مثّلت عملية اغتيال ضابط كبير بالجيش المصري، صباح السبت 22 أكتوبر/تشرين الأول 2016، تطوراً جديداً في عمليات العنف في مصر، خاصة أنها أول استهداف لشخصية كبيرة في القوات المسلحة.
فالعميد عادل رجائي قائد الفرقة التاسعة مدرعة، المسؤولة عن تأمين المنطقة المركزية العاصمة المصرية و6 محافظات أخرى، ليس ضابطاً صغيراً في الجيش المصري، لكنه كبير في الرتبة وفي الحدث.
كان رجائي وعدد من القادة العسكريين محل ثقة وزير الدفاع المصري السابق والرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، والذي أوكلت إليه وعدد من الضباط مهمة تأمين العاصمة المصرية القاهرة، خلال إطاحة الجيش بالرئيس المصري الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013، قبل أن يتولى مهمة هدم الأنفاق بين رفح وقطاع غزة، في شمال سيناء، حسب موقع "القصة".
الاجتماع الذي عقده الرئيس المصري مع عدد من الأجهزة الأمنية بمقر رئاسة الجمهورية، بحضور رئيس مجلس الوزراء، عقب الإعلان عن اغتيال رجائي، كشف مدى أهمية الرجل، لاسيما أن هناك دعوات للتظاهر والاحتشاد في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل تحت شعار "ثورة الغلابة".
الاجتماع استعرض خطة تأمين البلاد خلال المرحلة المقبلة، والجهود الجارية لمكافحة الإرهاب، ولا سيما في سيناء.
ما هي الفرقة التاسعة مدرعة؟
برز اسم هذه الفرقة، بشكل واسع، في 11 مايو/أيار 2013، عندما استضافت فناني مصر، بمنطقة دهشور، ليتحدث معهم السيسي عندما كان وزيراً للدفاع عن الأوضاع التي تشهدها البلاد، قبل شهر ونصف الشهر من دعوات للخروج في 30 يونيو/حزيران 2013.
فاختيار السيسي هذا المكان في التوقيت الحرج، ليرسل في خطابه الشهير رسائل للفنانين والمثقفين خاصة، ومِن خلفهم الشعب المصري، مدى إمكانات الجيش وقدراته ومعداته وطمأنتهم على المستقبل -حسب ما ذكرته وسائل الإعلام حينها- كان لعدة اعتبارات؛ كون الفرقة هي المسؤولة عن تأمين القاهرة والجيزة والقليوبية والمنوفية، والفيوم والمنيا وبني سويف، من ثم تمثل أهمية كبرى في السيطرة على أهم المدن المصرية.
تأمين مظاهرات 30 يونيو
وقبل مظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013 بأسبوعين، أوكلت خطة التأمين والانتشار إلى الفرقة التاسعة مدرعة، التي كان أحد كبار قياداتها رجائي.
مصدر عسكري قال حينها إن الخطة الأمنية للقوات المسلحة للانتشار في القاهرة الكبرى، ومختلف مدن الجمهورية ومحافظاتها، يتوقف تنفيذها على قرار رئيس الجمهورية بتحديد نزول الجيش إلى الشارع من عدمه، وهو ما تم عندما نزل الجيش فعلياً قبل المظاهرات بأسبوع في الشارع.
مجلس الوزراء والوزارات والسفارات والقنصليات والمتاحف والمباني الحكومية والأهداف الحيوية على مستوى المحافظات السبع داخل نطاق المنطقة المركزية، كانت تحت سيطرة الفرقة التاسعة مدرعة.
سيناء
صحف مصرية قالت إن رجائي انتقل خلال العمليات التي يقوم بها الجيش في سيناء، ضد المسلحين المنتمين إلى ولاية سيناء الفرع المصري من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إلى منطقة رفح، من أجل هدم الأنفاق بين سيناء وقطاع غزة
تفاصيل اغتياله
روى حارس العقار الذي يسكن به رجائي، أن الضابط المصري كان يسكن في الدور الأرضي، كما أنه دائم الخروج لعمله في السادسة صباحاً من كل يوم.
وأضاف الحارس أن رجائي خرج في موعده كالمعتاد اليوم، ليجد في انتظاره السائق والحارس الشخصي له؛ وبمجرد ظهوره أمام المنزل قام مُلثمان بالعَدْو نحوه وقاما بإطلاق الرصاص عليه، ما أدى إلى إصابته بطلقتين ناريتين بالرأس والصدر، سقط على أثرهما على الأرض لافظاً أنفاسه الأخيرة، حسب موقع "مصراوي".
وأوضح الحارس، أنه عقب ذلك قام الجناة بإطلاق النار على الحارس الشخصي والسائق وإصابتهما برصاصة لكل منهما والاستيلاء على السلاح الخاص بهما وفرا هاربيْن بالصحراء التي تقع خلف المنزل.
وأضاف الحارس أن الجناة استقلوا سيارة ملاكي ماركة نوبيرا، كانت تقف في انتظارهم خلف المسكن؛ وعندما حاول اعتراضهم لكشف هويتهم أطلقوا النار عليه لينبطح أرضاً لتصيب الرصاصات إحدى السيارات التي تقف أمام العقار.
كما ذكر الصحفي محمود بكري، رئيس تحرير صحيفة الأسبوع، نقلاً عن زوجة رجائي سامية زين العابدين، حيث ترقد في المستشفى إثر إصابتها بانهيار عصبي وارتفاع ضغط الدم، إن الصحفية ودّعت زوجها صباح السبت متجهاً كالمعتاد لعمله وعقب وداعه سمعت أصوات رصاص مدوية، فخرجت إلى شرفة المنزل لاستطلاع الأمر لتجد زوجها ملقى على الأرض غارقاً في دمائه، وشاهدت أحد الجناة من الخلف خلال فرارهم، حسب موقع "العربية.نت".
وقال بكري إن زميلته الصحفية هرعت إلى الشارع لمحاولة إنقاذ زوجها، لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة، في حين أصيب سائقه وحارسه الخاص، وقامت على الفور بإبلاغ الشرطة التي هرعت إلى مكان الحادث وطوقت المنطقة، كما قامت بإبلاغ الإسعاف لنقل الحارس والسائق للمستشفى، حسب موقع "العربية.نت".
من يقف وراء العملية؟
بعد الإعلان عن مقتل رجائي تبنت مجموعة، تطلق على نفسها اسم "لواء الثورة" على مواقع التواصل الاجتماعي، مسؤوليتها عن اغتيال العميد أركان حرب عادل رجائي، وهذه المجموعة نفسها هي التي تبنت في شهر أغسطس/آب الماضي استهداف كمين أمني بمنطقة العجيزي في محافظة المنوفية، والذي أسفر عن مقتل اثنين من أفراد الشرطة وإصابة 4 آخرين.
واغتيل صباح اليوم (السبت) العميد أركان حرب عادل رجائي إسماعيل، قائد الفرقة التاسعة المدرعة، على أيدي مُلثميْن اثنين قاما بإطلاق النيران عليه في أثناء خروجه من منزله مُتجهاً لاستقلال سيارته الميري للذهاب للعمل.