يا بلسم جراحات الوطن

وسينهض من رحم الأرض صفية جديدة تخوض معامع ما مزقته الحرب، وتؤسس لعدل دفع أهل حلب لأجله أثماناً وأيما أثمان، لن تنشئ صفية الجديدة مدرسة واحدة تحمل اسم الفردوس، بل ستجعل حلب كلها فردوساً.

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/18 الساعة 02:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/18 الساعة 02:46 بتوقيت غرينتش

لن تموت حلب، أم الشام لن تنطفئ جذوتها، ولو مرت بكابوس لئيم يطبق على أنفاسها، وكما كتب لنا التاريخ عن أيام بيضاء كانت فيها نساء حلب منهن الفقيهة والعالمة والأديبة والسياسية، فسنكتب قريباً أن هذه المعجزة التي تسمى حلب عصية على الانكسار.. وأن رحمها ولّاد باستمرار مهما داستها جيوش الظلام.

لن تموت حلب التي تفخر بفاطمة بنت قريمزان الحلبية الفقيهة الحنفية من فقهاء القرن العاشر الهجري شيخة الخانقتين العادلية والدجاجية معاً، والتي انتهت إليها رئاسة نساء زمانها في حلب، وسنكتب عن حفيدتها فاطمة الحلبية التي ستقيم أركان بنيان فقهي انهار بين يدي فقهاء سكت معظمهم عن ظلم سلطان جائر تارة، وظلم خارجي "متفيقه" جرَّ البلاد والعباد إلى الويلات تارة.

لن تموت حلب التي أنجبت منذ خمسة قرون عالمة الرياضيات والهندسة والفلك ومخترعة الإسطرلاب المعقد مريم الإسطرلابي ابنة كوشيار الجيلي، وكما عملت مريم على رفعة بلادها في بلاط سيف الدولة، فستعمل حفيدتها مريم الحلبية في مصانع بلادها ومراصدها الفلكية بعيداً عن عين الظلم والقهر ومراصد المخابرات وأجهزة الخوف!

لن تموت حلب التي أهدت لنا يوماً سارة بنت أحمد بن عثمان بن الصلاح الحلبية، الشاعرة الأديبة، والطبيبة المتميزة، وكما أنشدت سارة يوماً: "باليمن والسعد والتأييد والظفر ** قدمت يا خير الأملاك من مصر"، فستنشد حفيدتها سارة الحلبية أبيات تليق بمطهّر مصر، مما ترزح تحته من همّ هو اليوم أحد أسباب وجع حلب وكل بلاد العرب!

لن تموت حلب التي ظلت تذكر أميرتها الجليلة صفية بنت الملك العادل التي ملكت حلب بعد وفاة ابنها الملك العزيز، وتصرفت في الملك تصرف أشهر السلاطين، وقامت بمملكتها أحسن قيام خلال ست سنوات، فأنشأت بحلب مدرسة الفردوس وجعلتها تربة ورباطاً ووقفت عليها أوقافاً عظيمة.

وسينهض من رحم الأرض صفية جديدة تخوض معامع ما مزقته الحرب، وتؤسس لعدل دفع أهل حلب لأجله أثماناً وأيما أثمان، لن تنشئ صفية الجديدة مدرسة واحدة تحمل اسم الفردوس، بل ستجعل حلب كلها فردوساً.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد