كان نوح رباني، 15 عاماً، يسير مسافة الخمس دقائق من منزل صديقه في هاميلتون، أونتاريو الكندية إلى منزل جدته بعد منتصف الليل كما فعل مراتٍ عديدة من قبل. الحيّ سكنيّ هادئ يزخر بالمنازل الجديدة ويُعدّ آمناً.
ثم فجأة، كما أخبر عمّته سليمة حافظ لاحقاً، توقفت سيارة. ظنّ أنّ شخصاً ما سيترجل منها، وفقاً لما قالته عمّته سليمة لصحيفة واشنطن بوست الأميركية، الخميس 1 ديسمبر/ كانون الأول 2016.
لكن، يُكمل نوح لعمّته، "استدرت ورأيت مضرباً يتجّه نحو رأسي، كان أسرع من ردّ فعلي. شخصٌ ما ظل يضربني بالمضرب".
المراهق المسلم، والذي هاجر أجداده من باكستان في السبعينيات، تعرّض لضربٍ وحشي تلك الليلة. المشتبه بهما هما من ذوي بشرة بيضاء. وقد قالت سليمة في منشور على موقع فيسبوك إنّها تعتقد أنّ الهجوم "مرتبط بالعِرق".
وقد وصفت شرطة هاميلتون في تصريحٍ إخباري الحادث بأنّه جريمة سطو.
وقالت سليمة في حوارٍ عبر الهاتف "الأمر مُحبط. إنهما لم يأخذا محفظته أو هاتفه. لقد أخذا حقيبة ظهره، والتي لم تحتو إلا على بعض الكتب وزجاجة مياه".
يعاني من فقدان الذاكرة مؤقتاً
وأخبرت عمّة نوح صحيفة واشنطن بوست صباح الخميس أنّه "قضى 5 ساعات في جراحة يوم الأربعاء، تأخرت بسبب التورم الناشئ عن الضرب". وأضافت إنّه لا يستطيع استخدام الجانب الأيمن من جسده، على الأقل في الوقت الحالي، ويُعاني من فقدان الذاكرة المؤقتة، كما فقد سنيه الأماميين.
واستطردت قائلة "لم يتمكنوا من إجراء الجراحة لأنه كان ما يزال هناك تورم كبير". وسيحتاج نوح إلى المزيد من العلاج الطبي في المستقبل، والذي سيمثّل تكلفة ثقيلة على عائلة لديها 8 أطفال ومصدر دخل وحيد. "لا يوجد تمويل كافي بالنسبة لعائلته".
وفقاً للشرطة، ركض الرجلان عائدان إلى سيارتهما فراراً. وقد اقتبست هيئة الإذاعة الكندية CBC عن الضابط في شرطة هاميلتون، أسوف كوكار، قوله إن التحقيقات ما زالت جارية، وأن الشرطة ما زالت "تنظر في كافة أوجه الاعتداء".
عاد زحفاً إلى منزل جدّته
زحف نوح، وفقاً لعمته سليمة، المسافة من مكان الهجوم إلى منزل جدته، والذي نادى منه أخاه ليأتي ويأخذه.
محاولاً التخفيف من شأن إصاباته – تقول عمته إنّه "أصر على أنه قد سقط لأنّه لم يُرد أن يقلق والديه" – رأى والداه الدم، وتحسسا رأسه، وأدركا أن شيئاً أسوأ بكثيرٍ قد وقع. ثمّ دخل نوح في نوبة من التشنّج والقيء، ودخل المستشفى.
الاهتمام الإعلامي كان ضئيلا
واشتكت سليمة من الاهتمام الإعلامي الضئيل وعدم إصدار الشرطة لأي تصريحات إخبارية في بادئ الأمر عن حدثٍ يحتاج إلى اهتمام الرأي العام، حتى بادرت هي بالاتصال بصحيفة محلية، ووضعت منشوراً على موقع فيسبوك: "أعرف أننا ما زلنا نتكهّن الآن، لكن بالنسبة لي، فإن هذا عملٌ شرير تجاه طفل بغض النظر عن أي شيء. إن بنيته الجسدية صغيرة ويمكنك معرفة أنّه طفل".
