من مصطلحاتي الشخصية التي أستعملها غالباً مع الأشخاص، سواء كانوا أصدقاء أو مارّة، كلمة "حبيبي"، إلا أن هذه الأخيرة تلقى ابتسامة تُخفي وراءها (ماذا تقول يا هذا؟!)، أو تعليقاً ساخراً: "هل الأخ من سوريا؟".. ليس إجبارياً أن تكون أجنبياً لتحمل قلباً كبيراً، ولستَ شاذاً أو مائلاً إلى الأنوثة إذا أفصحتَ عن حبك وعن مشاعرك لكل مَن حولك؛ ابتداءً من والديك وعائلتك الصغيرة ثم أصدقائك، مروراً بشريك حياتك، إلى تلك المرأة الهرِمة الشاحبة التي تنظّف مصعد منزلك.
أعرف أنك تحبهم فعلاً، وهم يحبونك، لكن لا أحد يفصح عن هذا الحب، إذاً سيتلاشى؛ لأن الحب تماماً كالنبتة، فإذا لم تسقِها بانتظام فستذبل وتموت، كذلك الحب إذا سقيته بالكلمات المناسبة وقرنتها بالاهتمام، فسينمو ويكبر هذا الحب، وستجني أضعافَ ما زرعت.
لربما وحتى في هوليوود، يفقد الموت هيبته، إذا كان عن طريق مسدس بكاتم الصوت، من دون ضجة صوت الطلقة، كذلك الحب يفقد بريقه إذا لم يكن له صوت يدافع عنه، ويوصل تفاصيل نبضاته، كما أن صوت الحب أقوى وأعذب من صوت الرصاصة، وتأثيره أبلغ منها، ولربما الرصاصة تُميت ودائماً معها غالب ومغلوب، لكن الحب يُحيي والكل فيه رابحون.
لا تستغرب إن شرعت في حملة "حبيبي، أحبك، اشتقت إليك.. "، في مواجهة السخرية ونظرات الاستغراب، فشخصياً عندما جرّبت أن أقولها لأمي في الأيام الأولى وهي السبعينية وأنا في عقدي الثالث، ظنتْ أني ثَمِل أو استبدلت سيجارتي العادية بأخرى "ماريغوانية"، فهي لم تتعود سماعها، أو لم أعوّدها أن أقولها لها.
في الحقيقة، نحن مَن يجب أن نتعود أن نحب أنفسنا، ونحب الآخر كما هو، وسرعان ما سيتعوّد جميع مَن حولنا ومَن صادفنا أن يحيوا بالحب، فالحب عدوى، كما أن الكره والحقد والغل عدوى، وأنت مُعدٍ مُعدٍ، فأحسِن اختيار العدوى التي ستنشرها.
ليس ذلك الذي جمع قيس بليلى، وعنتر بعبلة، وروميو بجولييت، إلا جزء لا يتجزأ من مصطلح "الحب" ومفاهيمه، فالحب تعدّى أن يكون شعوراً فأصبح طاقة، ولن أبالغ إن قلت إن اعتمادها وتعميم عدواها سيكون ترياقاً لهذا العالم الصامت حباً والناطق حرباً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.