من يحوزها سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه، فجائزة نوبل واحدة من أشهر الجوائز التكريمية العالمية التي تمنح للمتميزين من الأدباء والمبدعين في الشعر والقصة والرواية والدراسات الأدبية على مستوى العالم، إنها الجائزة الأكثر رونقاً التي يمكن لكاتب أن ينالها، وبالتالي ينال الاعتراف العالمي بنتاجه الأدبي كصاحب منهج متميز وموهبة إبداعية وإضافة للتراث الإنساني.
إلا أن هذه الجائزة أيضاً ليست صك الجودة ومعيار التميز النهائي والأخير لكل أديب وكاتب ومفكر، فالشخصيات التي فازت بنوبل كان لهم بالتأكيد دور مؤثر وفعال، ولكن ليسوا بالطبع أبداً وحدهم الأفضل في العالم دون منازع، فهناك مفكرون وشعراء وكتاب ومؤلفون "كبار" لم ينالوا الجائزة، على الرغم من دورهم الريادي والشهير في مجال الكتابة والأدب، والذين غذّوا بكتابتهم العظيمة روح الإنسان، وأثروا في عقله وفكره على مر العصور.. أسماء كثيرة تقف في قائمة انتظار الجائزة العالمية، وبعض هذه الأسماء تطرح كل عام تقريباً.
نغوغي واثينغو
معاندة القدر له في عدم نيله جائزة نوبل يعزوه النقاد إلى أن لجنة الجائزة لم تطلع بشكل كافٍ على جميع مؤلفاته كونه كتب أغلب كتبه بلغة بلده الأصلية الغيكويو "لغة قبائل الكيكويو الكينية"، كما أنه أول كاتب ينتمي إلى بلدان شرق إفريقيا يكتب بالإنكليزية، بروفيسور الأدب الإنكليزي والأدب المقارن في جامعة كاليفورنيا، عدا الرواية، فواثينغو يكتب المسرح، والقصة القصيرة، والنقد، والمقالات، يعتبر مناضلاً إفريقياً بارزاً قضى أعواماً في السجن منذ أواخر ستينات القرن الماضي ثم سنوات طويلة في المنفى، غالباً ما كان على بعد خطوات من الجائزة؛ إذ لعبت أصوله الإفريقية وتجربته الإبداعية المتعددة في الرواية والقصة والمسرح والنقد وكتابة الدراما، دوراً كبيراً في تقدمه بصورة دراماتيكية المرشحين للجائزة الأشهر عالمياً، لكن النتيجة النهائية تذكر بسوء الطالع الذي يلازم القارة السمراء وأبناءها.
هاروكي موراكامي
يحظى موراكامي بشعبية كبيرة في اليابان، واشتهر في الخارج أيضاً بفضل أعماله التي تتناول العزلة والحب وتمزج بين الواقع والخيال، تردد اسمه كثيراً كمرشح للجائزة، فهو الأديب الياباني الأشهر، على مدار الأعوام الماضية، حتى إنه صرح بأنه أصيب بالملل وأصبح يجد الأمر مزعجاً.
موراكامي، وقد حصل من قبل على جائزة فرانك كافكا عن روايته "كافكا على الشاطئ" الأكثر مبيعاً حول العالم، ومن أشهر أعماله كذلك "الغابة النرويجية"، و"جنوب الحدود غرب الشمس"، وتتميز كتاباته بالرومانسية الشديدة وقدرته على خلق عوالم شديدة الرومانسية رغم ما تحمله من بعض الفظاعات، والجرائم أحياناً، بل وصناعة عوالم موازية أحياناً، من أثير من الفانتازيا، أو الواقعية السحرية، كما أنه يولي اهتماماً خاصاً بالأبطال الذين يعانون الوحدة، إلا أن البعض في الأوساط الأدبية تعتبر أعماله جد سطحية.
فيليب روث
أكتب لأواجه الملل لا الموت
أعظم روائي أميركي، يوصف باليهودي الحزين، ويلقب في الوسط الأدبي بـ"الخاسر" رغم أن كتاباته حافظت على الصدارة لأكثر من خمسين عاماً، تم ترشيحه للجائزة على مدار أكثر من 12 عاماً فهو من المرشحين الدائمين لجائزة نوبل، وفي كل مرة تخيب التوقعات، اعتزل الكتابة بعد أكثر من خمسين عاماً من اعتناقه المهنة التي وصفها بأنها طريقته في الحياة، نال روث أرفع الجوائز الأدبية الأميركية وفي مقدمتها جائزة فولكنر التي حصل عليها ثلاث مرات، والجائزة القومية لكتاب أميركا وجائزة النقاد وغيرها، وهو الكاتب الأميركي الحي الوحيد الذي أصدرت المكتبة الوطنية الأميركية مجلداً لأعماله الكاملة تكريماً له في حياته.
