كنت أنا وصديقي عمر في درس المحاسبة، حاولنا أن نتفاعل مع المحاضرة، وكنا نحاول أن نفهم كل المعلومات التي تطرح، ونسأل المدرسة، ولكن بعد سؤالين، قالت:إذا كان لديكم المزيد من الأسئلة بإمكانكم أن تطرحوها بعد انتهاء الدرس وبعبارة أخرى "كفى أسئلة"، فرأيت صديقي عمر يكتب ملاحظة صغيرة بجانب الموضوع "YouTube"، فقلت له: يا صديقي
"الشهادة من الجامعة والعلم من اليوتيوب"
نسيت المحاضِرة أن تسمع اسئلتنا؛ إذ بدأت بحزم أغراضها وغادرت مسرعة ربما تفادياً لأسئلتنا، أو لبعض الانشغالات الخاصة، التفت إليّ عمر وقال: لا تهتم، كل شيء في "google" موجود.
ذهبت المحاضرة وتركتني وحيداً مع أسئلتي، وجلست بعدها أبحث في اليوتيوب عن الفكرة التي لم أفهمها، ولكن المميز في الأمر أن ذلك الأستاذ الذي في اليوتيوب لم ينزعج من إعادتي للمحاضرة لمرات عديدة أو انشغالي بالحديث مع صديق، ولم يخبرني أني لا أستطيع أن أشرح الموضوع لحضرتك مرتين، وإنما كان يقول ضعوا تعليقاتكم إن كان هناك أي جزئية لم أتمكن من توضيحها.
وإذا كانت الجامعة هي مصدراً للشهادة فلماذا نضيع أربع سنوات من أعمارنا بالإضافة إلى آلاف الدولارات من أجل قطعة الورق تلك؟
تحدثني زميلتي مريم وهي على وشك أن تكمل رسالة الماجستير في الهندسة المعمارية بأنها لم تتمكن من الحصول على فرصة عمل؛ إذ إن أغلب الشركات تطلب خبرة لا تقل عن سنتين لقبول المتخرجين الجدد، وكيف يحصل الطالب على هذه الشهادة في حين أنه أمضى كل سنوات حياته التي عاشها للحصول على الشهادة؟!
"صاحب الخبرة مقدم على صاحب الشهادة" هذا لسان حال أغلب الشركات، فماذا يفعل الطالب الذي أمضى سنوات حياته في التعليم الأكاديمي، وفي نهاية المطاف لا يجد العمل الذي يلبي سنوات عمره التي قضاها في الدراسة.
ربما على الجامعات أن تغير من طريقتها الكلاسيكية في التعليم، فالخبرة هي العامل الأول في التوظيف، ثم بقية العوامل تأتي تباعاً فإذا كانت الخبرة العملية التي تعطى للطالب مساوية للمعلومات التي تعطى له، قد يزيد هذا الشيء من مستقبل الطلاب في الحصول على مستقبل أفضل؛ لأنهم عبروا الحاجز الذي تطلبه أغلب الشركات.
قد يظهر من يحمل لواء الدفاع عن النظام الجامعي منتهي الصلاحية ويقول: ماذا عن كلية الطب كيف يكون طبيباً ماهراً من غير أن يتخرج في الجامعة، ربما قد يكون صديقنا نسي أن الطالب في كلية الطب يبدأ بالذهاب إلى المستشفى من المرحلة الثالثة، ناهيك عن الدروس العملية التي قد تصل إلى نصف المواد الدراسية.
"ليست كل العلوم من اليوتيوب" أتفق معك في هذه الجزئية، ولكن الغالبية العظمى عدا بعض الاستثناءات، فأصبح بإمكانك أن تجد أغلب العلوم التي تريد دراستها من خلال الإنترنت.
"البريستيج المجتمعي" هو ما يجعل الحصول على تلك الورقة ضرورة مُلحة لأغلب الأشخاص، فقد يرفض كلامك ويستمع لكلام الآخرين الذي ربما يكون خطأً لسبب واحد، ربما أنه يضم قبل اسم حضرته حرف الـ"د".
يا صديقي.. ختاماً إن الدخول إلى سوق العمل هو عبارة عن معادلة، طرفاها الجامعة والخبرة، فاحرص على أن تكون لديك الخبرة الكافية قبل مغادرتك للحياة الجامعية.
لكل طالب جامعي لديه قصة فريدة مع مدرسةٍ على اليوتيوب، شاركونا بها.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.