للسنة الرابعة على التوالي قامت السلطات المصرية بغلق ضريح مسجد الحسين بوسط القاهرة، وتشديد الإجراءات الأمنية على المسجد بجانب مسجدي السيدة نفيسة والسيدة زينب، وذلك بالتزامن مع يوم العاشر من محرم "يوم عاشوراء"، وسط تخوفات متكررة من حدوث صدامات بين تجمعات شيعية ترغب في إقامة شعائرها الخاصة بهذا اليوم، وبين تجمعات سنية مصرية ترفض دائما تلك الممارسات.
وانتشرت قوة أمنية بمحيط المسجد لتنفيذ قرار مديرية الأوقاف بمحافظة القاهرة بغلق الضريح أمام الزيارة، ولم تسمح سوى بفتح المسجد أوقات الصلوات الخمسة، مع منع تواجد أشخاص بداخله في الأوقات الزمنية بين الصلاة والأخرى، مع تشديد إجراءات تفتيش المواطنين بمحيط مسجد الحسين، ومنع وجود أي تجمعات ولو عشوائية.
مساجد مصر ليست للممارسات الطائفية أو السياسية
من جهته قال الدكتور جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، إن الوزارة قررت إغلاق الضريح فقط، أما المسجد فهو مفتوح أمام المصلين في مواعيد الصلوات الخمس دون أي تغيير في أي شيء، ولفت إلى أن المسجد سيتم فتحه بشكل طبيعي بداية من اليوم الأربعاء أمام الزوار والمصلين.
وأكد طايع في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، إن تلك الإجراءات المشددة تأتي في إطار خطة عامة للوزارة بمنع وجود أي ممارسات طائفية أو سياسية داخل المساجد المصرية، وذلك حتى لا تخرج عن هدفها المنشود وهو العبادة، على حد تعبيره.
وأشار رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، إلى أن الإجراءات الأمنية خلال هذا الأسبوع شملت مسجدي السيدة زينب والسيدة نفيسة بجانب مسجد الحسين، "وذلك بعد تأكدنا من وجود محاولات لإجراء ممارسات شيعية داخل تلك المساجد، وهو ما تصدت له الوزراة بالتنسق مع الأمن لمنعها".
وتابع "أصدرنا تكليفات عامة لمفتشي الوزارة بتكثيف الرقابة، وتطبيق القانون بحسم على المخالفين للتعليمات، وتحرير محاضر لهم، إضافة إلى وجود تنسيق على أعلى مستوى مع وزارة الداخلية، للخروج باليوم بسلام دون اشتباكات أو مشاحنات بين العناصر المختلفة، حفاظا على المصلحة العليا للوطن وأمن المواطن".
مخاوف من مخطط شيعة العراق
وكشف علاء سعيد، أمين عام ائتلاف الصحبة وآل البيت، أحد أكثر الكيانات المناهضة للمد الشيعي بمصر، إن الائتلاف أول من تنبه إلى وجود مجموعات من الشيعة ترغب في إحياء تلك الذكرى بالعادات والطقوس الخاصة بهم.
وأوضح أنهم ليسوا مصريين وأنهم جلبوا معهم آلاف المنشورات ليتم توزيعها في ساحة مسجد الحسين، الأمر الذي دعا الائتلاف إلى الإعلان بأنهم سوف يمنعوا أي ممارسة للشعائر والطقوس الشيعية في ضريح الحسين، ولكن الائتلاف تراجع بعد أن قام بإبلاغ الجهات الأمنية، التي أعلنت تصديها للأمر.
وقال سعيد في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، إن المعلومات التي لديهم تؤكد أن تلك المنشورات تمت مراجعتها من الحوزة العراقية، والتي أوصوا بضرورة وصولها إلى علماء الأزهر الشريف، وهي نسخ تم توزيعها في بلدان أخرى، مشيرا إلى أن هذا الأمر يوضح وجود تغير في طريقة تعاملها، وانتقال تحركاتها داخل الكتل السنية من ممارسات سرية إلى شكل علني.
وأشار سعيد، إلى أن الشيعة المصريين لا يمكنهم ممارسة أي شعائر تختلف مع العادات المصرية، وذلك كون أعدادهم قليلة وإمكانياتهم محدودة، إضافة إلى أن الشعب المصري سيلفظهم، حسب وصفه.