كما منح روث جائزة بوليتزر عام 1997، ومن أهم أعماله "وداعا كولومبوس"، و"الراعي الأميركي" و"الوصمة البشرية"، نجح في إثارة الدهشة لدى قرائه مرة تلو الأخرى، جعل القارئ يتساءل: ما الذي يجبر كاتباً على الاعتزال؟ ورغم تصدر اسمه بورصة الترشيحات سنوياً، لم يحصل روث على الجائزة الأرفع، فيما اعتبره البعض تجاهلاً متعمّداً لأعماله.
جويس كارول أوتس
تعتبر من أهم الروائيات في الولايات المتحدة، رغم أنها بلغت من العمر 78 عاماً، فإنها أحد المقيمين الدائمين على قوائم الترشيحات السنوية لجائزة نوبل منذ 25 عاماً، من أهم رواياتها "ابنة حفار القبور" نالت الكثير من الجوائز، تعمل أستاذة للعلوم الإنسانية في جامع برينستون، إنها الأديبة الأكثر تنوعاً وغزارة بين المرشحين، كتبت مجموعة من الروايات في موضوعات متنوعة، منها الجريمة والأزمات الاجتماعية والعنف بأشكاله، وتحليل المجتمع الأميركي تحليلاً مستفيضاً، ووحدة التحليل لديها هي الأسرة والفرد، وتستعين كثيراً بالحوار الداخلي وتستغرق في تفاصيل الشخصيات النفسية بمهارة بالغة، روائية أميركية تمثل ظاهرة فريدة في غزارة الإنتاج والانتشار.
نشأت في ضواحي نيويورك، وفازت بأول جائزة لها في مسابقة الرواية، عندما كانت طالبة في جامعة سيراكيوز، بدأت جويس مسيرتها الأدبية بإصدار مجموعة قصصية سنة 1963، وكتبت أكثر الروايات جدية وإثارة للجدل في عصرنا. روايتها "هُمْ" كانت عن التفرقة العنصرية في ديترويت الستينات، حصلت في 1970 على جائزة (الكتاب الوطنية) عن روايتها (لأنها مرارة قلبي) عن قصة حب مراهقين من عرقين مختلفين، بينما حصلت روايتها ذائعة الصيت (المياه السوداء) على ترشيح لجائزة بوليتزر، ثم كتابها الملحمي (شقراء) الذي وصل إلى القائمة النهائية لجائزة الكتاب الوطنية، وقد سحرت كتبها عدداً كبيراً من القراء، وتعد نفسها كاتبة جادة وتتحدث عن كتابها الساخر الموجه للشباب (الفتاة القبيحة والفم الواسع) كنوع من التغيير في سياق عملها الروائي الجاد.
أدونيس
المرشح العربي الوحيد والدائم لنيل الجائزة منذ أكثر من عشر سنين، وفي كل سنة يدخل اسمه في سوق التكهنات والمراهنات، ثم لا شيء، حتى تحول هذا الترشيح إلى عبء شخصي، اسمه الحقيقي علي أحمد سعيد إسبر المعروف باسمه المستعار "أدونيس" شاعر سوري من مواليد عام 1930 سوريا، تبنى اسم أدونيس "تيمناً بأسطورة أدونيس الفينيقية" خرج به على تقاليد التسمية العربية منذ عام 1948، يعتبره البعض من أكثر الشعراء العرب إثارة للجدل.
فمنذ أغاني مهيار الدمشقي، استطاع أدونيس بلورة منهج جديد في الشعر العربي يقوم على توظيف اللغة على نحو فيه قدر كبير من الإبداع والتجريب تسمو على الاستخدامات التقليدية دون أن يخرج أبداً عن اللغة العربية الفصحى ومقاييسها النحوية، منذ مدة طويلة، يرشحه النقاد لنيل جائزة نوبل للآداب، لكنه لا ينالها، قرأت في حوار للماغوط، حينما سئل فيه عن أدونيس، قال: "أدونيس ما إن غادر إلى الغرب حتى فقد أصالته، إنه معلم في الشرق، وتلميذ في الغرب.."، والغرب من الأعلى ينظر لما لدينا بانبهار أيضاً، هو يبحث عن أشيائنا، عمن يوصل له هذه الأشياء، ولن يعير اهتماماً لأشيائه المنسوخة، حتى لو أنها كانت من أدونيس نفسه، كانت فرصة لمفكرنا أن ينقل فيها قليلاً من إرثنا العربي المضيء للعالم، قبالة الكثير من الذي أورده عبر نظريات وأجناس وأشكال.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.