ﺑﻴﺌﺔ ﺭﻳﻔﻴﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺗﺤﻮﻱ ﻫﺬﺍ ﺍﻟطفل ﺍﻟﻤﻨﻔﺮﺩ ﺑﺬﺍته، ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﻓﻲ ﺗﻔﺎﺻﻴله.. ﻃﻔﻮﻟته ﺭﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻟشيء ﻭﻋﺠﻴﺒﺔ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً.. ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﺗﻔﻮﻕ ﻋﻤﺮﻩ ﺍﻟﻤﻌﺪﻭﺩ ﻭﺗﺨﻴﻼﺗﻪ ﻳﺸﻮﺑﻬﺎ ﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺪ ﻭﺍﻟﻼﻭﺍﻗﻌﻴﺔ، ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺍﻭﺩﻩ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﺍﻟﻤﺒﻬﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺴﺪ ﺑﻪ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻤﻜﻠﻮﻡ ﻋلى ﻓﺮﺍﻕ ﻣﻌﺸﻮﻗته ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻠّﻜﻬﺎ ﺳﻮﺍﻩ.. ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﺳﻴﻄﺮ ﻋﻠﻲ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ.
ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ ﻛﺘبه ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﻴﺔ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﺎﺑﻘﻬﺎ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤﻠﻢ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻳﺨﺮﺝ ﻓﻴﻠﻤﺎً ﻟﻨﻔﺴﺔ ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﺎً ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﺩﻭﺍﺕ، ﻳﺘﻤﻠﻜﻪ ﺷﻌﻮﺭ ﺑﺎﻷﺳﻲ ﻭﺍﻟﺤﺰﻥ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻄﺎﻟﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﺑﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻈﻬﺮ ﺑﻪ ﺳﻴﺎﺭﺍﺕ ﺗﺴﻴﺮ ﻭﺭﺍﺀ ﺑﻌﻀﻬﺎ. ﻭﻫﻮ ﻭﺍﻗﻒ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻊ ﺑﻌﻴﺪ ﻳذﺭﻑ ﺩﻣﻮعاً ﻏﺰﻳﺮﺓ، ﻛﺎﻥ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﺩﺍﺧله. ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺰﻑ ﻣﻌﺸﻮﻗﺘﻪ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻓﺮﺣﻬﺎ ﻟﻌﺮﻳﺲﻏﻴﺮﻩ..
ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻫﻲ ﻫﺬه ﺍﻟﻔﺘﺎة؟ ﻓﻬذا ﻣﺎ ﻛﺎﺩ ﻳﻔﻘﺪ ﻋﻘﻠﻪ ﻟﻤﻌﺮﻓته.. ﺑﺪﺃ ﻋﻤﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻭﺑﺪﺃﺕ ﻣﻼﻣحه ﺗﺘﻐﻴﺮ.. ﻓﺸﻤﺲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﻃﻐﺖ ﻋﻠى ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﺑﺸرته ﺍﻟﺴﻤﺮﺍﺀ، ﺣﻤﻞ معه ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﻭﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻩ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﻲ ﺍﻟﺒﺎﻫﺖ.
ﻛﺎﻥ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﻳﺘﺴﺄﻝ ﻋﻣﺎ إذا ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﻡ ﻫﻲ ﻣﺠﺮﺩ ﺃﺿﻐﺎث ﺃﺣﻼﻡ ﻟﻜنه ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻮﻱ ﺑﺪﺍﺧﻠﻪ ﻳﻘﻴﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ.. ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻳﺤﺲ ﺑﺪﻑﺀ ﻗﺮﺑﻬﺎ ﻣنه، ﻭﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﺃﺧﺮى ﻳﺘﻤﻠﻜﺔ ﺷﻌﻮﺭ بأﻧﻬﺎ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ إﻟيه. ﺗﺴﻴﺮ ﺣﻴﺎته ﻛﺴﻔﻴﻨﺔ ﺗﺘﺮﻧﺢ ﺑﻴﻦ ﺃﻣﻮﺍﺝ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﻈﻠﻢ ﺗﺘﺨﻄﺐ ﺟﻨﺒﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺻﺨﻮﺭ ﺑﺎﺭﺯﺓ وﻣﺼﻄﺪﻣﺔ ﺑﺒﻘﺎﻳﺎ ﺣﻄﺎﻡ ﺳﺎﺑﻘﺔ، ﻓﻤﺎ ﺑﺪﺍﺧﻠﻪ ﻳﻘﻴﻦ ﺃﻡ هي ﻋﻮﺍﻣﻞ ﻏﺮﻳﺰﻳﺔ ﺻﻤﺎﺀ ﺗﺘﺤﺮﻙ ﺑﻐﻮﻏﺎﺋﻴﺔ ﺟﻬﻼﺀ، ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﻓﻲ ﺃﺣﻼﻣﻪ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ ﺃﻳﻀﺎً.. ﻭﻫﺎ ﻫﻲ ﺗﻠﻮﺡ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻖ ﺑﻌﺪ ﻃﻮﻝ اﻧﺘﻈﺎﺭ..