وأوضح أن الدولة حرصت على عدم إسقبال اللاجئين العراقيين إذا افتعلوا اضطرابات داخل المسجد لأن ذلك سوف يترتب عليه أزمة كبيرة دولتين عربيتين.
وتابع "إقامة أي طقوس شيعية مخالفة على أرض مصر أمر يهدد الأمن القومي المصري، ويهدد عقيدة شعبها، وتلك المحاولات بدأت بعد ثورة 25 يناير، ومحاولة استغلال ضعف قبضة الدولة في تلك الفترة، ولذلك جاء قرار غلق الضريح للسنة الرابعة على التوالي لغلق أي محاولة لتنفيذ تلك المخططات سواء عن طريق وفود السياحة أو المقيمين بمصر من العراقيين".
وأشار إلى أنه في العام الماضي، تم تسجيل وفود جاءت خصيصا من العراق من أجل إحياء الذكرى، ووقتها تحدث القيادي الشيعي مقتضى الصدر والقيادات العراقية عن هذا الأمر، "لكن كثيرًا من الناس لم يعرفوا هذا الكلام، كانت هناك مشكلة مع العراقيين من الحشد الشيعي، لكن القوات الأمنية تنبهت لهذا الأمر وتدخلت".
عاشوراء وعادات مقدسة لدى الشيعة
ويعد يوم عاشوراء ذو قدسية لدى المسلمين بجميع طوائفهم حيث أنه اليوم الذي نجَّى الله فيه نبيه موسى والمؤمنين معه من اليهود، وأغـــرق فيه فرعون وجنوده في القصة الشهيرة، ويصوم المسلمين هذا اليوم اقتداءاً بسنة نبيهم محمد.
ولكن في ذات الوقت يعد اليوم ذو قدسية إضافية لدى طائفة الشيعة لتزامنه مع اليوم الذي قتل فيه الإمام حسين بن علي، حفيد النبي محمد، في معركة كربلاء الشهيرة، وهو يوم عزاء وحزن يتذكره الشيعة في إيران وكافة التكتلات الشيعية في الوطن العربي والعالم.
ووفقا للمعتقدات الشيعية فإن هذا اليوم هو ذكرى حزينة وأليمة، ترمز إلى الظلم والاضطهاد الذي تعرض له حفيد الرسول، للقتل من جيش يزيد بن معاوية، وقطع رأسه وسبي نساء بيته، وتمتد فترة تلك الشعائر من الأول من محرم وحتى العاشر منه، ولمدة أربعين يوما بعده، يقوموا خلال تلك الفترة بارتداء اللباس الأسود، فهي فترة حداد على الإمام حسين.
ومنذ أول محرم وحتى اليوم العاشر يمارس الشيعة مراسم دينية، فتقام المجالس في الحسينيات (المسجد لدى الشيعة) أو في المنازل، حيث يتلى الشعر عن الإمام الحسين وأخوته وأولاده وأصحابه، وتتلى على الحضور دروس في الدين والأخلاق والقيم الإسلامية، وتسرد السيرة الحسينية أو قصة كربلاء، وتنتهى تلك المجالس يوميا بالدعاء إلى الإمام المهدي لتعجيل فرجه كما هو موجد في معتقداتهم.
وفي اليوم العاشر، يوم استشهاد الإمام حسين، تقام المسيرات، التي تمثل عملية سبي النساء، فيبكى عليه وعلى أصحابه وأولاده وأخوته، وبعد انتهاء المسيرات، تفتح البيوت لكل الناس وتقام الولائم.
ويعد أبرز مظاهر طقوس الشيعة بهذا اليوم المشهد الدامى الذي يظهر فيه بعض الشيعة وهم يضربون ظهورهم بالسلاسل والسيوف، وهو إجراء يعتبره الشيعة عقاب لهم لتقصيرهم ومسئوليتهم عن قتل الحسين وأنهم يشعرون أن أحد أسباب استشهاد الامام الحسين أنهم تخلوا عنه لذلك يعذبون أنفسهم كل عام في ذكرى مقتله.