كابوس على المكسيك.. تنفيذ ترامب لواحدٍ من تهديداته سيصيب البلاد بكارثة.. فكيف إذا فعلها جميعها؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/27 الساعة 08:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/27 الساعة 08:16 بتوقيت غرينتش

قال دونالد ترامب يوماً ما إن الحكومة في المكسيك تتمتع بالذكاء والفطنة وسعة الحيلة، والآن يأتي انتخابه رئيساً كفرصة لها لتثبت ما إذا كان كلامه صحيحاً.

صحيح أن ترامب لم يبدأ فترة حكمه بعد، لكن ذلك لم يمنع أن هناك إحساساً باقتراب المصائب يلف المكسيك بأكملها. فإذا نفذ الرئيس الفائز وعوده التي أطلقها خلال حملته الانتخابية فقد يكون لذلك أثراً مدمراً على الاقتصاد والاستقرار وحتى الكرامة في المكسيك. فهل ستنجح الحكومة هناك في تجنب كل ذلك؟

على المكسيك، شأنها شأن بقية الدول في العالم، أن تنتظر ماذا سيفعل الرئيس ترامب حين يستلم المنصب رسمياً. لكن هذه الدولة، التي يبلغ عدد سكانها 122 مليون نسمة، لديها سبب خاص للقلق، فبالإضافة إلى وصم المهاجرين المكسيكيين بالمغتصبين والمجرمين، فقد أطلق ترامب إبان حملته تهديدات محددة بأنه سيذل الجار الجنوبي للولايات المتحدة وسيسعى إلى إفقاره، حسبما نشرت صحيفة the guardian البريطانية.

كارثة ومأساة

وتتلخص أهم 3 تهديدات كما يلي: إغلاق الحدود معهم بجدار يمتد لمسافة 2000 ميل يدفعون هم تكلفة بنائه؛ إلغاء اتفاقية التجارة الحرة لدول أميركا الشمالية (Nafta)؛ واعتراض الحوالات المالية التي تعتمد عليها ملايين العائلات. ولو نفذ ترامب تهديداً واحداً منها فستقع كارثة، أما إذا نفذ الثلاثة فسيتسبب بمأساة.

وقال إرنيستو كارمونا من جامعة Incarnate Word وهي جامعة مكسيكية لإدارة الأعمال "يعتمد قطاع التصدير على السوق الأميركية بالكامل، وترامب يعرف ذلك حق المعرفة. فإذا أغلق الباب في وجه الصادرات المكسيكية فسيتسبب بإفلاس اقتصادنا".
وكان البنك المركزي المكسيكي قد رفع سعر الفائدة الأسبوع الماضي في محاولة منه لدعم العملة المحلية (البيزو) والتي فقدت الكثير من قيمتها منذ الإعلان عن فوز ترامب. كما حذر بنك المكسيك (Banco de México) من أن النظرة العالمية قد أصبحت (أكثر تعقيداً).

وقد ينتاب المكسيكيين شعور بالاطمئنان كون حكومتهم تتمتع "بالذكاء والفطنة وسعة الحيلة" أكثر من نظيرتها في الولايات المتحدة، لكن المشكلة هي أن ترامب نفسه هو من أطلق عليها ذاك الوصف. فقد كان ذلك وصفاً أطلقه أحد الغرباء ليهزأ من حكومة واشنطن التي يقودها مغفلون تفوق عليهم نظراؤهم المكسيكيون من العباقرة ذوي النزعة الميكافيلية.

وسواء كانوا فعلاً أذكياء لتلك الدرجة –أو سواء كان ترامب ذكياً كما يدعي- فهذا أمر علينا الانتظار للتأكد منه.

في مدينة نوغاليس الحدودية مع ولاية أريزونا، وجد السكان سلوى بالفكرة التي تقول أن ترامب قد يكون أكثر غباء من الرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نيتو، وهو رئيس غير معروف بذكائه أصلاً. يقول أوديون سالازار، وهو سائق أجرة "لا يسعك إلا أن تضحك على ما يجري، أليس كذلك؟"

من ناحيتها، قالت ألما كوتا دي ينيز، وهي مديرة مجموعة Fundación del Empresariado Sonorense المدنية المعنية بتمويل المشاريع "إننا نضحك من هول الصدمة وليس لأن هنالك ما يضحك".

وفي Los Pinos، النسخة المكسيكية من البيت الأبيض، فالتقارير تشير أن المزاج العام هناك متجهم وليس فزعاً. لكن لا يوجد هناك استراتيجية واضحة للتعامل مع حالة منهج (الترامبية).

لكن هل توجد حكومة تمتلك مثل هذه الاستراتيجية أصلاً؟ لم يتوقع أحد أن يفوز رجل الأعمال، الذي تحول إلى متمرد شعبوي، على هيلاري كلينتون. كما أنه تملص من بعض الكلام الذي قاله أثناء حملته الانتخابية، ما يضيف غموضاً إضافياً على نواياه.

لا يسع الحكومة في المكسيك سوى التخمين عما ستكون الخطوة القادمة: استكمال العلاقات والتجارة كالمعتاد، أم زلزالاً (ترامبياً) أو ما بين.

أربعة تحديات كبيرة تواجها المكسيك:

1. العملة: تحسنت قليلاً لكنها ما زالت ضعيفة ومتقلبة، وأكثر العملات سيولة بين نظيراتها في الدول الناشئة. التضخم مستقر نسبياً ولم يلاحظ أي ارتفاع كبير للأسعار.

يقول جايمي سيرا بوتشيه، وزير العمل السابق وكبير المفاوضين المكسيكيين لاتفاقية التجارة الحرة لدول أمريكا الشمالية (Nafta) "الأسواق لغاية الآن متجاوبة مع التوقعات والتخمينات وليس مع الانخفاض الفعلي للصادرات وتدفق الاستثمارات. حسناً فعلت الحكومة حين جعلت السوق يضبط نفسه ولم تكابر بالدخول في صراع محموم لشراء وبيع الدولارات، وإلا كانت النهاية. إذا بدأنا رؤية تغييرات هيكلية فعليهم إعادة التفكير بالمسألة برمتها".

2. التجارة: منذ دخول اتفاقية (Nafta) حيز التنفيذ عام 1996، تضاعفت قيمة الصادرات إلى الولايات المتحدة بمقدار 6 مرات لتصل إلى 320 مليار دولار العام الماضي. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي نصف تريليون دولار سنوياً، أي 11.2 مليار دولار كل أسبوع.

وإذا ألغى ترامب الاتفاقية فقد تعود التجارة نظرياً إلى مرحلة تعريفة منظمة التجارة العالمية السابقة، أي أقل من 3 % على البضائع المكسيكية لكن أعلى على الصادرات الأميركية. لكن ترامب تعهد أيضاً برفع الضرائب إلى 35 % على الواردات من المكسيك، ما يشكل خرقاً لقوانين المنظمة ويضع المكسيك في موقف مجهول.

وكان وزير المالية، إلديفونسو غواخاردو قد قال أن بلاده ستحاول أن تقنع الرئيس الأميركي الجديد بأن اتفاقية (Nafta) مفيدة لجميع دول القارة، كما يجعلها منافسة على المستوى العالمي. هذا ولم يتم تحديد موعد لإجراء محادثات بين الطرفين، لكن الرئيس المكسيكي اقترح مقابلة ترامب قبل تعيين هذا الأخير رسمياً في 20 يناير/كانون الثاني.

3. الحوالات المالية: تجاوز مبلغ 24.8 مليار دولار التي حولها المكسيكيون إلى بلادهم العام الماضي واردات الدولة من النفط كمصدر للعائدات الخارجية لأول مرة. وكان نصيب الأسد من تلك الواردات قادماً من المكسيكيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، وهو ما يعد حبل نجاة لسكان المناطق الريفية هدد ترامب بقطعه.

