الوزير لن يغادر.. خبراء أمن يشرحون أسباب التمسك بوزير الداخلية المصري بعد حادثي الهرم والكنيسة البطرسية

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/12 الساعة 12:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/12 الساعة 12:49 بتوقيت غرينتش

التفجير داخل الكنيسة البطرسية بالعباسية، أمس (الأحد)، الذي راح ضحيته أكثر من 25 قتيلاً وعشرات المصابين، سبقه بيومين تفجير محيط مسجد السلام بالهرم يوم الجمعة الماضي، وراح على أثره عدد من رجال الشرطة. الحادثان دفعا بعض تعليقات الرأي العام على الشبكات الاجتماعية ومواقع الأخبار للمطالبة بإقالة وزير الداخلية المصري اللواء مجدي عبد الغفار، باعتباره المسؤول عن حفظ الأمن في البلاد، وهذه التفجيرات تعد دليلاً على فشله في القيام بمهمته الرئيسة.

هذان التفجيران هما الأخيران في مسلسل التفجيرات التي شهدتها مصر خلال العامين الماضيين، باستثناء ما يحدث في شمال سيناء.

تحدثت "عربي بوست"، مع العديد من خبراء الأمن، لتقييم الحالة الأمنية خلال فترة تولي الوزير مجدي عبد الغفار، وإمكانية أن يستجيب الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة شريف إسماعيل، لمطالب المحتشدين أمام الكاتدرائية، والعديد من النواب وإقالته.

استجواب للوزير في البرلمان

كان أول المطالبين بإقالة وزير الداخلية، جموع الأقباط وأهالي الضحايا أمام الكنيسة البطرسية بالعباسية بعد الحادث، بهتافهم "ارحل.. ارحل".

وبعدها، طالب العديد من النواب بإقالة الوزير، بسبب ما يرونه "تقصيراً أمنياً تسبب في وقوع حادث تفجير الكنيسة البطرسية، وغيره من الأحداث الدموية التي شهدتها أنحاء الجمهورية".

وقال النائب محمد عمارة، عضو مجلس النواب، في استجوابٍ طلب من رئيس المجلس توجيهه إلى وزير الداخلية: "إن أجهزة الأمن هي السبب الرئيس في المجزرة الإنسانية البشعة التي تعرضت لها الكاتدرائية بالعباسية"، متسائلاً: "أين كانت الحراسة الأمنية أمام الكنيسة عندما دخلت السيدة التي كانت تحمل 12 كيلوغراماً من المتفجرات شديدة الخطورة؟".

واجب الوزير إصلاح جهاز الشرطة أولاً

رأى محمود السيد قطري، عميد شرطة سابق وخبير أمني، أن ما تشهده وزارة الداخلية "أكبر من إقالة وزير أو مسؤول، فقبل ذلك هناك العديد من المطالب بإصلاح الجهاز برمته".
وقال قطري إن "جهاز الداخلية مهترئ وبه مشاكل وشروخات عميقة، ويحتاج لإعادة هيكلة، وإعادة بناء"، على حد قوله.

وتابع قطري لـ"عربي بوست"، أنه يجب إعادة بناء الجهاز من ناحية مستوى الفكر الأمني؛ لأن منظومة الداخلية فاسدة العقيدة ومنحرفة، وتتبع أسلوب حماية النظام وليس حماية القانون والمجتمع، لذا يجب تغيير المنهجية الكاملة للجهاز وليس الوزير فقط.

ونوه الخبير الأمني بأنه من الناحية الأخرى لا بد من تحقيق بعض الاستقلال للقرار الشرطي، وإنهاء العداوة بين رجال الشرطة والشعب، فلا يجب على رجل الشرطة تلفيق التهم أو الرشوة، مطالباً بسن قوانين لتقنين ذلك.

وبالنسبة للتشريعات، أوضح قطري أنه يجب إصدار تشريعات تحمي المواطن من تجاوزات رجال الشرطة، والحفاظ على الكرامة الانسانية، إضافة إلى إصدار تشريعات تحمي رجال الشرطة أيضاً في أثناء تأدية العمل وتحافظ على سلامتهم.

