عندما تكتب النساء عن كرة القدم “الكلاسيكو”: هل هو عرس كروي أم صراع ثقافات؟

لا يمكن المرور من كاف إلى واو "الكلاسيكو" دون نفض الغبار عن الذاكرة المثقلة بتواريخ وأحداث كبرى رُسمت بسطور من ذهب، لقاء العمالقة تعدى كونه عرساً كروياً إلى صراع ثقافات بين ريال مدريد ذي الهوية الإسبانية كممثل لنظام العاصمة بسُلطته السياسية والاقتصادية والتاريخية، وبين برشلونة صاحب الهوية الكتالونية، المقاطعة التي عاشت تاريخها تسعى إلى الحرية والمساواة والانفصال عن إسبانيا لتحقيق مكون خاص بها.

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/29 الساعة 06:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/29 الساعة 06:24 بتوقيت غرينتش

لا يمكن المرور من كاف إلى واو "الكلاسيكو" دون نفض الغبار عن الذاكرة المثقلة بتواريخ وأحداث كبرى رُسمت بسطور من ذهب، لقاء العمالقة تعدى كونه عرساً كروياً إلى صراع ثقافات بين ريال مدريد ذي الهوية الإسبانية كممثل لنظام العاصمة بسُلطته السياسية والاقتصادية والتاريخية، وبين برشلونة صاحب الهوية الكتالونية، المقاطعة التي عاشت تاريخها تسعى إلى الحرية والمساواة والانفصال عن إسبانيا لتحقيق مكون خاص بها.


الجنرال فرانسيسكو فرانكو

سنة 1932، وبعد عام من إعلان الجمهورية الإسبانية الثانية، تم إقرار أول نظام أساسي للحكم الذاتي في كتالونيا، فبعد انتصاره في الحرب الأهلية الإسبانية، التي اندلعت بين المحسوبين على إقليم كتالونيا والموالين لفرانكو من التابعين للعاصمة مدريد، أُلغيت كل أشكال الحكم الذاتي في إسبانيا، ومُنعت الأحزاب السياسية والنقابات، كما أجبر الديكتاتور الإسباني فرانكو إقليم كتالونيا على عدم تداول اللغة الكتالونية، فضلاً عن منع رفع العَلَم الكتالوني في الملاعب كمحاولة لإضفاء الصبغة الإسبانية على الإقليم.

لم يتوقف الجنرال الديكتاتوري عند هذا الحد؛ بل قام أيضاً باعتقال جوسيب سونال، أحد أشهر رؤساء نادي برشلونة وعضو اليسار الجمهوري في إقليم كتالونيا؛ حيث جرى إعدامه واثنين من رفقائه دون محاكمة بسبب ميوله للقومية الكتالونية والمناداة بالانفصال عن إسبانيا.

1-11

عام 1943، في عهد فرانكو، تأهل قطبا إسبانيا للتنافس على بطاقة العبور نحو نهائي كأس ملك إسبانيا (كأس الجنرال في ذلك الوقت)، مباراة الذهاب لُعبت على ملعب برشلونة وانتهت بفوز هذا الأخير بثلاثة أهداف دون رد، جعلت الفريق الأحمر والأزرق الأقرب إلى العبور للنهائي، لكن في مباراة الإياب في مدريد حدث ما لم يتوقع أحد، مدريد قلب الطاولة تماماً على البارصا، وفاز بأكبر نتيجة في تاريخ الكلاسيكو.

هذا الانقلاب التاريخي في النتيجة تشابكت حوله العديد من الآراء، فالرواية البرشلونية تقول: "إن الشرطة دخلت لغرفة ملابس الفريق الكتالوني بأمر من الديكتاتور فرانكو مهددة ومتوعدة بالحجز وإنزال أقصى العقوبات على اللاعبين وعائلاتهم إن هم رفضوا التنازل عن الفوز بنتيجة ثقيلة لفريق العاصمة".

