في مطار أديس أبابا حطت طائرة الوفد السعودي 16 ديسمبر/كانون الأول الحالي، في زيارة لم يسبقها تمهيد إعلامي كبير، غير أنها أثارت الكثير من المتابعات والتعليقات، رغم أن ما قدمه الإعلام بشأنها كان الكثير من التغطيات، والقليل من المعلومات.
عربي بوست قرر أن يغطي زيارة الوفد السعودي إلى إثيوبيا من موقع الحدث، من أديس أبابا حيث شهدت أيام الزيارة الثلاثة اتفاقات على عدد من المشاريع والبرامج بين الجانبين، في خطوة هامة وغير مسبوقة بين البلدين.
ورغم أن الجانبين لم يصرحا بتفاصيل هذه المشاريع، إلا أن الخطوط العامة لها تتحدث عن مشاريع تنموية إثيوبية. وتحدثت الصحف الإثيوبية عن بعض مما جرى في هذه الزيارة التي وصفتها بمنحى جديد في العلاقات بين البلدين.
مقترحات عن 10 مشروعات سعودية
كان أحمد الخطيب، وزير صندوق التنمية السعودي ومستشار الملك سلمان، على رأس الوفد. وقالت بعض المصادر الإثيوبية إن المملكة العربية السعودية كانت قد عرضت على إثيوبيا تمويل سد النهضة، لكن الحكومة الإثيوبية أكدت أن تمويل السد قد انتهى، وأن إثيوبيا وفرت كل التمويل اللازم لسد النهضة، ودعت السعودية للعمل معها في عدد من المشاريع التنموية التي تفيد الشعبين والمنطقة ككل.
وتحدث السفير سليمان ددفو، مدير إدارة الشرق الأوسط بالخارجية الإثيوبية لهيئة الإذاعة الإثيوبية، قائلاً إن الزيارة تهدف إلى تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وأن الوفد قام بزيارة لسد النهضة للتعرف على الفرص التي تتوفر في إثيوبيا خاصة مجال توليد الطاقة الكهربائية والاستثمار فيها مستقبلًا. وأوضح أن البلدين اتفقا على عدد من المشاريع، وأن الوفد قدم مقترحاً لعشرة برامج سيعمل فيها مستقبلاً في إثيوبيا، مشيراً "سيعمل البلدان خلال شهر من الآن على تكوين لجنة لتنفيذ هذه الاتفاقيات الموقعة بين البلدين".
يذكر أن إثيوبيا تقوم حالياً بتدشين سد جديد يسمى "قلقل قيبي 3" على الحدود الكينية، بسعة إنتاجية تبلغ 1870 ميغاواط، وهو ما قد يكون هدفاً محتملاً للاستثمارات السعودية.
وتعد العلاقة الإثيوبية السعودية مدخلاً للمملكة مع القارة الأفريقية، برغم العقبات التي واجهتها العلاقات بين البلدين خاصة عقب إعادة العمالة الإثيوبية من السعودية في أعقاب أحداث منفوحة عام 2013 التي كادت أن تؤدي لتوقف العلاقة بين البلدين تماماً ونتج عنها إيقاف إيفاد واستقبال العمالة الإثيوبية إلى المملكة العربية السعودية حتى يومنا هذا.
وأحداث منفوحة تتعلق بأحداث شغب قام بها عمال إثيوبيون في حي منفوحة بالعاصمة الرياض عام 2013، تم خلالها إطلاق النار على رجال الأمن. وأسفرت عن جرح 68 شخصاً بينهم 28 سعودياً وإلحاق الضرر بأكثر من 100 سيارة، وتمكنت الشرطة من إنهاء الوضع بالقبض على 561 إثيوبياً.
جولة في موقع سد النهضة
وخلال زيارته الأسبوع الماضي لإثيوبيا، والتي استمرت 3 أيام، قام الوفد السعودي بزيارة سد النهضة، ووقف على سير العمل فيه، والتقى بالمدير التنفيذي للسد سمنج بقلي، الذي قدم شرحاً مفصلاً عن أهمية السدود الإثيوبية لمحاربة الفقر.
الزيارة نتج عنها العديد من التساؤلات خاصة من بعض وسائل الإعلام والمحللين والخبراء في إثيوبيا، الذين ربطوا هذه الزيارة بخلافات بين القاهرة والرياض، وأن زيارة الوفد للسد ما هي إلا ورقة ضغط للقاهرة.
كان على رأس الوفد السعودي أحمد الخطيب، وزير صندوق التنمية السعودي ومستشار الملك سلمان، ودكتور صالح العواجي وكيل وزارة الطاقة السعودية والرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء السعودية، وضم مملثين لكبرى المؤسسات السعودية، مثل شركة أرامكو للنفط وشركة الكهرباء السعودية ومؤسسة التجمعات الصناعة وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا.
وقامت وسائل الإعلام الإثيوبية بتغطية زيارة الوفد، مشيدة بنجاح الحكومة الإثيوبية في الانفتاح على العالم العربي أخيراً، خاصة تعدد زيارات بعض الدول العربية والتي سبقتها زيارة العاهل المغربي إلى إثيوبيا.
وتأتي زيارة الوفد السعودي إلى إثيوبيا في المراحل الأخيرة لإتمام إنشاء السد، ووسط رؤية بعض الدول أن السد ضد مصالحها، وعلى رأسها مصر.
يذكر أن هذه الزيارة جاءت في أعقاب زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام دسالنج مؤخراً للسعودية، والتي التقى خلالها الملك السعودي وعدداً من المسؤولين ورجال الأعمال، وبحث معهم آفاق الاستثمار في إثيوبيا والفرص المتوفرة.
التجربة الإثيوبية
المدير التنفيذي للسد سمنج بقلي أوضح أن أثيوبيا قدمت تجربة مطولة في بناء عدد من السدود خلال المرحلتين الأولى والثانية، التي يتوقع أن تنتج حوالي 10 آلاف ميغاواط، مما يساعد على تغطية حاجة إثيوبيا من الطاقة.
وقدم الوفد العديد من الأسئلة والاستفسارات عن سد النهضة، وإنتاجه وكيفية تخزين مياه السد، وتجولوا داخل جسم السد الذي بدأ تشييده.
وقال بقلي إن الزيارة تؤكد موقف إثيوبيا وأهمية هذا السد، خاصة أن العديد من الدول تضع نصب أعينها التعاون مع إثيوبيا خلال المراحل القادمة، مشيراً إلى أن زيارة الوفد السعودي تدحض جميع الاتهامات التي كانت توجه لإثيوبيا، "هذا يوضح أن إثيوبيا تهدف لتنمية شعبها والمنطقة"، حسب تعبيره.
وقال أحمد الخطيب وزير صندوق التنمية السعودي ورئيس الوفد في حديث لهيئة الإذاعة الإثيوبية، إن هذا السد يعتبر من أكبر السدود في العالم، وسوف يسهم في تنمية الشعب الإثيوبي وشعوب المنطقة ككل، وتحدث عن جاهزية المملكة للتعاون مع إثيوبيا في مختلف المجالات.
وأوضح أن الوفد التقى بكل من وزراء الزراعة والتجارة والصناعة والسياحة والتعدين والخارجية الإثيوبيين، وأن البلدين سيعملان معاً لتطوير آفاق التجارة والاستثمار خلال المراحل القادمة وأن هناك العديد من المشاريع المشتركة بين البلدين.