حتى لا ننسى غزة

نظر إليها فأحس بدفء حضنها، نزلت دمعة فرح أن غزة لم تمت، حضنها وقال بعد آهات خرجت من الأعماق: "ما أجملك وما أقواك وما أطهرك!".

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/30 الساعة 03:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/30 الساعة 03:30 بتوقيت غرينتش

كان السكون يخيم على الأرض الطيبة، وكان حظر التجول مفروضاً عليها.. الصمت عيد يداعب أناملها، كان كل شيء يسير بهدوء إلا الأوراق تتساقط، والمطر يهطل بلا خوف من الرصاص ولا فزع من مدافع العدو.

كان الظلام يسود الأزقة، يتجول قسامي في أرجاء غزة، يتأملها وهي في حلة لم تطل بها أياماً طويلة، حلة خالية من الدماء، اعتذر لغزة، حكى لها عما يختلج الوجدان، وحكت هي عمّا يتعب الكيان.

نظر إليها فأحس بدفء حضنها، نزلت دمعة فرح أن غزة لم تمت، حضنها وقال بعد آهات خرجت من الأعماق: "ما أجملك وما أقواك وما أطهرك!".

سكت لحظة، ثم أضاف: "أظنك من كوكب آخر.. قيمك قيم فاقت الدنيا وملاذها، فاقت الأرض وترابها.. فاقت قصص الحب وعشاقها.. فاقت كل ما يوصف بالكلمات ويحكى في الحكايات ويغنى في السهرات.. فأنت من صنعت من الجرح رصاصاً يقتل الأعداء، ومن الألم دروس نضال، ومن الطفل رجلاً في السراء و الضراء، فيا أيتها المنارة ويا أرض الشهداء لا تبكِ ولا تحزنِ فدماؤك لم ترح هدراً، ولم تذرف غدراً.. نحن دائماً على الوعد أحرار، وسنطرد العابثين والخائنين من أرضك البيضاء، فالعهد قادم ولن ينجو أحد.. الكل سواء!".

ابتسمت غزة فرحاً بصدق الحماسيين، وعرفت أن لغزة رجالاً يحمونها مهما طال الطريق، وقالت بصمت: "كم أحبكم وكم أشتاق لضحكتكم؟! لكن الجهاد أسمى ما تملكون ولأرقى ما تطمحون، وبه إن شاء الله تكرمون، وبتاج الشهادة تزينون.. كم أعتز أني صنعت رجالاً في زمن غاب فيه الرجال، وزرعت فيهم الصبر والحماس، وعلمتهم أن التضحية واجب وليست اختياراً، فلا داعي للاعتذار.. نحن وجهان لعملة واحدة، فعتبي ليس عليكم، عتبي على أولئك.. نعم أولئك الذين باعوني بأرخص الأثمان.. الذين اكتفوا بمشاهدة المجازر وأنا أتألم تحت القصف، عتبي على الحكومات العربية التي رمت الضمير الإنساني وراء ظهرها، فأين مواثيق الدفاع المشترك؟! وأين التزامهم الديني والأخلاقي تجاهي؟! ولماذا تركن وراء معاهدات السلام المزعوم؟! ولماذا؟.. ولماذا؟!

خانوا غزة.. لكن غزة لن تخون، فقد رويت أرضها بالدم الطاهر.

فيا عرب قفوا وقفة الرجل الواحد في يوم واحد.. أرجعوا كرامة أُهدرت.. أخبروا العالم أن لا ثمن للعزة، وسيروا في الطريق بلا رجعة، وأثبتوا أنه لن تنزل بعد اليوم دمعة.. يا عرب أوقفوا الحوار وانزعوا عنا الحصار، وخذوا أصوب قرار.. لا تخذلونا ..كونوا أصحاب كرامة ونخوة وعزة.. أشعلوا الشموع لتضيئوا غزة.

فيا ابن مدرسة الجهاد، اذهب وأخبر حماس أن بك ترفع الرأس".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد