توصلت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، الأربعاء 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، في فيينا إلى اتفاق لخفض إنتاجها بـ1.2 مليون برميل يومياً ليصبح في حدود 32.5 مليون برميل يومياً، في خطوة مخالفة للتوقعات.
ويشكل الاتفاق أول خفض تقوم به المنظمة منذ 8 سنوات، ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط في الأسواق.
وارتفع سعر نفط برنت بحر الشمال (تسليم يناير/كانون الثاني) بمقدار 3.77 دولار ليصل إلى 50.15 دولار للبرميل، وهي أول مرة يتجاوز فيها 50 دولاراً في شهر. وارتفع سعر نفط غرب تكساس المتوسط بمقدار 3.98 دولار للبرميل ليصل إلى 49.21 دولار.
ويهدف الاتفاق الذي أعلنته "أوبك" إلى خفض التخمة العالمية في الإمدادات والتي أبقت الأسعار منخفضة بشكل كبير.
ويمثل القرار تراجعاً كبيراً عن استراتيجية المنظمة التي تقودها السعودية والتي بدأت في 2014، بإغراق السوق لإخراج المنافسين، خصوصاً من قطاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.
سقف "أوبك" سيكون 32.5 مليون برميل يومياً
وبموجب الاتفاق، ستخفّض "أوبك" إنتاجها بما يتجاوز مليون برميل يومياً، ليصبح سقفها 32.5 مليون برميل يومياً ابتداء من الأول من يناير 2017، بحسب ما صرح به وزير الطاقة القطري ورئيس المؤتمر محمد بن صالح السادة، في مؤتمر صحفي بفيينا.
وقال السادة إن "هذه خطوة كبيرة إلى الأمام، ونعتقد أن هذا اتفاق تاريخي، سيساعد بالتأكيد على إعادة التوازن إلى السوق وخفض المخزونات الزائدة".
وأضاف أن الاتفاق سيساعد في رفع التضخم العالمي إلى "مستوى صحي أكثر" بما يشمل الولايات المتحدة.
حصلنا على التخفيض المستهدف
بدوره، قال وزير النفط السعودي خالد الفالح: "حصلنا على التخفيض المستهدف. كل الدول ستساهم بنسب متساوية ما عدا 3 دول لها حالات خاصة؛ هي ليبيا ونيجيريا وإيران".
وأكد أن "كل شيء يشجع على نظرة متفائلة للأسواق".
ويأتي الاتفاق ليتوج اتفاقاً أوليا تم التوصل إليه في سبتمبر/أيلول بالجزائر، اتفقت خلاله "أوبك" على خفض الإنتاج إلا أنها أجّلت البحث في التفاصيل إلى مرحلة لاحقة.
وتعثرت المحادثات بين أكبر 3 دول منتجة للنفط في "أوبك"؛ هي السعودية والعراق وإيران.
ولم تتمكن إيران من تصدير نفطها بحريةٍ سوى بعد سريان الاتفاق النووي الذي توصلت إليه مع الدول العظمى، في يناير الماضي، وهي ترغب في العودة إلى مستويات إنتاجها في مرحلة ما قبل العقوبات.
تعقّد الخلاف بسبب التنافس القوي بين إيران والسعودية
وتعقّد الخلاف بسبب التنافس القوي بين إيران والسعودية اللتين تدعمان أطرافاً متواجهة في الحرب في كل من اليمن وسوريا.
السعودية ولعبتها مع إيران
وقال فؤاد رزاق زاده، محلل الأسواق في موقع "فوريكس.كوم"، قبل إعلان "أوبك قرارها، إن إيران "تمارس لعبة ذكية" ضد خصمها اللدود السعودية.
إلا أن السعودية مارست لعبتها الخاصة، وقالت إنها مستعدة لمغادرة العاصمة النمساوية دون التوصل إلى اتفاق.
وكان وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، صرح بأن تحسُّن الطلب سيؤدي إلى تحسن الأسعار العام المقبل، سواء تم خفض الإنتاج أو لم يتم.
ورغم أن التوقعات بالتوصل إلى اتفاق كانت منخفضة نتيجة ذلك، فإن الإخفاق في التوصل إلى اتفاق كان سيؤدي إلى انخفاض أسعار النفط إلى مستوى 30 دولاراً للبرميل، بحسب ما قاله المحللون.
وكان ذلك سيشعل النقاش حول جدوى وجود "أوبك" بعد 56 عاماً من إنشائها.
عجز الميزانيات
ستتركز جهود "أوبك" حالياً على دفع الدول غير الأعضاء فيها إلى خفض إنتاجها بنحو 600 ألف برميل.
وأكدت روسيا استعدادها لخفض إنتاجها بمقدار 300 ألف برميل يومياً.
وصرح وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك بأن "روسيا ستخفض تدريجياً إنتاجها من النفط بـ300 ألف برميل يومياُ في النصف الأول من 2017″، مع ربط القرار الروسي بـ"احترام" الدول الأعضاء في "أوبك" لاتفاقها في موضوع خفض إنتاجها.
المستهلكون لن يرحبوا بارتفاع أسعار النفط
ورغم أن المستهلكين لن يرحبوا بارتفاع أسعار النفط بسبب الاتفاق، إلا أن دول "أوبك" سترحب بنتائجه بعد أن عانت ميزانياتها بسبب انخفاض النفط إلى أدنى مستوياته خلال العامين الماضيين.
وفاقم انخفاض الأسعار من الوضع المتدهور في فنزويلا، حيث تقول منظمة هيومان رايتس ووتش إن نقص السلع الأساسية تدهور إلى درجة تسبب في "أزمة إنسانية شديدة".
حتى السعودية البالغة الثراء، خفضت الرواتب والإنفاق وتتجه إلى تسجيل عجز في الميزانية يصل إلى 87 مليار دولار في 2016، وتدين للشركات الأجنبية بمليارات الدولارات.
كما أثر انخفاض أسعار النفط على الاستثمار في المرافق النفطية وزاد من احتمال نقص إمدادات النفط مستقبلاً.
وماذا عن ترامب ونفط أميركا الصخري؟
إلا أن الخام قد يتأثر بضغوط تؤدي إلى انخفاض سعره، مصدرها الولايات المتحدة والرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي يمكن أن تؤدي سياساته إلى زيادة إنتاج النفط الأميركي.
ووعد ترامب، خلال حملته الانتخابية، بإلغاء القوانين التي تقيد استخراج النفط الصخري ودعم بناء أنابيب النفط والغاز وفتح الأراضي الفيدرالية المحظورة للتنقيب عن النفط بما فيها آلاسكا.