توافق محللون فلسطينيون، على فكرة أن نتائج المؤتمر السابع لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، نجحت في إقصاء القيادي المفصول محمد دحلان، وأتباعه عن الأطر التنظيمية، وعززت نفوذ قائد الحركة العام، الرئيس الفلسطيني، محمود عباس.
وأظهرت نتائج انتخابات اللجنة المركزية للحركة، التي أعلنتها الأحد 4 ديسمبر/كانون الأول 2016، فوز 6 أعضاء جدد، واستمرار 12 عضواً قديماً في مناصبهم، وجميعهم من التيار المقرب من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس.
واتفق المحللون في أحاديث منفصلة، على أن النتائج شكلت ضربة لـ"دحلان"، وأكدت سيطرة "عباس" على الحركة، لكنهم في الوقت ذاته لم ينفوا بقاء "دحلان" كقائد مؤثر على الساحة الفلسطينية.
وفي هذا الصدد، قال جهاد حرب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت (غير حكومية)، إن النتائج كانت متوقعة بفوز أعضاء لجنة مركزية مقربين من نهج "عباس"، وإقصاء تيار "القيادي المفصول" من كافة الأطر التنظيمية.
واستدرك "هذا لا يعني أن دحلان كقيادي فلسطيني قد انتهى، لكنه لم يعد له أي صفة في الحركة (…)".
وتوقع حرب عودة دحلان للساحة الفلسطينية من جديد عبر تنظيم سياسي حديث، كونه يحظى بقوة، وله تأثير كبير داخل حركة فتح، مشيراً إلى أن 15 نائباً يؤيدونه من داخل كتلة فتح البرلمانية في المجلس التشريعي (البرلمان).
العلاقة مع الدول العربية
وعن العلاقة مع بعض الدول العربية، بعد نتائج الانتخابات قال "حرب"، إن مركزية فتح، ستجد صعوبة في ترميم العلاقة مع بعض الدول العربية وخاصة الرباعية العربية (مصر الأردن السعودية الإمارات)، الداعمة لدحلان.
وأضاف "لكن الرباعية العربية لن تقوم بقطع علاقاتها مع (عباس) بصفته رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وممثل الشعب الفلسطيني".
من جانبه يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية (غير حكومية)، عبد الستار قاسم، أن النتائج رسخت قيادة "عباس"، وأبعدت خصومه.
وأشار "قاسم" في تحليله، إلى أن النتائج ستشعل الانقسام الداخلي للحركة، بين تياري عباس ودحلان.
وقال "دحلان لديه القدرة على تجميع أنصاره والعودة من جديد، من خلال بوابة جديدة (…) قد تصل إلى مواجهات بالسلاح خاصة في قطاع غزة، والضفة أيضاً مرشحة لذلك".
من ناحيته يرى رئيس المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات)، هاني المصري، إن النتائج "أبعدت خطر دحلان كثيراً".
وأضاف "الرئيس عباس الآن مرتاح، فقد وجه ضربة قوية لخصمه اللدود، حيث بات الخطر بعيداً ولكنه ليس للأبد".
وأشار إلى أن قوة "القيادي المفصول، لم تنكسر، فله شعبية كبيرة، وخطره لن يزول".
وبحسب منظور المحلل الفلسطيني، فإن عباس أراد من المؤتمر تجديد شرعيته، وإقصاء دحلان وقد نجح في ذلك، وفقاً لتعبيره.
زيادة التوتر في الحركة
بدوره، يرى الدكتور مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة، أن نتائج المؤتمر قد تزيد من التوتر الداخلي بحركة فتح في قطاع غزة، الذي ينتمي إليه القيادي المفصول دحلان.
وأضاف "تشكيلة الأسماء الفائزة، محسوبة على تيار الرئيس عباس، وهو ما سيزيد الخصومة مع أنصار تيار القيادي المفصول من الحركة".
وتابع "ساحة العمل التنظيمي للحركة بغزة قد تشهد اشتباكات وخلافات (…) فدحلان وأنصاره لن يعترفوا بهذه النتائج أو يتقبلوها".
ويلفت أبو سعدة، إلى أن غزة قد تشهد بعض المشاكل داخل حركة فتح، مستدركاً بالقول "حالة الاستقطاب قد تنعكس ميدانياً، على الأرض من خلال مواجهات".
وتظاهر مئات من مؤيدي دحلان مؤخراً في قطاع غزة (مسقط رأسه)، داعين إلى عودته، وأحرق بعضهم صور عباس.
وعن دور حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، في الصراع الدائر، قال أبو سعدة إنها ستحاول "ألا تعترض عمل الأعضاء الجدد، بل وستسهل مهامهم لأنها معنية بالتقارب مع الرئيس عباس".
وعن تمثيل قطاع غزة في "اللجنة المركزية"، يقول "أبو سعدة" إن النتائج أفرزت عن تمثيل وصفه بـ"الجيد" و"المقبول".
ويضيف "4 (من غزة) من أصل 18 نسبة ليست سيئة، وصحيح أن 3 منهم يقيمون في الضفة الغربية، لكن ذلك لن يشكل عائقاً أمام التواصل، والاجتماعات".
ويسود خلاف حاد بين عباس ودحلان، الذي فُصل من حركة فتح في يونيو/حزيران 2011، بعد تشكيل لجنة داخلية من قيادة الحركة، وجهت إليه تهماً بعضها خاص بفساد مالي، وهو ما ينفي صحتها.
وكان دحلان يتمتع بنفوذ قوي في غزة، قبل سيطرة حركة حماس على القطاع عام 2007.
ويقيم دحلان في الإمارات العربية المتحدة، ويقول مقربون منه إنه يتمتع بدعم دول ما يعرف بـ"الرباعية العربية".
وتضغط الرباعية العربية، بحسب مصادر فلسطينية مطلعة، على الرئيس الفلسطيني بهدف إعادة دحلان إلى حركة فتح، وهو ما يرفضه عباس بشدة.
وفي أكثر من مناسبة، انتقد دحلان الرئيس عباس ودعاه إلى التنحي.
وانطلقت الثلاثاء أعمال مؤتمر فتح السابع في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله واستمر خمسة أيام.
رمزية البرغوثي
وأظهرت نتائج المؤتمر كذلك، حصول مروان البرغوثي، المعتقل لدى إسرائيل منذ عام 2002، على أعلى الأصوات، وهو ما فسره سليمان بشارات، الباحث في المركز المعاصر للدراسات وتحليل السياسات "مداد"، بامتلاكه على شعبية واسعة و"كاريزما" يفتقدها قادة الصف الأول في الحركة.
وأضاف بشارات "البعد الشخصي ورمزية الأشخاص داخل فتح لها تأثير كبير، مما يمكن أن يؤسس لحصول أشخاص على أصوات أكثر من غيرهم".
وتابع "غياب الحالة الكارزماتية في قيادات الصف الأول الفتحاوي، التي يمكن أن تكون محل ثقة أكبر شريحة يتوافق عليها أعضاء التنظيم، أحد أهم العوامل".
وأضاف "رمزية البرغوثي وتاريخه النضالي شكلا حالة إجماع، ظهرت بالتصويت لصالحه وحصوله على أعلى نسبة أصوات".
واعتقل الجيش الإسرائيلي مروان البرغوثي في 15 أبريل/ نيسان2002.
وحكمت المحكمة المركزية الإسرائيلية، في تل أبيب في 2004، عليه بالسجن خمسة مؤبدات وأربعين عاماً، بتهمة المسؤولية عن عمليات نفذتها "كتائب شهداء الأقصى" الجناح المسلح لحركة فتح.