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﺃﻧﻬﺎ ﻫﻲ.. ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺗﺘﺄجج ﻣﺸﺎﻋﺮﻩ ﺍﻟﻤﻤﺘﺰﺟﺔ ﺑﺨﻮﻓﻪ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﻲ. ﻣﻼﻣﺤﻬﺎ ﺍﻟﻔﺮﻳﺪﺓ ﻭﻋﻴﻨﺎﻫﺎ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺘاﻦ ﻛﺎنتا ﻛﺄﻧﻬﻤﺎ ﺷﻬﺐ ﺳﻤﺎﺋﻲ، ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﻤﺎ ﺩﺭﺏ ﻣﻦ ﺩﺭﻭﺏ ﺍﻟﻬﻼﻙ.. ﻛﺎﻥ ﻳﺼﺎﺭﻉ ﻧﻔسه، ﺃﻫﻲ ﺣﻘﺎً ﺃﻡ ﻫﻲ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻓﻴﺎﺿﺔ ﻣﻠّﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻝ ﻓﺘﻮقفت ﻋﻨﺪ ﺃﻭﻝ ﻓﺮﺻﺔ. ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻳﺘﻤﻠﻜﺔ، ﺭﺑﻤﺎ ﻟﺼﻐﺮ ﻋﻤﺮﻩ ﺃﻭ ﻟﺸﺨﺼﻴﺘﺔ ﺍﻟﻮﺣﺪﻭﻳﺔ..
ﺃﺟﺜﻢ ﻋلى ﺳﺮﻩ الخطاب ﺑﺪﺍﺧﻠﻪ ﻟﺴﻨﻮﺍﺕ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺍﻟﺮﻫﻴﺐ ﻳﺪﺍﻫﻢ ﻗﻠﺒﻪ ﻋﻠﻲ ﻧﻮﺑﺎﺕ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ، ﻭﺍﻟﻌﻤﺮ ﻳﻤﻀﻲ ﺣﺎﻣﻼً ﻣﻌﻪ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ.. لا شيء ﺛﺎﺑﺖ ﺳﻮى ﺑﻌﺾ ﻣﻼﻣحه ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ، ﻭﻋﻴﻨﺎﻩ ﺍﻟﺠﺎﺣﻈﺘﺎﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍوان.. ﻭﻫﻲ ﺑﺎﻗﻴﺔ ﺑﺪﺍﺧﻠﻪ ﺗﺘﺮﺑﻊ ﻋﻠﻲ ﻋﺮﺵ ﺃﺷﻮﺍﻗﻪ..
ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺘﺮﺏ ﻣﻦ ﺃﺳﻮﺍﺭ ﻣﺪﻳﻨﺘﻬﺎ ﺍﻟﻐﺎﻣﻀﺔ ﻋلى اﺳﺘﺤﻴﺎﺀ ﻳملأه ﺍﻟﺨﻮﻑ، ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻣﻀﺖ ﻭﺳﻨﻮﺍﺕ ﻣﻘﺒﻠﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻮﺡ ﻟﻪ ﻟﻴﺒﻮﺡ، فكاﻥ ﻳﺘﺮﺩﺩ ﻛﺜﻴﺮاً ﻓﻲ ﺍلاﻋﺘﺮﺍﻑ، ﻭاﻛﺘفى ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺤﻴﺔ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻔﻲ ﺑﺎﻟﻐﺮﺽ.. ﺍﻟﺸﻚ ﻳملأ ﻗﻠﺒﻬﺎ.. ﺗﺘساءﻝ ﺃﻫﻮ ﺣﻘﺎً ﺃﻡ ﻭﻫﻢ؟ ﺣﻴﺮﺗﻬﺎ ﺗزﺩﺍﺩ ﻭﻋﻘﻠﻬﺎ ﻻ ﻳﻜﻞّ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ، ﺗﺮﻳﺪ إﺟﺎﺑﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﺗﺸﻔﻲ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻴﻞ ﺣﻴﺮﺗﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺗﻠﺔ..