في حين أن الرواية المدريدية نفت تدخل النظام الإسباني بأي شكل من الأشكال في نتيجة المباراة، الصحافة المقربة من النادي الملكي استشهدت بهزيمة برشلونة بذات النتيجة (1-11) على يد إشبيلية عام 1940، وفي عام 1931، تلقى برشلونة أكبر هزيمة في تاريخه (1-12) على يد بيلباو، مما يؤكد -حسب وجهة نظرهم- أن الهزائم التاريخية التي تلقاها برشلونة في ذلك الوقت تجعل نتيجة (1-11) حدثاً تاريخياً، لكنه غير مستبعد على الناحية الرياضية، كما طرحت الصحافة المدريدية سؤالاً مهماً: إذا كان فرانكو فعلاً تدخّل في نتيجة المباراة، فلماذا لم يتدخّل إذاً في نتيجة نهائي نفس المسابقة التي خسر فيها الفريق الملكي اللقب لصالح نادي بيلباو؟


انتقال لويس فيغو

لعبت صفقة انتقال لويس فيغو من برشلونة ريال مدريد دورها أيضاً في السجال بين قطبي إسبانيا، فلاعبون كثر مثلوا الفريق الكتالوني والبلانكوس (صامويل إيتو، خافيير سافيولا، مايكل لاودروب، رونالدو..)، لم يتعرض أي منهم لمشاكل كبيرة مع ناديه السابق أو هجوم حاد من جماهيره باستثناء لويس فيغو الذي مثل انتقاله إلى الغريم ريال مدريد خيانة قاسية، ذنباً لا يغتفر واستفزازاً صارخاً للجمهور الكتالوني.

بالعودة إلى تفاصيل الصفقة وظروفها، نجد أن انتقال فيغو إلى فريق العاصمة كان أول أعمال الرئيس الجديد فلورنتينو بيريز؛ حيث كان النجم البرتغالي مطلب أعضاء النادي الأول، في سوق الانتقالات بعد الأداء المميز الذي قدمه مع البارصا ومساهمته الكبيرة في الفوز بلقب الدوري الإسباني مرتين، وكأس ملك إسبانيا، وكذلك كأس الاتحاد الأوروبي، واستجابة لطلب الأعضاء وقع بيريز مع فيغو عقداً مبدئياً يقضي بموافقته على الانتقال إلى ريال مدريد في حال أصبح بيريز رئيساً، مما أجبر اللاعب البرتغالي على الظهور في حوار مع صحيفة السبورت، صيف سنة 2000 مفنداً كل الأخبار التي تربطه بالفريق الملكي، وأكد ولاءه للبيت الكتالوني قائلاً: "لست مجنوناً لأقدم على خطوة كهذه.. أريد أن أطمئن جماهير برشلونة بأن لويس فيغو مع كل اليقين الذي في العالم سيكون في الكامب نو يوم 24 يوليو/تموز من أجل بداية الموسم"، هذا التصريح الذي زاد الطين بلة واعتبرته الجماهير البرشلونية استفزازاً صارخاً لمشاعرها. أيام بعد وصول فليرونتينو بيريز لرئاسة ريال مدريد: فيغو ينتقل إلى صفوف الفريق الأبيض رسميـاً، في صفقة بلغت 60 مليون دولار.

أتى موعد الكلاسيكو يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول 2000، أي بعد أشهر قليلة من خلع فيغو للرقم 7 الكتالوني، وما إن دخل البرتغالي لإجراء الإحماءات الاعتيادية قبل المباراة، حتى انطلق وابل من صافرات الاستهجان أصدرها 98000 مشجع. وملأت لافتات "خائن"، "إلى مزبلة التاريخ" أرجاء ملعب الكامب نو؛ ليتكرر الأمر بعد ذلك في كل زيارة للبرتغالي إلى الكامب نو، وكانت أبرز تلك الأحداث لحظة محاولته تنفيذ إحدى الركنيات في كلاسيكو 2002؛ حيث أمطرته الجماهير الكتالونية بوابل من القاذورات، رأس خنزير ميت، قنينات، سكاكين بل وحتى زجاجات نبيذ، مما اضطر الحكم إلى إيقاف المباراة 12 دقيقة قبل استئنافها.

وما بعد الماضي هناك الحاضر، أيام قليلة ليتجدد الصراع الأزلي، ويعلن عن تسعين دقيقة من حرب سجال، سواء كنا مع طرف أو آثرنا البقاء في الحياد، فإن لهذه المباراة طعماً ومتعة نسشعرهما في موقعة السبت، هناك بالكامب نو.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد