيطالية ما جاء به النائب العام المصري لإيطاليا من معلومات جديدة في معلومتين، الأولى، متعلقة بتصريح عناصر الشرطة الذين أعلنوا في 24 مارس الماضي عن قتل خمسة مصريين متهمين بالضلوع في مقتل جوليو ريجيني، والمعلومة الأخرى متعلقة بمحمد عبد الله نقيب الباعة الجائلين بمصر، الذي ارتبط اسمه بهذه القضية خلال الأشهر الماضية بعد أن ذكرت الشرطة أنه هو "المخبر" الذي قام بالإبلاغ عن جوليو ريجيني، فيما نفى هو قيامه بذلك.
ماذا قال مكتب النائب العام عن اجتماع روما؟
بيان النيابة العامة المصرية عن لقاء النائب العام المصري بنظيريه الإيطاليين أشار إلى تقديم الجانب الإيطالي لمصر الحسابات البنكية لريجيني الموجودة في إيطاليا والمملكة المتحدة، وتقديم مصر للجانب الإيطالي كافة المستندات والإجابات التي طلبتها روما، متضمنة صورة من محضر أقوال نقيب الباعة الجائلين بالقاهرة يقول خلاله أن أبلغ الشرطة عن اتصالاته بالباحث الإيطالي حتى 22 يناير وأن الشرطة أوقفت تحرياتها عن ريجيني بعد هذا التاريخ بعد أن تبين أن نشاط ريجيني بعيد عما يهدد الأمن القومي المصري.
أيضاً سلمت النيابة العامة المصرية وفقاً لما أعلنه النائب العام المصري مقطع فيديو مسجل من نقيب الباعة الجائلين الذي لم يذكر البيان اسمه، وفيما يخص الأشخاص الذين قتلتهم الداخلية لتلفق لهم تهمة قتل ريجيني، اكتفى بيان النيابة العامة بذكر أن الجانب المصري أخبر الإيطاليين بأن التحقيقات تضمنت سؤال رجال الشرطة الذين أجروا التحريات حول ريجيني في أوائل شهر يناير الماضي وكذلك من شارك من رجال الشرطة في واقعة تبادل إطلاق النار مع العصابة الإجرامية التي انتهت بمقتلهم فضلاً عن رجال الشرطة المشاركين في العثور على متعلقات ريجيني مع العصابة بتاريخ 24 مارس الماضي .
بيان النيابة العامة بتاريخ 7/12/2016
لماذ يقف ضابطان في قفص الاتهام؟
ولكن الخبر الأهم الذي تم الكشف عنه، يتمثل في فتح تحقيق جديد في مصر واستجواب ضابطي شرطة قاما في أواخر شهر آذار /مارس الماضي بقتل خمسة مصريين بالرصاص، ثم تنظيم تمثيلية للإيهام بأنهم شكلوا عصابة مختصة في السطو على الأجانب، حيث تم وضع وثائق تابعة لجوليو ريجيني في منزل أحدهم للإيهام بتورطهم في القضية، على حد قول الصحيفة الإيطالية.
لكن الصحيفة قالت إن "هناك مخاوف جديدة لدى الجانب الإيطالي، حول فرضية أن الشرطيين اللذين يتم التحقيق معهما الآن هما بدورهما كبشا فداء جديدان ستقدمهما السلطة لتضليل الجانب الإيطالي مرة أخرى. إذ أن جريمة بهذا الحجم لا يمكن أن يقوم بها ضابطا شرطة بهذه البساطة، بل هي على الأغلب مخطط معقد تورطت فيه القيادات العليا في أعلى هرم السلطة في مصر".
واعتبرت الصحيفة أن التحقيق سوف يتطلب المزيد من الوقت والجهود، والمزيد من اللقاءات الثنائية ،"خاصة وأن مصر لم تسلم إلى حد الآن صور أجهزة الكاميرا المطلوبة. ولكن رغم ذلك يأمل المحققون الإيطاليون في التغلب على مغالطات الجانب المصري والتوصل إلى بعض الأدلة التي ستقودهم للحقيقة، من أجل معرفة الأطراف السياسية المتورطة في هذه الجريمة. وسيتطلب ذلك تجاوز كل الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية لطمس معالم الجريمة، من أجل التوصل للأطراف المتنفذة التي أمرت باختطاف ريجيني وقتله".
لماذا أبلغتُ عنه وسلمته للداخلية؟
"إحنا اللي بنتعامل مع وزارة الداخلية هي الوحيدة اللي بتبص علينا، وانتماؤنا لوزارة الداخلية أتوماتيك ، لما ييجي لي ضابط شرطة فرح ويضرب طلق نار بيصيتني (يدعم نفوذي) في المنطقة".
بفخر يتحدث محمد عبد الله نقيب الباعة الجائلين لـ "هافنغتون بوست عربي" عن موقفه من باحث الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني "آه، بلغت عنه وسلمته للداخلية وأي مواطن مصري أصيل مكاني كان هيعمل كده".
ويضيف عبد الله: قابلته 6 مرات. واد أجنبي بيسأل أسئلة غريبة وبيقعد مع الباعة الجائلين في الشارع، ويسألهم عن حاجات أمن قومي. آخر مرة كلمته في التليفون كان بتاريخ 22 يناير وسجلت المكالمة وأرسلتها إلى الداخلية.
وعن الفيديو الذي سلمه النائب العام المصري للمدعي الإيطالي يقول عبد الله إن "النائب العام ما بيقولش حاجة مش مضبوطة، مش ها يرمي بلا عليا (لا يكذب)، أنا ماكنتش بأراقبه، أنا كنت بتعامل معاه. مش ملاحظين الدنيا هديت وإيطاليا سكتت بعد الفيديو ده ؟.
يقول محمد عبد الله إن الفيديو يظهر ريجيني يعرض عليه مبلغاً مالياً مقابل معلومات ينقلها له، رافضاً تحديد طبيعة تلك المعلومات، مؤكداً على قناعته بأن ريجيني جاسوس، أما مبرراته فيحددها نقيب الباعة الجائلين في أنه ليس منطقياً ألا تهتم الدولة المصرية بالباعة الجائلين ويهتم بهم باحث في جامعة أجنبية، "الواد إيطالي وأنا لما كشفته للداخلية الجهة اللي باعتاه موتته، وكل السيديهات تؤكد أن جهة خارجية هي اللي قتلته".
محمد عبد الله اختتم كلامه بخلاصة تقول إن الداخلية لم تقتل ريجيني، "بدليل عدم وجود مشكلة بين مصر وإيطاليا".