بين النّباهة والاستحمار

بين النّباهة والاستحمار، منطقة فراغ لا بُدّ من ملئها بوَعْي يتلوه موقِف تُخلِّده لك الأيام، ولن يتأتّى ذلك إلا بتَعاليكَ عن أناكَ وانخراطك في قضايا الجماهير والأمّة وإدراك المُنتَظَر منك إزاء رهاناتها وتحدّياتها والمخاطِر التي تقُضّ مضجِعها.

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/29 الساعة 07:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/29 الساعة 07:14 بتوقيت غرينتش

بين النّباهة والاستحمار، منطقة فراغ لا بُدّ من ملئها بوَعْي يتلوه موقِف تُخلِّده لك الأيام، ولن يتأتّى ذلك إلا بتَعاليكَ عن أناكَ وانخراطك في قضايا الجماهير والأمّة وإدراك المُنتَظَر منك إزاء رهاناتها وتحدّياتها والمخاطِر التي تقُضّ مضجِعها.

وكلّما تَفتّقت الأحداث عن صحِّةِ ما فيها وانْفَـرز الحقّ عن الباطِل، وبانَت معالِم الطّريق، فسِر غيرَ مُتوانٍ عنْ تسجيل موقِفك ونُصرة الحقّ والإسهام في إدارة استراتيجيات الانتقال الديمقراطي في المنطقة، بِرَفضك للانقلاب العسكري في مصر وتركيا، وانحيازك للعدالة والشرعية والدّيمقراطية واختيارات الشَّعب الاجتماعية والثقافية والحضارية والسياسية، وانخراطِك في الدِّراية الاجتماعية العامّة، وحُضور ذهنك في المواقِف التاريخية الحاسمة.

أمّا عَدم إدراكِكَ لما يُحاطُ بك، وببلدك وأمّتك، وانصرافكَ عمّا ينبغي أن تُفكِّر فيه من مصير مجتمعك ومَن يأتي بَعْدَك، وانشغالك عن كشف عمليات التزوير لإرادة الشعوب واستهداف مصير الدمقرطة المدنية والسياسية وسوء الوعي بمخاطر التفكيك والتّمزيق وسياسات الإلحاق والمصادرة التي تدور حول عنق الأمّة، وعدم القدرة على فهم استراتيجيات التّجهيل والإلهاء والتّغفيل والإيهام والتّحقير والتّخدير، فيعني ذلك سقوطك من مقام "النباهة الفردية والجماعية" إلى مهاوي "الاستحمار"، وستكون حينها مُجرَّد كَبْشٍ تَمتَ المُدْية في أيديهم؛ تستسلم لذبحهم إيّاك.. وقديماً قيل: "لو لم يجدونا نعاجاً، لما صاروا ذئاباً".

كما يعني ذلك حَرْفُ ذهنك عن الحضور في الموقف الصحيح وتزييف موعدك مع التّاريخ، وصَرْفُ إرادتك وما تقوى عليه في اتّجاهِ التّلَهِّيات الصُّغرى من مأكل ومشرب وملبسٍ ومُتَعٍ عابرة واستهلاكِ لا مُعَقْلَن.. فاعلم أنك إذا لم تكن حاضر الذهن في الموقف، فكن أينما أردت، المهم أنّك لم تحضر الموقف، فكن أينما شئت؛ واقفاً للصّلاة أم جالساً في ملهى ليلي، كلاهما واحد!

الاستحمار بنوعيه القديم والجديد مُدان.. والنّباهة مطلوبةٌ شرعاً وعقلاً وواقعاً.

وكل التحية للنّباهة الشعبية في كلّ مكان.. ولا نامت أعين المتخاذِلين المتساقطين على طريق المواقِف ومواقع الشَّرف والمروءة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد