جوائز نوبل 2016: الغرب يحصدون والعرب يدوِّنون

من الملاحظ هذه السنة أيضاً غياب تام للعرب والمسلمين عن لائحة المتوّجين كما جرت العادة في كثير من السنوات الماضية، فعلى الرغم من العدد الهائل من المسلمين في العالم والمقدر بمليار و600 مليون، لم يفلح منذ سنة 1901 -سنة تأسيس جائزة نوبل- بالظفر بالجائزة إلا 12 مسلماً

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/20 الساعة 03:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/20 الساعة 03:11 بتوقيت غرينتش

شهد العالم في الأيام القليلة الماضية توزيع جوائز نوبل لسنة 2016 من طرف الأكاديمية السويدية لجائزة نوبل، التي لم تتعدَّ قيمتها المالية لهذه السنة حدود المليون دولار أميركي، لكن طبعاً قيمتها المعنوية تظل أكبر بكثير، والمتجلية أساساً في الاصطفاف مع كبار العلماء والفلاسفة والأدباء الذين عرفهم العالم خلال القرنين الماضيين.

وقد انضاف هذه السنة للائحة كما جرت العادة أسماء تألقت على المستويات العلمية والأدبية والاقتصادية، ومنهم حتى من ساهموا في تحقيق سلام داخلي في بلدانهم، بدءاً بالطب في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول، التي فاز بها العالم الياباني يوشينوري أوهسومي لأبحاثه المكثفة والهادفة للكشف عن آليات الالتهام الذاتي للخلايا، فمن المعلوم أن خلايا جسم الإنسان تتلف مع مرور الزمن، ويكون الجسم في حاجة ماسة للتخلص منها، فيتم الأمر بالتهامها ذاتياً واستخدامها من جديد، وهذا ما سماه العلماء في الخمسينات من القرن الماضي "الالتهام الذاتي".

لكن ما يميز أوهسومي أنه أبى إلا أن يدرس ويبحث عن الآليات التي تمكن الخلايا من القيام بهذه العملية الذاتية، موقناً ومؤمناً أن بحثه سيفيد البشرية كثيراً في رحلة تفسير تعامل الجسم مع الجوع والعطش، كما سيمكن العلماء مستقبلاً من إيجاد حلول لأمراض كالسرطان والسكري.

أما الفيزياء، فقد ظفر بها ثلاثة علماء من بريطانيا، هم "ديفيد ثاوليس، دانكل هولداين ومايكل كوستيرليكس" لأبحاثهم الهادفة للكشف عن أسرار المادة الغامضة، فالكون كما هو معلوم يتكون من طاقة بنسبة 73%، ومن مادة بنسبة 27%، وهذه الأخيرة بدورها تنقسم إلى مادة مضيئة بنسبة أقل ومادة غامضة أو مظلمة وهي السائدة، وترجع أهمية المادة المظلمة في كونها أسهمت في تشكيل الكثير من المجرات والنجوم، كما أن كشف بعض أسرارها قد يفيد العلماء في بحثهم المركزي حول التعرف على أصل الكون.

فيما يخص جائزة الكيمياء، فقد كانت من نصيب كل من الفرنسي جون بيير سوفاج، والهولندي برنارد فرينجا، والأميركي فريزر ستودارت، وذلك لتمكنهم من تصميم وإنتاج الآلات الجزيئية، التي كان لها دور كبير في ظهور التكنولوجيات الصغيرة المستعملة بكثرة في وقتنا الحالي، فالفكرة مأخوذة في الأصل من جسم الإنسان ومحركاته الجزيئية، كالأكتين والميوزين مثلاً، فنقل نموذج المحركات الجزيئية من جسم الإنسان لأرض الواقع كان هاجساً لدى الكثير من العلماء.

وفي سنة 1999 تمكن برنارد فرينجا من كسر العقدة بصنع محرك جزيئي يدير أسطوانة زجاجية 10000 مرة أسرع من المحرك العادي.

بعد الكيمياء جاء دور الجائزة الأهم والأكثر جذباً لانتباه الرأي العام العالمي، وهي جائزة نوبل للسلام، التي فاز بها الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس؛ لتمكنه من تحقيق سلام بين حكومة بلاده وتنظيم "فارك" الشيوعي بعد 52 سنة من الحروب الأهلية الطاحنة بينهما.

أما جائزة نوبل للاقتصاد، فقد عادت لكل من الأميركي أوليفر هارت والفنلندي بينغت أولم شتروم، والفضل في ذلك راجع لتفصيلهما وتوسعهما في نظرية التعاقد في الاقتصاد مع توضيح دورها في إدارة الشركات.

لتظل جائزة نوبل للأدب تنتظر وحدها آخر المتوجين، وقد كان الخبر بمثابة المفاجأة السارة لعشاق الموسيقي والشاعر الأميركي بوب ديلان، الذي تمكن من الحصول عليها بعد إضافته لبعض التعبيرات الشعرية داخل الموسيقى الأميركية.

من الملاحظ هذه السنة أيضاً غياب تام للعرب والمسلمين عن لائحة المتوّجين كما جرت العادة في كثير من السنوات الماضية، فعلى الرغم من العدد الهائل من المسلمين في العالم والمقدر بمليار و600 مليون، لم يفلح منذ سنة 1901 -سنة تأسيس جائزة نوبل- بالظفر بالجائزة إلا 12 مسلماً، ومجموعة من أربع منظمات تونسية، أي نسبة لا تتجاوز 1% من مجمل الحاصلين على جائزة نوبل، وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن ثمانية منهم حصلوا على جائزة نوبل للسلام، ما يجعلنا نستنتج بسهولة الغياب شبه التام للعلماء والأدباء العرب والمسلمين.

كل هذه المعطيات تجعلنا نتساءل عن أسباب الغياب: هل خانت الكفاءة العلمية الأدبية المسلمين؟ أم أنها فقط أنظمة تعليمية خانقة للإبداع تلك الموجودة بالدول الإسلامية؟

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد