هل يتحوَّل التنظيم من دولة “خلافة” إلى حرب “عصابات”.. هذه مخاوف الأميركيين بعد معركة الموصل

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/21 الساعة 02:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/21 الساعة 02:29 بتوقيت غرينتش

تتعرّض عاصمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق للهجوم الآن. لكن داعش لن تذهب إلى أي مكان. بدلاً من ذلك، قال جنرال رفيع المستوى بالجيش الأميركي أمس الأربعاء، إن التنظيم بدأ في إعادة تصنيف نفسه من "خلافة" إلى حركة تمردية.

غير أن الأمر يبدو أكبر بكثير من مجرد تغيير في الاسم، أو حتى تحول في التكتيكات. ربما يعني ذلك التغير استحالة تحقيق "هزيمة دائمة" على داعش، حتى وإن فقدت سيطرتها على ثاني أكبر مدن العراق، على الرغم من مزاعم آش كارتر وزير الدفاع الأميركي بأن هذا الانتصار قد تحقق قبل 4 أيام، عندما بدأت الحملة العراقية من أجل استعادة الموصل، وفق تقرير نشرته صحيفة دايلي بيست الأميركية، الخميس 20 أكتوبر/تشرين الأول 2016.

ويؤمن المسؤولون الأميركيون، بعد عامين من تدريب القوات المحلية على قتال داعش أو قصف التنظيم جوياً، بأن الأمر مازال قابلاً للتطور والتحول إلى خطر شبيه بذلك الذي ابتُليت به العراق بعد وقتٍ قصير من الغزو الأميركي عام 2003.

فقد كلف الصراع ضد ذلك التمرد الولايات المتحدة 2 تريليون دولار، وفقاً لأحد التقديرات، فضلاً عن أرواح قرابة 5 آلاف جندي أميركي.

حرب عصابات


وفي ذروتها، تطلبت الحركة التمردية 170 ألف جندي لإضعاف الانتفاضة، كما سيكون من السخرية أن تسقط العراق مرة أخرى في حرب العصابات بعد أعوام.

قد يستخدم ذلك التمرد الداعشي مقاتلي التنظيم الأجانب لكي يهدد التنظيم الغرب، وليس العراق فقط. وربما تقع مهمة مجابهة داعش على عاتق المقاتلين العراقيين الذين تخلوا عن أسلحتهم وزيهم العسكري في الموصل قبل عامين.

يقول اللواء جاري فولسكي، قائد القوات البرية للتحالف الأميركي في العراق، إن القوات ترى فِرقاً من 3 إلى 5 أشخاص يستخدمون مدافع الهاون في هجمات متقطعة بالأسلحة الخفيفة في المدن التي كانت تحت سيطرة داعش، مثل الفلوجة والرمادي. ويضيف أيضاً "ليست هذه الأحداث هي التمرد المنظم الذي يفكر فيه الشعب، (لكننا) نرى هذه المؤشرات.. هذا هو ما نجهّز العراقيين من أجله".

فيما حذّر فولسكي من أن مثل هذه الهجمات في المناطق المحررة تعد من الأسباب التي تنصح من أجلها الولايات المتحدة القوات العراقية والكردية المسؤولة عن تحرير الموصل بالتحرك بتأنٍ. إذ إن القوات التي تتقدم بسرعة يمكن أن تجعل نفسها عُرضةً لضربات من الخلف.

بيد أن السؤال الذي يلوح في الأفق هنا يقول: هل يمكن لحركة جهادية لم تعد "خلافة" أن تنجح في التطور إلى حركة تمردية فاعلية؟ أم أن الولايات المتحدة تطلق طلقة تحذيرية لرئيس الوزراء حيدر العبادي وحكومته ذات الأغلبية الشيعية لعدم تجاهل الأقليات السنية العراقية؟

ففي نهاية الأمر، شكلت مثل هذه المعاملات السيئة الوقود الذي أدى إلى صعود داعش في المقام الأول.

وأيما يكن الأمر، يبدو تصريح فولسكي بمثابة العلامة الأخيرة على مدى ثقة التحالف الأميركي في زوال تنظيم داعش، ومخاوفها من أن خسارة الأرض لن تمنع داعش من إرهاب العراق.

تقدم ميداني


جاء التحذير خلال ما يمكن وصفه بأنه دفعة ثابتة من قبل القوات العراقية والكردية تجاه قلب الموصل. وقد استمر تقدم القوات نحو الموصل وسط أخبار عن احتفال سكان القرى المؤدية إلى المدينة بهزيمة داعش.

تبعد القوات العراقية والكردية 20 ميلاً الآن عن مركز مدينة الموصل. وفي هذا السياق، قال الجيش الأميركي إن العملية ربما تستمر وقتاً يمتد لأسابيع وربما لأشهر.

لكن هذا الجدول الزمني قد يتغير؛ فقد خسرت داعش عدداً من المدن الرئيسية في غضون أيام. وفي هذه المعارك، تبدو الجماعة دفاعية قبل أن تهجر المنطقة كلياً.

كما خسرت داعش مدينة دابق السورية يوم السبت أمام قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا، بلا قتال يذكر.

كانت داعش أعلنت أنها ستقاتل حتى الموت من أجل هذه المدينة الشمالية. إذ إن دابق، وفقاً للجماعة واستشهاداً بنبوءة عتيقة، ستكون أرض معركة آخر الزمان بين المسيحيين والمسلمين. وبعد هزيمتها، قالت داعش إن معركة آخر الزمان ستأتي في موعد لاحق غير محدد.

ونُقل عن سكان الرقة، عاصمة "الخلافة" في سوريا، أن عائلات رجال التنظيم تتدفق من أماكن أخرى من ضمنها دابق والموصل.

علاوة على تلك العلامات التي تشير إلى عودة أعمال التمرد المعتادة إلى العراق.

تحدث التفجيرات كل يوم تقريباً، وتستهدف عادة المجتمعات ذات الأغلبية الشيعية، وقوات الأمن العراقية.

فقد تسببت سلسلة من الهجمات الأسبوع الماضي في قتل 55 شخصاً على الأقل في بغداد. كما قُتل 324 شخصاً على الأقل في يوليو/تموز، عندما انفجرت شاحنة مفخخة في إحدى الأسواق الشعبية وسط بغداد، والهجوم يعد الأكثر فتكاً منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003. في المقابل، أعلنت داعش مسؤوليتها عن كلا الهجومين.

بدائل داعش


ولكن بعد عامين من السيطرة، ربما لا تتمكن داعش من اجتذاب السنة إلى تمرّدها. ليس بعد أن نهبت الجماعة الإرهابية مدنهم، وقطعت رؤوس المواطنين، وجعلت من التدخين وحلاقة اللحية وتشغيل الموسيقى جرائماً.

يقول دافيد جارتنشتاين روس، الباحث الكبير بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بواشنطن "إن داعش تجمع مواردها وتوجهها نحو الحرب غير المنتظمة. ولكن إحدى المشكلات التي تواجه التنظيم هي أن الجميع يعرف كيف تكون الحياة تحت داعش. إن داعش قد بالغت في تقييم قوة أوراقها".

غير أن هناك بدائل تلوح في الأفق، إذ إن القاعدة احتضنت السنيين المحليين، ولم تلجأ إلى إرهابهم، مما سمح للجماعة بالعودة إلى المناطق وتجنيد الأعضاء.
بوضع هذا في الحسبان، ربما يكون لداعش موارد أكثر من غيرها لدعم حركة تمردية. ومثل القاعدة، يمكنها إعادة تصنيف نفسها.

حتى وإن كانت قد خسرت مناطق عدة في الأشهر المنصرمة، فهي مازالت تسيطر على الرقة، مما يسمح للجماعة بمحيط للم الشمل وربما إعادة بناء الخلافة.

يُقال إن المسؤولين الأميركيين والأكراد يناقشون خطة محتملة لتحرير المدينة، لكن دوافع الأكراد لخوض معركة عنيفة من أجل مدينة ذات أغلبية عربية تظل غير واضحة.

ونقل مسؤول أميركي لصحيفة دايلي بيست، قائلاً "مادام التنظيم مسيطراً على الرقة، فإن داعش لا تحتاج إلى التخلي عن الخلافة".

ولعل داعش تستغل غضب الجماعات الأخرى عندما تنسب التفجيرات لنفسها، سعياً منها لإسقاط الحكومة العراقية الحالية.

فيما يوضح روس "من الممكن جداً أن ترى تمرداً في بعض هذه المناطق، ونظن أنه تمرد داعشي في حين أنّه تمرد سني".

أو من المحتمل أيضاً أن يكون الجيش الأميركي مخطئاً؛ لأن قادته تنبأوا بتوسع داعش إلى ليبيا، لكن ذلك لم يحدث.

– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Daily Beast الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.

تحميل المزيد