تظاهر مئات التونسيين، السبت 24 ديسمبر/كانون الأول، أمام مقر البرلمان للتعبير عن رفضهم لعودة جهاديين تونسيين من الخارج تحت مسمى "التوبة".
ودعا الى التظاهرة "ائتلاف المواطنين التونسيين" الذي يضم منظمات غير حكومية وشخصيات مستقلة رافضة لعودة تونسيين يقاتلون مع تنظيمات جهادية في الخارج.
وقدر منظمون عدد المشاركين في التظاهرة بنحو 1500. وردد المتظاهرون شعارات من قبيل "لا توبة.. لا حرية.. للعصابة الإرهابية".
كما ردّدوا شعاراً معادياً لراشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإسلامية الشريكة في الائتلاف الحكومي الحالي، الذي كان دعا الى "فتح باب التوبة" أمام الجهاديين الراغبين في العودة الى البلاد شرط أن "يتوبوا الى الله توبة حقيقية" ويتخلوا عن العنف.
ورفع المتظاهرون لافتات كتبت عليها شعارات مثل "لا لعودة الدواعش الى تونس" و"إرادة سياسية ضد الجماعات الإرهابية" و"حماية الشعب من الدواعش مسؤولية الحكومة".
وقالت مشاركة في التظاهرة رفضت نشر اسمها: "الإرهابيون لا يتوبون، إذا عادوا فسيعودون الى الذبح والقتل مثلما توعدوا في أشرطة فيديو (نشروها على الإنترنت). على الدولة أن تحمي الشعب من هذا الخطر".
800 تونسي عادوا من بؤر التوتر
ومساء أمس الجمعة قال وزير الداخلية التونسي الهادي المجدوب في جلسة مساءلة أمام البرلمان إن 800 تونسي عادوا من "بؤر التوتر" في إشارة الى ليبيا وسوريا والعراق.
وأضاف الوزير: "عندنا المعطيات الكافية واللازمة عن كل من هو موجود خارج تونس في بؤر التوتر، وعندنا استعداداتنا في هذا الموضوع" من دون أن يحدد عدد هؤلاء.
وفي 26 أغسطس/آب 2015 قال الغنوشي في مقابلة مع إذاعة "شمس إف إم" إن "المفروض أن يبقي باب التوبة مفتوحاً" أمام الجهاديين، داعياً الى "التحاور" معهم "حتى يتخلّوا عن هذه الرؤية السلبية للإسلام" و"حتى نقنعهم بأن ما هم عليه هو تصور خاطئ بالكامل".
وذكر الغنوشي في تلك المقابلة بأن "الجزائر التي بجوارنا اكتوت بنار الإرهاب، وفي الأخير لما جاء الرئيس (عبدالعزيز) بوتفليقة فتح باب الوئام الوطني والمصالحة الوطنية ونزل 5000 من الجبال كانوا يقتلون الجيش الجزائري والشعب، فُتِحت لهم أبواب التوبة والآن اندمجوا في المجتمع".
ورداً على سؤال الإذاعة حول ما إذا كان باب "التوبة" و"الحوار" مفتوحاً أيضاً أمام جهاديين متحصنين في جبال غرب تونس وقتلوا عشرات من عناصر الأمن والجيش، أجاب الغنوشي: "حوار مع كل الناس حتى يتوبوا الى الله، باب التوبة ينبغي أن يظل مفتوحاً الى يوم القيامة لا يغلقه أحد، ولكن توبة حقيقية".
ومؤخراً، أثير من جديد في تونس موضوع "التوبة" وعودة الجهاديين إثر تصريح الرئيس الباجي قائد السبسي خلال زيارته الى فرنسا في الثاني من الشهر الحالي بأن "خطورتهم (الجهاديين) أصبحت من الماضي. كثير منهم يريدون العودة، لا يمكننا منع تونسي من العودة الى بلاده، إنه الدستور" في إشارة الى الفصل 25 من الدستور الذي يقول: "يُحجر سحب الجنسية التونسية من أي مواطن أو تغريبه أو تسليمه أو منعه من العودة إلى الوطن".
وأثار تصريح الرئيس انتقادات كبيرة في وسائل الإعلام المحلية وشبكات التواصل الاجتماعي.
وأعلنت أحزاب ومنظمات ووسائل إعلام ونقابات شرطة رفضها القاطع عودة "الإرهابيين" تحت مسمى "التوبة".
وقد اضطر الرئيس الى "التوضيح" بأنه "لن يتسامح مع الإرهابيين" وسيطبق على العائدين منهم قانون مكافحة الإرهاب الصارم.
ويقاتل أكثر من 5500 تونسي تراوح أعمار أغلبهم بين 18 و35 عاماً مع تنظيمات جهادية خصوصاً في ليبيا وسوريا والعراق وفق تقرير نشره خبراء في الأمم المتحدة في تموز/يوليو 2015 إثر زيارة لتونس.
وبحسب التقرير فإن "عدد المقاتلين الأجانب التونسيين هو بين الأعلى ضمن من يسافرون للالتحاق بمناطق نزاع في الخارج مثل سوريا والعراق".
وبعد الثورة التي أطاحت مطلع 2011 بنظام زين العابدين بن علي، تصاعد في تونس عنف جماعات جهادية مسلحة.
وحصلت الهجمات الكبرى سنة 2015 واستهدفت متحف باردو بالعاصمة، وفندقاً في ولاية سوسة، وحافلة للأمن الرئاسي في العاصمة.
وأوقعت هذه الاعتداءات الثلاثة التي تبناها تنظيم الدولة الإسلامية 72 قتيلاً بينهم 59 سائحاً أجنبياً.
وألحقت الاعتداءات أضراراً بالغة بالسياحة أحد أعمدة الاقتصاد التونسي.