ﺻﻮته ﺍﻟﺸﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﺘﺨﺎﻓﺖ ﻭاﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻎ ﻓيه ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺘﻴﻘﻦ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻭﺗﻨﻔﻲ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﺃﺧﺮى. ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻗﺮﺭﺕ ﺃﻥ ﺗﻘﻄﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻚ ﺑﻴﻘﻴﻦ ﻻ ﻇﻤﺄ ﺑﻌﺪﻩ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ.. ﺃﺧﺒﺮﺗﻪ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺮﻳﺪ إﻧﻬﺎﺀ ﺗﻘﻤصه ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﻤﺘﺨﻔﻲ، ﻓإﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﺒﻮﺡ ﻭإﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﺮﺣﻞ، ﻓﻌﻢ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﻭﺗﺴﺎﺭﻋﺖ ﺩﻗﺎﺕ ﻗﻠبه ﻭﺗﻠﻌﺜﻢ ﻟﺴﺎنه ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺃﺩﺭﻙ ﺃﻧﻪ ﻫﺎﻟﻚ ﺑﻤﺘﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﺍﻟﻤﺰﻳﻒ. ﻭﺃﻳﻘﻦ ﺃنه ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﺴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻭﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺃﻣﺮﻩ..
ﺗﺮﺩﺩ ﻛﺜﻴﺮﺍً.. ﺟﺴﺪﻩ ﻳﺘﻤﻠﻜﻪ ﺍﻟﺒﺮﺩ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻣﻊ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﺼﻴﻒ. ﻓﻬﻮ ﻗﺎﺑﻊ ﺑﻴﻦ ﻣﻄﺮﻗﺔ ﺍﻷﻋﺘﺮﺍﻑ ﻭﺳﻨﺪﺍﻥ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ. ﻭﻣﻊ إﺻﺮﺍﺭﻫﺎ ﺗﺤﺪﺙ ﻭأﺧﺒﺮﻫﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﻤﻠﻜﺖ ﻗﻠﺒﻪ
ﻭﻭﺟﺪﺍﻧﻪ. ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺍﻭﺩته ﻓﻲ ﺃﺣﻼﻣﻪ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﻴﺔ، ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠذّﺭﺕ ﻓﻲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻣﺸﺎﻋﺮﻩ ﺍﻟﺠﻴﺎﺷﺔ ﻭاﺳﺘﻮﻃﻨﺘﻬﺎ..
ﺻﻤﺘﺖ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﺻﻌﺪﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺗﻄﻮﻑ ﺑﻬﺎ. ﺗﻮﻗﻒﻋﻘﻠﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻭﺃﻃﺮﺍﻓﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻭﺟﻮﺭﺍﺣﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻓﺘﻴﻘﻨﺖ ﻣﻦ ﺷﻜﻬﺎ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺠﺒﻪ ﺑﻌﺪ، ﻓﺤﻴﺎؤها ﺍﻟﻌﺬﺭﻱ ﺣﺎﻝ ﺩﻭﻥ ﺫﻟﻚ ﻭﻟﻢ ﻳﺸﻔﻊ ﻟﻪ ﺗﻌﻄﺸﻪ ﻟﺴﻤﺎﻉ ﺭﺩﻫﺎ..
سألته ﻓﻘﻂ ﻋﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ. ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺃﻧﺎ؟ ﻛﺎﻥ ﻋﻠيه ﻓﻘﻂ أﻥ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍلإﺟﺎﺑﺔ ﺍﻟﻤﻘﻨﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺸﺒﻌﺔ ﻟﺮﻏﺒﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﺎﻣﺤﺔ في ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ. أخذ ﻳﺘﺘﻢ بحرﻭﻑ ﻏﻴﺮ ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ، ﻭﻟﻜنه ﺗﺪﺍﺭﻙ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﻭأﺧﺬ ﻳﻠﻤﻠﻢ ﺷﺘﺎﺕ ﺫﻫﻨﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮ ﻟﻴﺠﻤﻊ أﺣﺮﻑ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﻣﻔﻬﻮمة ﺗﻜفي ﻟﻬﺬﺍﻟﻤﻮﻗﻒ..