يقول سيرا "إن فرض أية قيود على مصدر الدخل هذا من شأنه التأثير على أفقر العائلات في البلاد." والمفارقة هنا أن فرض قيود صارمة من شأنه زيادة الهجرة إلى الولايات المتحدة، وهي التي انخفضت بشكل ثابت خلال السنوات الماضية بسبب تحسن الأحوال الاقتصادية في المكسيك.

4. الهجرة: هناك عدد كبير من الأشخاص الذين يفرون من دول هندوراس وغواتيمالا والسلفادور هرباً من العنف المتصاعد هناك، الأمر الذي يشكل تحديات إنسانية ولوجستية كبيرة للمكسيك التي ترزح أصلاً تحت ضغط كبير من الحكومة الأميركية لوقف حركة النزوح تلك.

وتقدر مصادر أن حوالي نصف مليون شخص بين مهاجر ولاجئ سيعبرون الحدود باتجاه المكسيك من غواتيمالا هذا العام. وفي حين يحاول العديد منهم الحصول على حق اللجوء في المكسيك، إلا أن الغالبية العظمى منهم سيحاولون الوصول إلى الولايات المتحدة للانضمام إلى أقاربهم وأصدقائهم.

العمال غادروا المصانع

يقول كارلوس باتولو سوليس، وهو مدير ملجأ المهاجرين في مدينة أرياغا بولاية تشياباس المكسيكية على الحدود مع غواتيمالا، وحيث يبدأ قطار البضائع المشهور بالوحش رحلته نحو الشمال، إن فوز ترامب خلق حالة من الشك، وأضاف "الملجأ فارغ.
لقد غادر الجميع بعد صدور النتيجة [الانتخابات الأميركية] لمحاولة الوصول إلى الحدود بأقصى سرعة. ليست لديهم أي فكرة عما قد يحصل العام القادم، لكنهم ليسوا متفائلين حيال المستقبل".

ويخشى بارتولو بأن اليأس الذي تسلل إلى نفوس المهاجرين حيال الوصول إلى الولايات المتحدة قبل تنصيب ترامب سيجعلهم يخاطرون بشكل أكبر لتجنب دوريات الحدود. "من الواضح للأسف أنهم سيخاطرون أكثر مع مهربي البشر [ لقبهم coyotes أو القيوط] ومحاولة الخوض في ممرات طرق أكثر خطورة".

أحد هؤلاء المهاجرين كان هندوراسياً يحاول الوصول إلى مدينة نوغاليس بولاية أريزونا، يدعى هوزيه ويبلغ من العمر 28 عاماً. يخطط هوزيه لعبور الصحراء السونورانية قبل وصول ترامب إلى السلطة، وقال "أريد أن أحاول قبل وصوله، قبل أن ينفد الوقت."

من جانبه، قال الأب فلور ماريا ريجوني، مدير ملجأ بيلين في تاباتشولا بالقرب من الحدود بين المكسيك وغواتيمالا، إن الجدار الذي اقترحه ترامب لن يثني الأشخاص الذين يحاولون الوصول إلى الولايات المتحدة بكل ما أوتوا من قوة، وأضاف "غالبية المهاجرين لا يعرفون من هو ترامب، ولا يهمهم ذلك. لقد نجح المهاجرون على مر العقود بتحدي السلطات الأميركية، وكل من يرغب بفعل ذلك سيواصل عبور الحدود حتى لو تطلب الأمر تركيب أجنحة والطيران من فوق الجدار أو حفر أنفاق تحته، أو اتباع استراتيجية أخرى سيخترعونها عند الحاجة".

هذه المادة مترجمة من صحيفة the guardian البريطانية، للاطلاع على النسخة الأصلية يرجى الضغط هنا.

تحميل المزيد