أُخرِج الأطفال المُبتسرون بمدينة حلب السورية من حضاناتهم، بعدما دمّرت الغارات الجوية المستشفيات بجميع أنحاء المدينة، مما دفع الولايات المُتحدة الأميركية والأمم المُتحدة لإدانة الحكومة السورية وروسيا.
وفي مقاطع مُروّعة، نشرتها صحيفة الإندبندنت البريطانية، الأحد 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، شوهِد أطفالٌ رُضّعٌ يتم إخراجهم من حضاناتهم في جناح مليء بالدخان بالمُستشفى، وبدا أفراد التمريض في حالة من الأسى الشديد بينما يفصلون الأنابيب الداعمة عن الأطفال، ويلفّونهم في بطانيات.
وأظهر المُقطع، الذي صوّره صحفيٌ سوريٌ، الأطفالَ المُبتسرين لاحقاً يرقدون تحت بطانية على الأرض، وتحيطهم الأنابيب الطبّية بينما يحاول أفراد التمريض تقديم بعض أشكال الدعم، كمحاولةٍ لإبقائهم على قيد الحياة، على ما يبدو في منزلٍ لأحد المدنيين.
وقد دُمّرَ مُستشفى الأطفال، الخميس 17 نوفمبر/تشرين الثاني، في ثالث أيام الهجوم المتجدد من قِبل الحكومة السورية وروسيا على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حلب.
كما تعرّضت 4 مُستشفيات أخرى شرق المدينة وفي ريف حلب الذي تُسيطر عليه المُعارضة المُسلّحة للقصف والتدمير، منذ بدء الهجمات يوم الثلاثاء 17 نوفمبر/تشرين الثاني، وأفادت وزارة الصحة السورية ومُنظمة الصحة العالمية أن كافة المُستشفيات بجميع أنحاء المدينة المُحاصرة صارت الآن خارج الخدمة.
وبلغ عدد القتلى 92 شخصاً على الأقل منذ بدء الهجوم، بما في ذلك 27 طفلاً على الأقل قُتِلوا شرق حلب يوم السبت وحده 19 نوفمبر/تشرين الثاني، مع تكثيف الغارات الجوية وقنابل البراميل وقذائف المدفعية، ومن المُتوقع أن ترتفع أعداد القتلى بسبب عدد المُصابين بجروج خطيرة جراء الهجمات، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من المملكة المُتحدة مقرّاً له.
وقد أسفر القصف المكثّف الذي وقع يوم السبت عن تدمير مرافق الإنقاذ والمرافق الطبية شرق حلب، في حين أن العديد من مدارس المنطقة -التي تعمل فقط بالطابق السفلي بسبب الهجمات المتكررة- قد أعلنت إغلاقها يومي السبت والأحد "لدواعي سلامة الطلاب والمُدرّسين، بعد الغارات الجوية الهمجية على المنطقة".
"الناس لا يغادرون منازلهم"
"الناس ينامون ويستيقظون على صوت القصف" هكذا قال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد، في حديث أجراه لوكالة الأنباء الفرنسية، وأضاف "بالكاد تجد أحد الأحياء في منأى عن ذلك. الناس لا يغادرون منازلهم".
وقال ياسر الرحيل، الصحفي وعضو المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية، والذي أمدّ صحيفة الإندبندنت بصور العدوان إن "القصف الأخير الذي تعرّضت له المستشفيات يتسبب في زيادة أعداد الوفيات بين الجرحى خلال ساعات من تعرّضهم للإصابة".
وأضاف "لقد أحصينا أكثر من 2000 قذيفة مدفعية وقُرابة 250 غارة جوية منذ مُنتصف ليل الجمعة، مما أسفر عن مقتل 28 شخصاً وإصابة 150 آخرين.
وتابع أن "عدد القتلى يتزايد بسبب الحالات الخطيرة للعديد من المُصابين، مع عدم وجود علاجٍ كاف، فجميع المُستشفيات في المناطق المحررة صارت خارج الخدمة نتيجة للقصف المُنتظم على مدى اليومين الماضيين، لذلك يتم علاج المُصابين في أي مكان مُتاح في منأى عن القصف".
وقد أدانت مُستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس ما وصفته بالقصف "البشع" للمُستشفيات في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة شرق حلب، وحذّرت أن النظام السوري وداعميه الروس مسؤولون عن العواقب بعيدة المدى لذلك.
وقالت في بيان إن "الولايات المُتحدة تدين بأشد العبارات تلك الهجمات المُروّعة على البنية التحتية الطبية وعلى العاملين في المُساعدات الإنسانية، فلا يوجد مبرر لتلك الأعمال البشعة".
وأضافت أن "النظام السوري وحلفاءه، لا سيما روسيا على وجه الخصوص، يتحملون مسؤولية العواقب الفورية والممتدة التي أسفرت عنها تلك الأفعال في سوريا وخارجها".
لا نريد إدانات
ورداً على البيان؛ قال ياسر الرحيل إن "السوريين في شرق حلب قد سئموا من التصريحات الصادرة عن المُجتمع الدولي، فنحن لا نريد إدانة، نحن نريد إيقاف هذه المحرقة في حلب" وأضاف أن "المدنيين يريدون أن تتوقف روسيا ونظام الأسد عن قصفهم".
وقال اثنان من كبار المسؤولين بالأمم المُتحدة إنهم "يشعرون ببالغ الأسى والفزع جراء التصعيد الأخير للقتال في عدّة أجزاء من سوريا".
وأشار علي الزعتري، منسِّق الشؤون الإنسانية في سوريا، وكيفن كنيدي منسّق الشؤون الإنسانية الإقليمي لدى الأمم المُتحدة إلى أنهما شاركا بخطة لإيصال المُساعدات الإنسانية، وإجلاء المرضى والجرحى من شرق حلب.
وقالا إنه "لابد من موافقة جميع الأطراف على الخطة والسماح لنا بتأمين الوصول الفوري والآمن بدون عوائق، لتقديم الإغاثة لمن هم في أمسّ الحاجة إليها".
وتنفي كل من روسيا وحكومة الأسد تعمّد استهداف المُستشفيات والبنية التحتية المدنية الأخرى خلال الحرب التي بدأت عام 2011 وانضمت إليها القوات الجوية الروسية في سبتمبر/أيلول 2015.
فيما قالت مُنظمة أطباء بلا حدود إنه قد وقع أكثر من 30 غارة على المُستشفيات شرق حلب، منذ بداية شهر يوليو/تموز، وإن المُستلزمات الطبية "قد استنُفِذت" مع عدم إمكانية إرسال المزيد من الإمدادات إلى هناك".
وقد تمكن العاملون لدى هيئات الصحة والإنقاذ من إعادة المُستشفيات المُدمّرة إلى العمل في وقت سابق، ولكن نقص الإمداد يجعل الأمر أصعب.
يذكر أنه قد تم تقسيم حلب منذ عام 2012 إلى منطقة تسيطر عليها المعارضة المسلّحة في الشرق، ومنطقة تابعة للحكومة في الغرب، وقد ظلّت المعارضة تحت الحصار بفعل النظام لمدّة أربعة أشهر، مما أسفر عن نقص بالمواد الغذائية والوقود، ولايزال أكثر من 250 ألف شخص في المناطق التي تسيطر عليها المُعارضة.
-هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Independent البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.