ألا إن بعض الفشل نجاح

عيبنا أننا لا نرى سوى خيار واحد؛ إما الفشل أو النجاح، أي إما أن ننجح في أول تجربة أو يلتصق بنا عار الفشل طوال حياتنا، لكن العار الوحيد هو أن تفشل، وتبقى في فشلك دون أي محاولة لإنقاذ نفسك، كأنك تنتظر إيجاد مصباح علاء الدين؛ لتقوم بفركه قليلاً ليخرج لك الجني الأزرق يخلصك من الفشل، ويحقق لك النجاح في رمشة عين.

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/08 الساعة 06:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/08 الساعة 06:15 بتوقيت غرينتش

الإخفاق والرسوب والفشل كثيراً ما مررنا بهذه الكلمات وعشنا هذه اللحظات، التي أفقدت البعض منا القدرة على الصمود والاستمرار، وكان خيارهم البقاء في محطة الفشل أو الرجوع إلى الوراء للبكاء على ما حدث، وكأنها نهاية العالم، والبعض الآخر زادته القوة والعزيمة ليكمل المسار من خلال مجاهدة وتصميم، أياً كان الفشل محفزاً لهم للبدء من جديد، وتحدياً للذات مرة أخرى.

الفشل إن كان أحياناً يقودنا للقمة، وأحياناً أخرى للهلاك، فهذا الشيء نحن من نحدده، كل منا حسب تفكيره وقدرته على الصمود أكثر ومدى ثقته بنفسه، فأنا مثلاً تعرضت لعدة تجارب باءت بالفشل، وبعد كل فشل كنت أشعر بالتحطم والتذمر، وأبدأ بإلقاء اللوم تارة على نفسي وتارة أخرى على حظي "المتعثر"، لكن كانت لديَّ رغبة شديدة لمعرفة مصدر الخطأ، بدلاً من البقاء في تلك الحفرة المظلمة أجلس وحيدة للتفكير في كيفية النهوض ومتى سأنهض؟ أنهض اليوم، لا بل غداً؟ فلمَ العجلة المهم أن أجد مخرجاً؟ أفكر كثيراً في استبدال طريقة عملي وتفكيري، أبحث في حياة أشخاص وعلماء حققوا إنجازات عظيمة بعد كل فشل حصل معهم.

فالشخص الذي لا يفشل هو من لا يعمل، وإذا لم تفشل فلن تذوق طعم النجاح قط.

امضِ في طريقك، وتذكر أنك ستصطدم بالكثير من العقبات والعثرات وأشواك اليأس، وستخالط كثيراً من الأشخاص ذوي الحس التشاؤمي والنظرة السلبية، كل هذه الأحداث ما هي إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرصاً أحلى للنجاح، فلا تخشَ فشلك ولا تخجل منه.

صحيح أن الكل يسعى للكمال، وما الكمال إلا لله سبحانه وتعالى، كما أنه لا نجاح دون الخطأ والسقوط والنهوض مراراً وتكراراً، وبعده يبدأ التغيير والتصحيح نحو ما نسعى إليه فنحن لم نُخلق عبثاً.

خلقنا لنعمر الأرض ونحقق إنجازات عظيمة، كل منا وجد لهدف أسمى، ودورنا معرفة الهدف من وجودنا، وإدراك حقيقة من نكون.

علينا البحث في أنفسنا والتعمق فيها، ونحاول جاهدين بعد كل فشل أن ننهض وننفض غبار اليأس، ونبحث عن العطب، فنقوم بإزاحته أو استبدال منهج الحياة والاستراتيجيات البالية بدل الالتصاق بها، فلو لا الفشل لافتقدنا التجربة والخبرة في حياتنا، إنها النقطة المحفزة لعقولنا، التي تزيد من من إصرارنا بخطوات جريئة نحو مستقبل مزدهر بالعطاء.

مشكلتنا أننا تعودنا وتبرمجنا على أن نسلك إما طريق الفشل أو النجاح، أي إن حدث وإن سلكت طريق الفشل فتلك هي نهايتك، لا يمكنك تصحيح الطريق أو المضي في طريق الفشل حتى تبلغ النجاح.

عيبنا أننا لا نرى سوى خيار واحد؛ إما الفشل أو النجاح، أي إما أن ننجح في أول تجربة أو يلتصق بنا عار الفشل طوال حياتنا، لكن العار الوحيد هو أن تفشل، وتبقى في فشلك دون أي محاولة لإنقاذ نفسك، كأنك تنتظر إيجاد مصباح علاء الدين؛ لتقوم بفركه قليلاً ليخرج لك الجني الأزرق يخلصك من الفشل، ويحقق لك النجاح في رمشة عين.

لا تحلم بهذا.

هي دعوة لتبدأ بالتفكير منذ هذه اللحظة في الخطوات الخاطئة التي أوصلتك للحظة التي قلت فيها لو غيّرت تلك الخطوة من الماضي لما كنت هنا لما فشلت.

هي دعوة لتقدِّر ذاتك، وتشجع نفسك بنفسك، وتوسع تفكيرك المحدود، حتى لو لم تسرِ الأمور كما كنت تتمنى وتطلب، فما دُمتَ تحاول النجاح فأنت سائر في دربه، وليس كل نجاح تراه في عينيك يكون فعلاً نجاحاً.

وإن كان النجاح ليس دائماً يتحقق، فالفشل أيضاً ليس دائماً سيعترض طريقك، ولا تدخل هذا العالم وتخرج منه مثلما دخلت.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد