تحت عنوان "مع الحب.. من حلب المثلجة" نشرت الصحفية الروسية ماريا فينوشينا مراسلة قناة "روسيا اليوم" باللغة الإنكليزية، فيديو بُث مباشرة على فيسبوك من داخل المدينة حمل رسالة قالت فيها باختصار أنّ الحرب انتهت وحلب آمنة.
يأتي ذلك في الوقت الذي ارتبط فيه اسم هذه المدينة بأخبار القتل والموت كان آخرها اغتيال السفير الروسي بالعاصمة التركية أنقرة الذي جاء بحسب منفذ الاغتيال "لأجل حلب".
الفيديو الذي حقق نسبة مشاهدات عالية وانتشر بشكل واسع على الشبكات الاجتماعية اعتبره كثيرون صادماً بعيد كل البعد عن الواقع المأساوي التي تعيشه المدينة شبه المدمرة، مبررين ذلك حرص الصحفية تصويره في شوارع لا تنقل حقيقة الواقع.
وبحسب المشاهد في الفيديو الذي نشرته 21 ديسمبر/كانون الأول يبدو أنه قد تمّ تصويره في شوارع حلب الغربية التي كانت منذ بداية الأحداث تحت سيطرة النطام السوري، ولم تتعرّض لدمار أو قصف على عكس الأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة المعارضة وتعرضت لقصف عنيف طيلة السنوات الماضية.
في أحد هذه الأحياء الغربية تأتيها كرة من الثلج تضربها من الخلف فتتوقف وتقول: "كرة ثلج.. يمكنني تقبل ذلك لكن المهم أنها ليست رصاصة أو قذيفة"، وهو أمر لم يخيّر به أهل حلب الشرقية قبل أن يتم إخراجهم من منازلهم نتيجة القصف المكثف من المقاتلات الروسية والجيش السوري.
وكان الدفاع المدني السوري قد أعلن قبل أيام من تهجير المدنيين من شرق حلب عدم قدرته على إنقاذ المزيد من العالقين تحت ركام منازلهم وعدم قدرته على توفير إحصائيات لأعداد القتلى.
حلب المدينة المبهجة
ماريا والتي بحسب ما أشارت فإنّ هذه المرة العاشرة لها في الأراضي السورية منذ اندلاع الأحداث منذ خمس سنوات، ركزت من خلال تعليقاتها أن تنقل للعالم حلب بصورة مبهجة مغطاة بالثلوج تعيش حياتها الطبيعية، حيث تناولت الفلافل التي تلقتها كضيافة من أحد المحلات "الشعب هنا بعد كل هذه المعاناة لم ينسوا كيف يكونوا سعداء وشكورين ومضيافين وخاصة الأطفال"، على حد قولها.
ما تذكره ماريا يأتي مغايراً لما نشرته وكالة رويترز من تقرير ضمّ صوراً لحلب قبل وبعد الدمار، 10 صور اختصرت فيه الدمار الذي آلت إليه أهم معالم المدينة ، وهو جزء بسيط من مئات الصور التي نقلت البعد الاخر للانفصال بين جزئي المدينة ، حيث يسير الآلاف من المدنيين الفارين من القصف وسط الشوارع المدمرة أملا باللحاق بأحد الباصات التي ستخرجهم من مدينتهم التي تحولت الى مدينة اموات.
وكانت المعارضة السورية اتفقت في وقت سابق مع كل من روسيا وإيران على اخراج جميع المدنيين والمقاتلين المحاصرين بحلب الشرقية ويقدر عددهم بأكثر من 60 ألف نسمة ، مقابل اخراج 4000 آلاف مدني من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين بريف إدلب والتي قطنهما غالبية شيعية مؤيدة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
تتابع ماريا سيرها وسط شوارع مدينة حلب حيث تلتقي برجل وطفلته الباكية لتسأله عن سبب البكاء، مبررا ذلك شعورها بالبرد، لتكافئها بقطعة من الشوكولا، لتتركها مطاردة شاب في سن المراهقة مستغربة حمله للسلاح وارتدائه الثياب العسكرية ، لتستدرك الأمر بأن "البلاد في حالة حرب".
رغم حالة الحرب التي تذكرها المراسلة الصحفية الروسية إلا أنها تقول انها تشعر بالأمان هنا "ليست صحراء وليست خطيرة كما يصورها كثيرون" ،وأن الحرب انتهت وحلب آمنة بعد إفراغ القسم الشرقي من المقاتلين والمدنيين بشكل كامل.
وكان سلاح الجو الروسي بدأ بتوجيه ضربات جوية في الأراضي السورية بتاريخ 30 سبتمبر 2015، بعد أن طلب الرئيس السوري بشار الاسد دعمًا عسكريًا من موسكو ووافق مجلس الاتحاد الروسي على تفويض الرئيس فلاديمير بوتين استخدام القوات المسلحة الروسية خارج البلاد.
تمر المراسلة الروسية بالكثير من الشوارع التي لا تخلو من الجدران او المحلات المزينة بالعلم السوري، في وقت ودع أهالي حلب الشرقية جدران مدينتهم بعبارات تدعو ألى الأمل بالعودة بعد تهجيرهم ومنها عبارات تتسم بالتحدي للنظام السوري وداعميه.
الشعب السعيد و "المذهل" كما وصفته ماريا كان يقف تحت الثلوج في طابور يتألف مما يقارب العشرين شخصا بين امرأة ورجل املا بالحصول على رواتبهم من الصراف الآلي ، حيث تخبرها احدى الفتيات بانها تقف لايام تحت المطر والثلج املا بالحصول على راتبها.
تكمل ماريا تنقلها في القسم الغربي قائلة "لدي صور وأخبار تقول أن الرصاص يتطاير من كلّ مكان، ولكن الحياة جميلة هنا وأنا هنا لأنقل الحقيقة" ، لتبشر متابعيها انها ستكون في نقل مباشر في اليوم التالي من مدينة حمص، والتي هجر اهلها منها في وقت سابق بصفقة شبيهة بصفقة حلب.
وكان اخر المقاتلين خرج من مدينة حمص السورية في الحادي عشر من شهر ايار عام 2014 ضمن صفقة بين النظام السوري ومقاتلي المعارضة المحاصرين ضمن المدينة القديمة ، فيما بقي حي الوعر محاصرا بسكانه الذين يقدرون ب 150 الف نسمة
تختتم المراسلة الروسية بثها المباشر من ساحة الفندق الذي تقطن فيه باعلان حلب منطقة آمنة ، آملة ان يهب الثلج السلام والأمل للبلاد "رغم وجود العديد من المدن خارج سيطرة الدوله السورية ، دير الزور على الحدود العراقية، مدينة تدمر الاثرية. ادلب حيث خرج مقاتلي حلب الشرقية الى هناك ، هي مناطق بالكامل خارج سيطرة النظام.