كلينتون وترامب يتخذان موقفان متباعدان لحل الأزمة السورية.. فما هما؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/03 الساعة 14:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/03 الساعة 14:01 بتوقيت غرينتش

أرسلت فترة رئاسة باراك أوباما صقور السياسة الخارجية في واشنطن – أو "التكتل" كما وصفه مساعد البيت الأبيض بين رودز مستهزئاً – إلى العراء. لكن التكتّل عاد، وأمامه أفضل فرصة منذ 8 أعوام للدفع في اتجاه دورٍ عسكري أكبر للولايات المتّحدة في الشرق الأوسط، هذه المرة في سوريا.

تتبنى المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وغريمها الجمهوري دونالد ترامب، موقفين متباعدين بشأن كيفية إنهاء الحرب السورية التي دامت 5 أعوام ونصف العام، وفقاً لما ذكرت صحيفة "فورين بولسي".

كلينتون تفضل تسليح الثوار السوريين

بصفتها وزيرة للخارجية، فضّلت كلينتون تسليح الثوّار السوريين ضد الرئيس بشار الأسد واقترحت فرض منطقة حظر جوي أو منطقة آمنة لحماية المدنيين من قنابل الحكومتين الروسية والسورية. كما دعت أيضاً إلى توفير المزيد من التسليح والتدريب للمقاتلين الكرد ضد داعش. لكن ليس من الواضح تماماً المدى الذي ستبلغه في تسليح الجماعات المعارضة المصمّمة على إسقاط الأسد.

لا تدعو كلينتون ولا أي من الآخرين الداعين إلى ردٍّ عسكري أكثر قوّة في سوريا إلى التدخّل الكامل بالقوات البرية الأميركية التي نفذته الولايات المتّحدة على مدار 15 عاماً في أفغانستان والعراق. ومع ذلك، فإن اقتراحاتها قد شجّعت هؤلاء الذين يعتقدون أن القوة العسكرية الأميركية وحدها هي القادرة على إجبار الأسد على السعي إلى اتفاقية سلام بنيّة صادقة.

يقول بسام بربندي، الدبلوماسي السوري السابق المستشار الحالي للمعارضة السورية، إنه يعتقد أن كلينتون وترامب كليهما سينتهج سياسة "أكثر هجومية" في سوريا من إدارة أوباما، مع أنه لا يتوقّع دخول القوات الأميركية الحرب ضد الأسد.

وما زال العديد من الأصوات يعتقد أن أوباما فعل الشيء الصحيح عندما صمد أمام ضغط المؤسسة الخارجية الأميركية تجاه قصف الأسد وزيادة شحنات الأسلحة لخليطٍ من جماعات المعارضة، العديد منها منخرط في تحالفات مع المتطرفين.

ويقول بعض الخبراء إن هناك تشككات حتى في مجموعة كلينتون الضيقة من مستشاري السياسة الخارجية، إذ يشك بعضهم في كون تعميق التدخل العسكري الأميركي في سوريا قراراً حكيماً.

أما بالنسبة لترامب، فإن المرشح الجمهوري أبدى القليل من الاهتمام في إسقاط القائد السوري، قائلاً في المناظرة الرئاسية يوم التاسع عشر من أكتوبر/تشرين الثاني إنّك "ربّما تنتهي إلى ما هو أسوأ من الأسد" في حالة تنافس آخرين على ملء الفراغ القيادي الذي سيتركه رحيله. بدلاً من ذلك، يفضل ترامب العمل مع حلفاء الناتو وروسيا للتغلب على الدولة الإسلامية، إذ وجّه سؤالاً إلى حشدٍ في يوليو/تموز، "ألن يكون الأمر لطيفاً إن اجتمعنا مع روسيا وأوسعنا داعش ضرباً؟".

وإذ يُغادر أوباما المنصب يناير/كانون الثاني القادم، فإن المهتمين بالسياسة الخارجية ستسنح لهم أفضل فرصة لإعادة ضبط وتوجيه السياسة الأميركية تجاه سوريا. إليكم خليطاً من مقترحات صقور الحرب وحمامات السلام يُمكن للرئيس القادم النظر فيها، كما تُجملها مجلة "فورين بوليسي":

مناطق الحظر الجوي

يؤمن تشارلز ليستر، من معهد الشرق الأوسط، بأن إنزال روسيا أنظمة الصواريخ الدفاعية المتقدّمة سيجعل الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة لكلينتون الآن، مقارنةً ببدايات دفعها في اتجاه فرض مناطق الحظر الجوي من داخل إدارة أوباما. لكنه يُضيف أن الولايات المتحدة وتركيا جعلتها بالفعل مناطق محظورة جوياً على الطيران الروسي والسوري في شمال شرق سوريا وشمالي حلب. واقترح إنزال فريق من الكوماندوز الدوليين في مناطق أخرى من سوريا لردع الضربات الجوية.

