أعلن رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي الأحد 4 ديسمبر/كانون الأول 2016، استقالته خلال خطاب مباشر على التلفزيون، موضحاً أنه سيسلمها الإثنين إلى الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، وذلك إثر إقراره بهزيمته في الاستفتاء حول إصلاح دستوري يقضي يتقليل صلاحيات مجلس الشيوخ.
ورفضت غالبية ساحقة من الإيطاليين الأحد الإصلاح الدستوري الذي اقترحه رينزي، وفق ما أظهر استطلاع لدى خروج الناخبين من مراكز الاقتراع.
وقد حصلت "لا" على ما بين 54 و58 % من نسبة الأصوات، فيما حصلت "نعم" على ما بين 42 إلى 46%.
وقال رينزي بعد هزيمته إن مهمته كرئيس للوزراء "تنتهي هنا"، مشيراً إلى أنه سيقدم استقالته الإثنين إثر جلسة لمجلس الوزراء.
وكان الناخبون الإيطاليون أدلوا بأصواتهم الأحد في استفتاء حول إصلاح دستوري تحول مع صعود الشعبويين إلى تصويت لصالح رينزي (يسار وسط) أو ضده.
وقبل صدور النتائج، أثار الغموض في إيطاليا قلقاً في أوروبا وفي أسواق المال التي تخشى بعد صدمة قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي وصعود الحركات الشعبوية، مرحلة جديدة من عدم الاستقرار في ثالث اقتصاد في منطقة اليورو.
وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة 23,00 (22,00 ت غ) أمام أكثر من 46 مليون ناخب، بينما انتهى الاقتراع لنحو 4 ملايين إيطالي في الخارج صوتوا بالمراسلة مساء الخميس.
57% نسبة المشاركة
وأعلنت وزارة الداخلية أن نسبة المشاركة بلغت 57,22 % حتى الساعة 20,00 (19,00 ت غ).
وبعد حملة تخللتها هجمات شرسة بين مؤيدي الإصلاح ومعارضيه، اندلع جدل جديد يوم الاقتراع يتصل بالأقلام التي دعي الناخبون إلى استخدامها.
وكانت وزارة الداخلية وزعت للاستفتاء أقلاماً لا يمكن محو حبرها، لكن ناخبين أكدوا العكس. وسارع قادة حركة "خمسة نجوم" الشعبوية وحزب رابطة الشمال اليميني المتطرف إلى التنديد بما اعتبروه "تجاوزات".
وكان التصويت يتعلق بإصلاح دستوري يقضي بتقليص صلاحيات مجلس الشيوخ بشكل كبير والحد من صلاحيات المناطق وإلغاء الأقاليم.
ويدعو جزء كبير من الطبقة السياسية، من اليمين إلى الشعبويين مروراً بكل التيارات المتطرفة وحتى "متمردين" من الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه رينزي، إلى رفض هذه الإصلاحات التي يرون أنها تؤدي إلى تركيز مفرط للسلطات بيد رئيس الحكومة.
هذه المعارضة توحدها أيضاً الرغبة في طرد رينزي الذي وصل إلى السلطة في فبراير/شباط 2014 ويهيمن على وسائل الإعلام وشبكات التواصل الإعلامي في تصريحاته للدفاع عن إصلاحاته التي تهدف إلى تبسيط الحياة السياسية في بلد شهد تشكيل ستين حكومة منذ 1948.
-"إهانة للذكاء" –
قالت إيلينا بيكولو (21 عاماً) الطالبة في نابولي إن "رينزي أخطأ منذ البداية بشخصنته هذا التصويت عندما قال أنه سيستقيل في حال فوز معارضي الإصلاحات". وأضافت إنه "يركز بذلك كل الاستياء في البلاد بما في ذلك استياء الشبان، على شخصه".
وأشارت استطلاعات سابقة إلى فوز "لا" بفارق يراوح بين خمس وثماني نقاط. لكن عدد المترددين كان كبيراً.
وقالت كلوديا (34 عاماً) بعد اقتراعها في روما "هذا الإصلاح إهانة لذكاء الإيطاليين، من الواضح أن هدفه إعادة تركيز السلطة في يد رئيس الوزراء، في يد حزب واحد".
وقال ماتيو روسي (25 عاماً) "ترددت كثيراً لكنني صوتت بنعم (…) الحقيقة أنني لم أفهم كل شيء. لست معجباً برينزي في شكل خاص، إنه يتكلم كثيراً وخصوصاً عن نفسه".
تأييد الإصلاحات
ودعا الرئيس الأميركي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، علناً الإيطاليين إلى تأييد الإصلاحات.
وبعد أن رفض الإيطاليون الإصلاحات، سيدعو حزب 5 نجوم على الأرجح إلى انتخابات مبكرة. لكن يتوقع ألا يحل الرئيس سيرجيو ماتاريلا البرلمان قبل تعديل القانون المتعلق بانتخاب النواب.
ورغم إعلان رينزي أنه سيقدم استقالته، يمكنه البقاء على رأس الحزب الديمقراطي والعودة حتى إلى رئاسة الحكومة.