شكك عدد من وسائل الإعلام المصرية في حقيقة ما يحدث من انتهاكات داخل سوريا بحق المدنيين وذلك عقب إعلان أجهزة الأمن المصرية عن ضبط شخص وطفلة ووالدتها يقومون بتصوير ما أسمته الأجهزة "فبركة"!
وكانت السلطات المصرية اتهمت مجموعة شباب بتصوير فيديو في بورسعيد على أنه في حلب للترويج كذباً عما يحصل في سوريا.
الأمر الذي نفاه القائمون على المشروع الذين أشاروا أن التصوير يشير إلى أنه "تمثيلي" ويهدف إلى تسليط الضوء على الضحايا من الأطفال والنساء في سوريا لدعمهم وتوجيه أنظار العالم إليها دون الخوض في أي آراء سياسية.
ويظهر في الفيديو طفلة ترتدي ثوباً أبيض عليه دماء وتقف أمام دمار لمنازل تحمل لعبتها بيدها.
وكان بيان الوزارة أشار إلى أن المقبوض عليهم من محافظة بورسعيد الواقعة في شمال شرق محافظة القاهرة وتبعد عنها 220 كيلو متراً، بينهم شاب يدعى مصطفى جاد وهو الشخص الذي كان يقوم بالتصوير، وبصحبته الطفلة رغدة ووالدتها وشقيقها الصغير.
فور نشر البيان بدأت وسائل الإعلام المصرية الاحتفاء بالخبر، ونشره على نطاق واسع تحت عناوين تقول إن هناك فيديوهات مفبركة عما يحدث بسوريا، كان منها عنوان جريدة اليوم السابع "أعداء سوريا كدب بالألوان"
ما أحدثته هذه الصور من ضجة إعلامية دفع بالكثيرين لانتقاده معتبرين أن الصور والأخبار كلها تأتي بهدف تشتيت انتباه المصريين عن حقيقة عما يحصل في سوريا وتحديداً مدينة حلب التي هجّر أهلها من المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية ضمن اتفاق روسي سوري.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد صرّح في وقت سابق دعمه لنظام بشار الأسد في حوار صحفي مشيراً إلى أن "إيجاد حل سياسي للأزمة السورية هو الحل الأمثل، ولا بد من التعامل بجدية مع الجماعات الإرهابية ونزع السلاح منها".
حقيقة الفيديو
" مطلوب بنوتة سنها من 10 لـ13 سنة لتصوير سيشن فري اللي يعرف حد يمنشن" هكذا كانت بداية الفكرة التحضير لتصوير المشاهد عن حلب، حيث كتب مصطفى هذا البوست على صفحته الشخصية "فيسبوك" وهو بداية تواصله مع الطفلة رغدة التي عرفت بالبوست عن طريق أصدقائها حيث كانت معروفة بحبها للتمثيل.
الطفلة رغدة قالت إن مصطفى المصور شرح لها أنه سوف يقوم بتصوير مشاهد عن سوريا، وأنه أوضح أن تلك المشاهد ستكون دون مقابل وأنها تأتي كجزء من مسابقة في بورسعيد".
وبحسب والدة رغدة فإنه مجرد إشارتها أنهم يصورون عن أطفال سوريا للتضامن معهم "انقلبت الدنيا ولم تقعد" على حد قولها.
وتضيف لـ"التحرير" أنها "فوجئت بالضابط يقول "هؤلاء يتاجرون بالصور المزيفة وينشرونها على فيسبوك".
مصطفى مصوّر الفيديو وهو كما أشار إليه علاء أبو زيد رئيس المكتب الفني لنادي سينما قصر ثقافة بورسعيد أحد أعضاء هذا النادي، كان يقوم بتصوير الجزء المختص به من مشروع فني متكامل يقوم به مجموعة من شباب النادي الموهوبين من شعراء وموسيقيين.
أبو زيد أشار في تصريحات لصحيفة "وطن" إلى أن الهدف من المشروع هو تسليط الضوء على الضحايا من الأطفال والنساء في سوريا لدعمهم وتوجيه أنظار العالم إليها دون الخوض في أي آراء سياسية.
عبد الله طيره مؤسس نادي سينما قصر ثقافة بورسعيد أوضح أن القبض جاء أثناء جلسة تصوير لمشروع عمل فني باسم "الطفله حلب" تضامناً مع ضحايا الاشتباكات الدامية في حلب.
كما قال طيره في تصريحات صحفية، إنه هو مخرج هذا العمل لكنه عجز عن التواجد يوم التصوير بسبب ظروف تتعلق بالسفر فقام الشاب المتحمس بالبدء بتصوير العمل دون دراية بالإجراءات الرسمية التي يجب اتباعها قبل البدء في تصوير عمل مماثل ولم يستخرج التصريحات اللازمة.
طيره انتقد تناقل بعض المواقع أخباراً كاذبة تدعي انتماءه لتنظيم يهدف لتأليب الرأي العام، بينما القضية الحقيقية للعمل هي الضحايا من النساء والأطفال، مؤكداً أن الهدف من العمل إنساني نابع من تأثر الفريق بمأساة الضحايا دون أي توجه أو أهداف سياسية.
أعمال سابقة بنفس الطريقة.. وحزن على حلب
وأظهرت صفحة المصور على فيسبوك العديد من الأعمال الفنية التي سبق وصورها بنفس الطريقة حول مشاهد سوريا، حيث نشرت الصفحة بتدوينة في 7 من ديسمبر الجاري ألبوم صور لمشاهد تعبر عما أسماه "شيزوفرينيا انفصام حاد".
وتضمنت الصور مشاهد مختلفة لأشخاص حقيقيين أشار إليهم المصور في كل صورة، ومنها صورة لشخص يقف وهو يرتدي الكفن كتب عليها "ميت على قيد حياتك طوق نجاتك ف الأمل، الفكرة فيك مش في الكفن/بس إنت مش ميت".
فيما ظهر تأثر المصور مصطفى بما يحدث في حلب خلال الأسبوعين الماضيين، وهو ما ظهر في التدوينات التي نشرها على صفحته الشخصية في "فيسبوك"، عبرت عن حزنه لأوضاع حلب.
فيما دشن عدد من أصدقاء المصور هاشتاغاً لنشر حقيقة ما حدث معه، وتوضيح أنه بريء مما نسبته إليه الشرطة المصرية تحت هاشتاغ "مصطفى جبر بريء".
مصير المتهم
المستشار محمد نور الدين الفقيه الدستوري، أشار إلى أن أن هناك تضخيماً للقضية، وأن المتهم إذا ما أثبتت قصور الثقافة أن العمل جزء من مشروع تحت رعايتها فإنه لن تتم إدانته بتهمة فبركة مقاطع فيديو لأغراض سياسية.
وأوضح نور الدين في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أن المصور قد يعاقب بتهمة التصوير بدون ترخيص، وهو أمر تقديري للقاضي قد يخفف تهمته موقف قصر ثقافة بورسعيد وهو جهة رسمية.