يقدّر ليستر أيضاً وجود حوالي 70 جماعة معارضة مسلّحة، والتي يعتبرها "معتدلة بشكلٍ كافٍ"، انتقتها وكالة الاستخبارات الأميركية ووزارة الدفاع لتلقي المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة. يقول ليستر: "المشكلة في إدارة أوباما أنّها كانت قلقة جداً من العمل معهم. هذه فرصة لن تدوم للأبد".

البيت الأبيض كان كارهاً لدعم بعض هذه الفصائل المعارضة، ومن ضمنها جبهة فتح الإسلام، التي عُرفت حتى وقتٍ قريبٍ بجبهة النُصرة والتي كانت على صلاتٍ وثيقة بالقاعدة – العدو اللدود للولايات المتّحدة. ويظن ليستر أن الفصائل تستحق الدعم رغم ذلك. وسيتعيّن على إدارة الولايات المتحدة الجديدة فرض اتفاقية وقف الأعمال العدائية، إما بنفسها أو بمساعدة تحالفٍ.

ويحظى ليستر بحلفاء أقوياء، وفي أكتوبر/تشرين الثاني انضمّ له الجنرال المتقاعد جون ألين، الرئيس السابق للتحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية، في كتابة افتتاحية "واشنطن بوست" الداعية إلى زيادة المجهودات الأميركية للإطاحة بالأسد. اقترحا فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا والداعمين للجيش السوري، وقيادة تحالف يستهدف ويضرب البنية التحتية السورية.

يقول ليستر لـ"فورين بوليسي": "أعتقد أن نظام الأسد حسّاس للغاية تجاه الضغط من الولايات المتّحدة، لكنه نادراً ما تعرض للضغط من قبل الولايات المتحدة".

قطع الإمدادات عن الثوار والإنهاء الجبري للحرب

يرى بعض منتقدي الحل العسكري في سوريا الأزمة من منظور مختلف تماماً، حيث يعتقدون أن إدارة أوباما لم تتحرك بالسرعة الكافية لقطع إمدادات الحلفاء للثوار المرتبطين بالمتطرفين – ومن ضمنها الدولة الإسلامية وجبهة فتح الإسلام – وهي آلية أطالت الحرب في سوريا.

يقول جوشوا لانديس، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما: "فشل التصعيد في كسب حرب الوكالة هذه. لم ينجح إلا في إطالة أمدها وزيادة ضحاياها".

وبينما لا يعد جوشوا من معجبي الأسد، إلا أنه يقول إن فظاعات النظام لا تبرر توفير الدعم العسكري واللوجستي للثوار على أمل الوصول لانتقال سياسي ربما يخرج بنتيجة أفضل. ومع ذلك، يقول لانديس إن الوقت ما زال متاحاً أمام الرئيس القادم ليقوّم السياسات.

وأضاف: "ينبغي على الولايات المتّحدة المساعدة في إنهاء الحرب الأهلية السورية بشكلٍ أسرع من أجل تقليل معاناة الشعب السوري. يُمكن لها المساعدة في ذلك برفض إعطاء مزيد من الأسلحة والتمويل للثوار وبتشجيع حلفائها، ومن ضمنهم تركيا والسعودية وقطر، على تقليل شحنات الأسلحة وتدفق الأموال إلى المتمردين".

"اقصفوهم حتى يتحاوروا"

يقول أندرو تابلر، الأكاديمي المختص بالشأن السوري في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأقصى، إن رئيس الولايات المتحدة الجديد سيحتاج إلى فرض وقفٍ لإطلاق النار في سوريا، والحفاظ عليه. فالمبادرة الروسية الأميركية لوقف القتال في شرق حلب انهارت في سبتمبر/أيلول الماضي بعد إعادة إطلاق دمشق وموسكو حملة قصفٍ جوي هائلة.

وقال تابلر إن سوريا لم تدفع أبداً ثمن خروقاتها وقف القتال. لكنه قال إن واشنطن يمكنها فرض وقفٍ لإطلاق النار في المستقبل عن طريق ضربات بصواريخ الكروز من السفن الحربية الأميركية أو من دولة مجاورة، لتدمير المطارات السورية وأهداف حيوية أخرى.

ولتفادي تصعيد التوترات مع موسكو، ستحتاج الولايات المتحدة إلى الاقتصار على استهداف المؤسسات العسكرية التي لا يتواجد الروس بها. في أغسطس/آب، كتب تابلر افتتاحية "نيويورك تايمز" مع دينيس روس، مبعوث الشرق الأوسط السابق الذي دعم الغزو الأميركي للعراق في بادئ الأمر، ثم أعرب عن ندمه لاحقاً.

ويفضّل تابلر أيضاً فرض مناطق آمنة بالقرب من الحدود السورية مع الأردن وتركيا. مبرراً بأن فعل ذلك سيسهّل من الحد من نشاطات المتطرفين ويوفر المزيد من الأمن للمدنيين. وستحتاج الإدارة الجديدة أيضاً إلى البحث في عمق أدواتها الدبلوماسية لاكتشاف طرقٍ لزيادة الضغط على النظام، ومن ضمنها التوسّع في العقوبات الأميركية والأوروبية على صادرات الطاقة السورية، والإطباق على دمشق عقاباً على استخدامها الأسلحة الكيميائية.

لكن الكلام عن معاقبة نظام الأسد أسهل من الفعل. فقد أشارت روسيا إلى أنها ستستخدم نفوذها في الأمم المتحدة لعرقلة محاولات الولايات المتحدة وحلفائها زيادة العقوبات على سوريا لإلقائها قنابل غاز الكلور السام على المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة. ويقول تابلر إنه سيتعين على الرئيس الجديد إيجاد طريقة للتغلّب على المعارضة الروسية عن طريق التعرّف على التحركات التي يمكن أن "تؤثر على حسابات النظام".

رفع مستوى تدريب وتسليح الثوار

ستنتهي الحرب الأهلية السورية إما بهزيمة أحد الطرفين أو بالسلام نتيجة لتسوية تمخضت عنها المفاوضات سيكون أساسها على الأرجح بيان جنيف لعام 2012، الذي أصدرته الأمم المتّحدة.

يقول فيصل عيتاني، من مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلنطي، إنه يفضل الحل الدبلوماسي. لكن الوصول سيتطلب البناء العسكري لقوات الثوار المحاصرة بسوريا.

عيتاني مقتنع بأن رئاسة كلينتون ستكون أكثر قابلية لرفع مستوى استخدام القوة. وأخبر عيتاني "فورين بوليسي" بأن "معسكر كلينتون في المحاورات كان مؤيداً للقتال أكثر مما كنت لأتخيل. لقد بدوا مقتنعين بأن نظام الأسد لن يستمع إلى أي شيء إلا القوة".

لكنه يشكك في دعوة كلينتون إلى فرض منطقة حظر جوي، قائلاً إن ذلك سيتطلب "تصعيداً عسكرياً هائلاً"، ستكون تكلفته المادية والعسكرية عالية أكثر مما يسمح بالاستمرار فيه. لكن في حالة نفور الولايات المتحدة من دعم الثوار بأسلحة يُمكنها قلب الموازين، فسيتعين عليها المشاركة بشكلٍ مباشر أكثر في النزاع.

وأضاف: "كل مرة يستهدف فيها صاروخ أحد الأسواق، أو تسقط عبوة ناسفة، يجب أن ينفجر شيءٌ على جانب النظام. سيتوجّب علينا المُشاركة بشكل مباشر".

عقد صفقة مع روسيا وإيران

الوصول إلى حلٍ للنزاع عن طريق المفاوضات ربما يعني إعادة التفكير في أولوية رئيسية تمسَّك المسؤولون في الولايات المتّحدة والخليج بها لأعوام، وهي الرحيل الفوري للأسد. يقول أندرو بوين، الخبير بالشأن السوري بمركز ويلسون: "من غير الواقعي أن نفترض أن رحيل الأسد مطروح على مائدة الحوار عند هذه النقطة". تبدو موسكو وطهران معارضتين لرحيل ديكتاتور دمشق.

وبدلاً من ذلك "يُمكن أن تتضمن التسوية استكمال الأسد فترته الرئاسية مع إجراء تعديلٍ دستوري يُعطي مزيداً من النفوذ لرئيس وزراءٍ وحكومة جديدة منتخبة".

ووفقاً لبوين فستتطلب صفقة بهذا الحجم موافقة دول إقليمية رئيسية، من ضمنها السعودية وتركيا وبالأخص إيران وروسيا. وينبغي أن تنص الصفقة أيضاً على "إصلاحاتٍ للأجهزة الأمنية تتضمن نزع التسليح عن الميليشيات وانسحاب القوى الخارجية".

– هذا الموضوع مترجم عن مجلة Foreign Policy الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.

تحميل المزيد