تحتضن المملكة المغربية مؤتمر "الكوب"، أو مؤتمر الأطراف، في نسخته الثانية والعشرين، وهو قمة تعقد كل سنة، بحضور ممثلي الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، التي يبلغ عدد الدول الموقعة عليها 196 دولة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي.
ويعتبر هذا المؤتمر فرصة لمناقشة مسببات تغير المناخ في السنوات الأخيرة، الذي يعتبر بمثابة نتيجة للثورة الصناعية التي عرفها العالم قبل ما يقارب ثلاثمائة عام، أي خلال القرن التاسع عشر؛ إذ تجلت مظاهرها في استغلال مصادر الطاقة الطبيعية من أجل تحسين طريقة العيش، الأمر الذي زاد من إفرازات الغازات الدفيئة، خصوصاً ثاني أكسيد الكربون، مما أدى إلى ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بمعدل 0.8 درجة سيلسيوس منذ القرن التاسع عشر، ومنه ازدياد ظاهرة الاحتباس الحراري التي باتت تهدّد مستقبل كوكبنا.
هذا وقد ارتفع معدل البحر، مما قد يؤدي إلى غرق الجزر والدول القريبة من البحار، وكنتيجة لكل هذه المشكلات البيئية، تبحث الدول المشاركة في "الكوب" عن سبل للحد من هذه التغيّرات.
تعتبر هذه المرة الثانية التي ينظم فيها المغرب مؤتمر الأطراف؛ إذ سبق أن نظمه في نسخته السابعة سنة 2001، أي قبل خمس عشرة سنة من الآن، وكانت أول نسخة قد نظمت في ألمانيا، تحديداً في برلين سنة 1995.
من البديهي أن تنظيم مؤتمر بهذا الحجم، الذي سيستقبل أزيد من ثلاثين ألف زائر من جمعيات ومنظمات فاعلة في مجال البيئة، إضافة إلى رؤساء الدول، سيكون بمثابة إضافة تحسب للمملكة، من شأنها أن تحسن صورة المغرب في الخارج، خصوصاً أن هذا يتزامن مع تطوير مشروع محطة "نور" للطاقات المتجددة (الأكبر على مستوى العالم)، الذي يطمح إلى تزويد أكثر من خمسين في المائة من احتياجات المغرب للطاقة عن طريق طاقة متجددة – نظيفة، وذلك مع حلول سنة 2030.
لكن يبقى السؤال المطروح، الذي يتبادر إلى أذهان المغاربة: ماذا عن صورة البلاد في أعين مواطنيها؟
الجدير بالذكر أن تحوّل المدينة الحمراء مراكش – وهي المدينة التي سيقام فيها الكوب- إلى "عروس"، استعداداً لاستقبال الزوار لقي استنفاراً من طرف بعض المغاربة الذين اعتبروا هذا بمثابة محاولة لإخفاء الواقع، أو رغبة في الظهور بحلة أجمل، في حين أن الواقع لا يعبّر عن هذا كما هو مبيّن.
وحتى لا ننسى.. مؤتمر المناخ هذا لن ينسينا أننا نعيش في وطن يُطْحَن أبناؤه في شاحنات للقمامة كنتيجة لرغبتهم في العيش بكرامة، كما لن ننسى أن هذا البلد المنظم لمؤتمر المناخ هو نفسه من يعنَّف أساتذته ويدرس أبناؤه في قاعات درس ممتلئة عن آخرها، لا تتوفر على أبسط احتياجات التلميذ.
لن ننسى أن عدد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر، والذين يعانون من شتى أساليب التهميش والاضطهاد يفوق عدد ساكنة قطر.
لن ننسى أن هنالك أسراً تعيش في أعالي الجبال، ما زالت لا تستفيد من حقها في استعمال مياه صالحة للشرب، وأنها تقطع مسافات من أجل الوصول إلى هذه المياه، كما أنها ما زالت توقد شموعاً، ليس من أجل خلق أجواء رومانسية، بل لأنه السبيل الوحيد للإضاءة هناك.
لن ننسى أن أبناء مثل هؤلاء الأسر ينقطعون عن الدراسة في سن مبكرة؛ نظراً لاضطرارهم قطع مسافات طويلة يومياً، تحت ظروف مناخية صعبة من أجل الوصول إلى المدرسة، وغيرها من المشكلات الاجتماعية المسكوت عنها.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.