ﺑﺪأ في ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ؟.. ﻫﻞ ﺍﻋﺘﺮﺍفي لكِ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺘﻮﻗﻊ أﻢ أﻥ أﺣﻼﻣﻚ ﺗﻔﻮﻕ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺷﺨصي؟.. ﺑﺎﺩﺭﺗﺔ ﺑإﺟﺎﺑﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﺓ ﺑأﻧﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﻘﺼﺪ ﻣﺎ ﻳﺪﻭﺭ في ﺧﻠده، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺮﻳﺪ أﻥ ﺗﻌﺮﻑ ﻣﺎ هي ﺻﻔﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟتي ﺗﻔﺮﻕ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻟﻴﺨﺘﺎﺭﻫﺎ ﻗﻠبه ﺩﻭﻥ ﺳﻮﺍﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﺕ، ﺧﺼﻮﺻﺎً أﻧﻪ ﻳﺘﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺑﻴﻦ أﺭﻭﻗﺔ ﺍﻟﻤﺪﻴنة ﻭﻓﺘﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﻀﺮ ﺍﻟﺤﺎﻟﻤﺎﺕ ﺑﺠﻤﺎﻟﻬﻦ ﺍﻟﻔﺘﺎﻥ ﻭﻛﻠﻤﺎﺗﻬﻦ ﺍﻟﺤﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﻋﺜﺔ ﻟﻠﺮﻏﺒﺔ في ﻧﻔﻮﺱ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﻴﻦ كانت مفضلة لدى الجميع، لا أحد يراها وإذا رأوها كأنها العذراء في خدرها.. ملامحها البسيطة وعيناها الطفوليتان اللامعتان كأنها تبكي لحزن لازمها.
ولكنها كانت تملك ابتسامة فاتنة رقيقة كأنها فراشات ذات ألوان زاهية ترفرف بأجنحتها الخفيفة وتتراقص علي صوت أنغام عصافير أوت إلى أغصان شجيرات الليمون في حديقتها الصغيرة وكأن العصافير تغني ترانيم الفرح ومزامير السعادة ابتهاجاً بها عندما تأتي هي لزيارة حديقتها في الصباح الباكر تتسلل الفراشات على استحياء لتلامس خديها الناعمين نعومة الحرير بأجنحتها الملونة الزاهية
فتبادرها هي بضحكات رقيقة أشبه بأنغام العازفات على أوتار العاشقين لا تكاد عصافير حديقتها تسمع ضحكاتها إلا وتنتابها حالة من الفرح الشديد فتغني بدورها معبرة عن أنبهارها بأميرتهم الصغيرة، وتتنقل على أغصان شجيرات الليمون والبرتقال وكأنها تعقد اتفاقاً مع أغصان الشجر على ألا يعطيها ثمار الليمون حتى تظل أميرتهم أطول الوقت بينهم.
ولكن الثمار لن توافق على ذلك وكأنها تتسابق على الاستواء مسرعة لتنال شرف قطفها بأيدي أميرتهم وتلامسها بأيديها الناعمتين..
كانت تتربع على عرش قلوب أبويها وأخويها الصغيرين، فهي لهم أمٌّ لم تلدهم تنهال عليهما بحنانها الدافئ وتُرشفهم من نهل عشقها لهم. تقوم على حواجئهم وتوفير كل مصدر للسعادة لهم كأنها بحر يفيض بالبهجة والسعادة لكل من حولها..
كان زياد ذو الأربع سنوات لا يفارقها أبداً وكان يناديها أحياناً "ماما"، أما حمزة فهو منهمر في ألعاب مع أطفال جيرانهم، وبينما هم كذلك كانوا يتوقون لخروجها فيتسارعون لمصافحتها ويلتفون حولها لتبادرهم بضحكاتها المتخافتة وتداعبهم بخفة ظلها وأحياناً تهديهم قطع الحلوى التي صنعتها هي بنفسها فهي بارعة في ذلك. هذه اللحظات السعيدة كفيلة بأن تعيد نشاط الأطفال لبقية اليوم.. كانت تحوي بداخلها روح طفلة صغيرة حالمة ترغب في الركوض هنا وهناك، وأحياناً تشعر بأنها أم بعقلانيتها ودسامة حديثها. ولكن الهوى كان له قوانين أخرى.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.