وأشار إلى أنه "يوجد في القانون بند (الدفاع الشرعي)، ولكن لا يمكن استخدامه دائماً، فلا يجب عند كل مشاجرة بين رجل شرطة ومواطن أن نجد المواطن مقتولاً ويتم تبرئة الجاني بزعم الدفاع عن النفس".

وطالب الخبير الأمني، بوضع كاميرات لتصوير كل عملية تقوم بها "الداخلية" لمنع "ما قيل وما يقال" -التهم التي تُوجه لـ"الداخلية" بعد كل عملية، وكذلك التأكيد على كل رجال الشرطة بحقوق الإنسان والعدل وتدريسها في المعاهد التدريبية.. وتأكيد أن الاعتداء على المواطن جريمة مخلّة بالشرف.

مطالب الإقالة تدعم الإرهاب

اللواء فؤاد علام، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة السابق والخبير الأمني، يصف من يطالب بإقالة الوزير بـ"الجاهل"، ولا يصح أن يُثار مثل تلك المطالبات لأنها تدعم الإرهاب، على حد وصفه.

معظم دول العالم تلاحقها العمليات الإرهابية في الفترة الحالية، حسب قول الخبير الأمني، من فرنسا إلى ألمانيا وتركيا، "فهل طالب نوابهم ومواطنوهم بإقالة وزير الداخلية؟".

ودافع اللواء علام، خلال حديثه لـ"عربي بوست"، عن موقف الوزير بأن "المواطن العادي أو حتى نائب الشعب لا يعلم ظروف عمل الوزير، أو المعلومات التي بحوزته، أو أوجه القصور التى يعالجها حالياً، وجاهلٌ من يفتي بغير علم".

الخبير الأمني الذي أكد أنه لا يتوقع إقالة عبد الغفار، قال إن من قام بالتفجير شاب يرتدي حزاماً ناسفاً وليس سيدة كما يدّعي البعض، وهو "معتاد دخول الكنيسة منذ عامين للصلاة ويعلمه رجال الحراسة جيداً، وتم تجنيده من جهات خارجية، وسيتم الكشف عنه من قِبل أمن الدولة خلال ساعات أو يزيد قليلاً"، حسب قول الخبير.

وبعد إنهاء المكالمة مع اللواء علام، بعدة دقائق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اسم شاب قال إنه نفذ هجوماً انتحارياً على الكنيسة الملاصقة لكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس أمس موقعاً 24 قتيلاً، وإن 4 آخرين قد تم توقيفهم، وذلك في وقت تتصاعد فيه الشكوك لدى الأقباط حول كيفية دخول منفذي العملية إلى الكنيسة التي تعد أشد الأماكن القبطية حراسة من قبل الأمن المصري.

وأشار السيسي، في كلمة مقتضبة ألقاها في أثناء مشاركته في تشييع جثامين الضحايا، إلى أن مرتكب الاعتداء "محمود شفيق محمد مصطفى يبلغ من العمر 22 عاماً وفجّر نفسه بحزام ناسف"، مضيفاً: "تم توقيف 3 أشخاص (مشتبه فيهم) وسيدة، وما زال يجري البحث عن اثنين".

إلا أن تصريحات السيسي لم توضح ما قاله الخبير الأمني من أن الشاب يصلي في الكنيسة منذ عامين بالفعل، أو أنه تم تجنيده من جهات خارجية أم لا.

عدد من النواب، أبرزهم مصطفى بكري، قالوا أيضاً إنهم ضد ما أثير حول ضرورة إقالة وزير الداخلية على اعتبار أن الحادث الذي وقع اليوم هو أكبر من شخص وزير الداخلية، حسب تفسيرهم.

إقالة الوزير في أقرب تعديل وزاري

اللواء عبد السلام شحاتة، الخبير الأمني، أكد أن التقصير الأمني وراء تفجير الكنيسة وغيرها من الحوادث الإرهابية التي تشهدها مصر، "ومن الأرجح أنه لن يتم إقالة وزير الداخلية حالياً؛ لأنه يوجد العديد من القضايا الشائكة بيد الوزير لم تُغلق أوراقها حتى اللحظة الحالية".

وأوضح اللواء شحاتة أن مهمة رجال الشرطة والأمن الوطني الأولى منْع الجريمة قبل وقوعها، والمهمة الأخرى القبض على الجاني وتتبع أثره.