وقالت سليمة في منشورها على موقع فيسبوك إنّ لديها القليل من الشكّ في كون الهجوم يحمل دافعاً من التعصب العرقي.
"يبدو أن عدد الهجمات العرقية وجرائم التخريب في تزايد خلال الشهر الماضي. ماذا سنفعل كمجتمعٍ بشأن ما حدث؟ ماذا سيفعل ساستنا بشأن ما حدث؟"
"عائلتنا تطلب منكم المساعدة"
وأضافت، "عائلتنا تطلب منكم المساعدة، نريد منكم أن تشاركوا هذه الرسالة لكي يتم القبض على المهاجمين في أقرب وقت ممكن… نريد أن تشاركوا هذه الرسالة لكي تبدأ مجتمعاتنا في الحديث عن العنصرية والإسلاموفوبيا، والتي يبدو أنّها في تصاعد. نريد ذلك لكي يبدأ ساستنا في الحديث بشأن ما سيفعلونه بُغية حماية أطفالنا ومجتمعاتنا. أرجوكم، اذكروا نوح في خواطركم ولا تنسوه من دعائكم، وتحدّثوا إن رأيتم أي عملٍ من أعمال العنف".
تلميذ استثنائي
وصفت سليمة نوح بأنه "ولدٌ هادئ وطيب"، و"تلميذ استثنائي" بمدرسة سولتفليت الثانوية، فقد ربح عدداً من الجوائز الأكاديمية.
في الولايات المتّحدة، جرائم الكراهية ضد المسلمين في أعلى معدلاتها منذ أكثر من عقد، وتُعزى تلك الزيادة إلى الغضب من الهجمات الإرهابية وإلى الخطاب المعادي للإسلام في الحملة الانتخابية الأخيرة، كما أفاد مات زابوتوسكي في تقرير نُشر مؤخراً في صحيفة الواشنطن بوست.
أميرة الجوابي، مديرة الاتصالات بالمجلس الوطني لمسلمي كندا، كانت قد أخبرت موقع ميدل إيست آي مؤخراً بتصاعد حدة الخطاب المعادي للمهاجرين والمسلمين في كندا، إلى جانب زيادة في جرائم الكراهية، مع أنّه لا إحصائيات حديثة متاحة عن الموضوع.
عنصرية فيتورنتو
وقد نقلت صحيفة تورنتو ستار في عددها الصادر يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني "موجةً من الجرائم العنصرية والمعادية للغرباء في تورنتو، ومن ضمنها منشورات تحضّ البيض على الانضمام إلى "اليمين المتطرّف".
وقد نقلت صحيفة تورونتو جلوب آند ميل عدداً من "جرائم الكراهية الصادمة" في أوتاوا، حيث رسم أحدهم صلباناً معقوفة (شعار النازية) وشعارات عنصرية باستخدام عبوات الرش على مسجدٍ، ومعبدٍ يهودي، وكنيسة بها قس أسود البشرة.
وقالت الصحيفة إن أحد داعمي ترامب، يظهر في مقطع مصوّر يصرخ في رجلٍ أسود في ترام بتورنتو، قائلاً له، "عد إلى بلدك اللعينة"، و"امض قدماً يا ترامب".
جانيت ديفيس، عضوة مجلس مدينة تورنتو، قالت للصحيفة، "إنني أعتقد أن الانتخابات الأميركية شرعنت اليمين المتطرّف، وهم يشعرون بجرأة أكبر بكثير الآن".
وصفت الشرطة المهاجمين بأنّهم ذكور من ذوي البشرة البيضاء، واحدٌ منهم طوله خمسة أقدام وست بوصات، والآخر حوالي خمسة أقدام وثمان بوصات".
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة Washington Post الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.