وتوقع شحاته، خلال مكالمة هاتفية مع "عربي بوست"، إقالة الوزير في أقرب تعديل وزاري مع العديد من الوزراء الآخرين، وذلك في حالة تكرار تلك الحوادث الإرهابية.

ونوه عبد السلام شحاتة، إلى أن "الوزير عبد الغفار لم يحقق خلال فترة توليه الوزارة إنجازات ما تعزز موقفه في البقاء بالوزارة.. ولكن ما سيحميه لفترة معينة العديد من القضايا الإرهابية التي يجب أن تغلق ملفاتها ويتم القبض على مرتكبيها".

وتولى اللواء مجدي عبد الغفار، وزارة الداخلية في مارس/آذار 2015، خلفاً للواء محمد إبراهيم، بعد إحالته إلى المعاش قبل 4 أعوام، بعد أن شغل منصب نائب رئيس الأمن الوطني (أمن الدولة سابقاً).

ونشرت العديد من المواقع المصرية أبرز التفجيرات التي شهدتها مصر خلال عهد مجدي عبد الغفار وزير الداخلية، وكان منها:

– تفجير أبراج الكهرباء المغذية لمدينة الإنتاج الإعلامي، وانقطاع بث القنوات الفضائية لمدة يوم كامل

– تفجير مبنى القنصلية الإيطالية، ومقتل شخص وإصابة آخرين.

– محاولة اغتيال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق بمنطقة 6 أكتوبر.

– تفجير مبنى الأمن الوطني بمنطقة شبرا الخيمة .

– اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات في مصر الجديدة.

– محاولة تفجير قسم ثاني أكتوبر، الذي أدى إلى مقتل 3 مدنيين.

– تفجير مدرعة تابعة لجهاز الشرطة في منطقة العريش، وإصابة 21 مجنداً.

– إطلاق الرصاص على اللواء خالد عثمان من قوة الأمن المركزي، ونتج عنه استشهاده في الحال.

– هجوم إرهابي على كمين شرطة بميدان العتلاوي في العريش، ونتج عنه استشهاد 5 من رجال الشرطة، وإصابة 12، 10 منهم من الجنود، واثنان من المدنيين .

– مقتل اللواء عادل رجائي أمام منزله بالعبور، إثر إطلاق النار عليه من مسلحين يستقلون دراجة نارية.

– انفجار عبوة ناسفة بشارع الهرم يوم 9 ديسمبر/كانون الأول 2016، أدت إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة آخرين.

– انفجار قنبلة بالكاتدرائية في العباسية ومقتل 26، وإصابة 45 آخرين.

لا يجب إقالة الوزير بسبب تفجير

اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمني، طالب بعدم التحدث في القصور الأمني نهائياً حتى وإن وجد؛ لكون ذلك نوعاً من جلد الذات، ولا يتبع طريقة إقالة المسؤول بعد كل حادث سوى الدول المتخلفة، على حد وصفه.

ونوه مساعد وزير الداخلية السابق، بأن اللواء مجدي عبد الغفار حقق الكثير من النجاحات؛ منها: عودة الأمن والاستقرار، والضربات الاستباقية التي يوجهها للخلايا النوعية.

وأضاف نور الدين لـ"عربي بوست"، أن جهاز الداخلية استطاع خلال فترة الوزير الحالي تفكيك والقضاء على مئات الخلايا الإرهابية، ولكن لا يوجد أي محاكمة ناجزة لأحدهم حتى الآن.

وأشار الخبير الأمني إلى أن التقصير التي تشهده مصر ليس من أجهزة الأمن، ولكن نتيجة عدم وجود محاكمات عاجلة، قائلاً: "لم يتم القصاص من أي مرتكب لجريمة إرهابية حتى اللحظة الحالية".

وقال اللواء نور الدين، إن وزير الداخلية الحالي نجح في ضبط الأسواق، والقضاء على العديد من البؤر الإرهابية، ومحاربة الجرائم الجنائية، "أما بخصوص التفجيرات، فهي تحدث في جميع دول العالم ولا يجب إقالة وزير بسببها".

تحميل المزيد