وصل إعصار ماثيو المدمر إلى مرحلة بالغة الخطورة، بعدما حصد أرواح مئات السكان في هايتي، كما تسبب بوفاة أميركيين ونشر البؤس في منطقة البحر الكاريبي حتى ولاية كارولينا، وتسبب في مشاكل خطيرة بجنوب شرق الولايات المتحدة مع اتجاهه نحو البحر.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة الإثنين 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2106 أن هايتي تواجه أزمة إنسانية مع وجود 1.4 مليون شخص على الأقل في حاجة إلى مساعدات عاجلة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
كارولينا الشمالية
وفي الولايات المتحدة يقع العبء الأكبر من خطر إعصار ماثيو على عاتق ولاية كارولينا الشمالية، وتحديداً الجزء الشرقي منها، والذي يُتوقع أن يواجه فيضانات مدمرة لعدة أيام مقبلة عندما يعلو منسوب مياه الأنهار.
ونقلت شبكة CNN عن السلطات الأميركية قولها إن "ألف شخص أنقذوا في الولاية كما نُقل بعضهم في طائرات هليكوبتر. إلا أنهم أوضحوا أن ثمة 3 آلاف شخص يعيشون في ملاجئ". وحتى ليلة الأحد، كان عدد الأشخاص الذين لا تتوفر لديهم الكهرباء يتجاوز 585 شخصاً حسب ما نقل CNN.
وصرح بات مكروري، حاكم ولاية كارولينا الشمالية، يوم الأحد الماضي قائلاً: "ربما يكون إعصار ماثيو خارج الخريطة، ولكنه لا يزال معنا".
فيما قال حاكم الولاية خلال مؤتمر صحفي يوم الأحد "لدينا أحياء رئيسية غارقة تحت الماء، يمكن أن تكون هناك طرق خلفية انجرف إليها الناس".
وقد شملت بعض عمليات الإنقاذ التقاط أشخاص من فوق أسطح المنازل كما، عُثر على ممرضة تتشبث بشجرة في مياه الفيضان. كما أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى أن قوات الإنقاذ أنقذت ما يزيد على 1700 شخصاً، في الساعات الأولى من العاصفة كان معظمهم من راكبي الدراجات النارية، إلا أنه مع ارتفاع مستوى المياه، تحركت قوات الإنقاذ لإخراج الأفراد العالقين في منازلهم.
مرحلة خطرة
ودخلت العاصفة التي اجتاحت ساحل ولاية فلوريدا وحتى مدينة فرجينيا بيتش، مرحلة جديدة من الخطورة، ليزداد عدد الفيضانات في ولاية كارولينا الشمالية، فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي على أكثر من مليوني شخص في خمس ولايات.
لكن هذه الأمور ستكون على الأرجح آخر توابع تلك العاصفة. يقول خبراء الأرصاد الجوية إن ماثيو سيموت في المحيط الأطلسي في حوالي 48 ساعة، وهذا يعني أنه لن تكون لديه فرصة للرجوع وضرب اليابسة مرة أخرى كما كان متوقعاً في السابق.
ونقلت CNN، عن خبيرة الأرصاد الجوية في الشبكة، أليسون شينشار قولها: "سيموت بسرعة كبيرة. سيتجه إلى الشرق ويموت".
وبحسب الموقع ذاته، تسببت أمطار إعصار ماثيو الغزيرة في حدوث تصدع في سدين في ولاية كارولينا الشمالية، سد بحيرة بينسون بالقرب من رالي وسد آخر بالقرب ومبرتون.
لن تُحل المشكلة قريباً، فقد كتبت إدارة طوارئ ولاية كارولينا الشمالية على تويتر "هذا الحدث طويل الأمد".
ضحايا الإعصار
الأثار المدمرة لإعصار ماثيو أدت إلى ارتفاع عدد الوفيات في الولايات المتحدة إلى 19 على الأقل، وتحذر السلطات المحلية أن هذا العدد قد يرتفع بينما يحاول الناس العودة إلى ديارهم عندما يواجهون المياه الملوثة، وخطوط الكهرباء المعطلة والطرق التي غمرتها المياه.
وقالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، الإثنين، إن هنالك "خمسة أشخاص مفقودون في ولاية كارولينا الشمالية، التي حازت على أعلى نسبة من أعداد الوفيات حتى الآن".
فيما أشارت خدمة الأرصاد الجوية الوطنية إلى أن الفيضان يٌتوفع استمراره في بعض أجزاء ولايتي كارولينا الشمالية والجنوبية. كما أوضحت الصحيفة، نقلاً عن بعض البلاغات، أن ارتفاع الأمطار يصل إلى 20 بوصة في بعض المناطق، وهو أكثر من المتوقع.
ويخشى المسؤولون في ولاية كارولينا الشمالية من تكرار إعصار فلويد الذي وقع عام 1999، والذي يُعرف بأنه أسوأ كارثة طبيعية ضربت الولاية، إذ استمر ذلك الإعصار أسبوعاً كاملاً دمر خلاله مجتمعات بأكملها.
ويبدو أن إعصار فلويد يتشابه مع إعصار ماثيو، إذ جاء كلاهما بعد فترة طويلة من الأمطار في شرق ووسط ولاية كارولينا الشمالية.
الخطر ما زال قائماً
ويقول مركز الأعاصير الوطني إن إعصار ماثيو لم يعد إعصاراً، ويعتبر الآن زوبعة مدارية، كما أوضح خبراء الأرصاد إنه على الرغم من وصفه الجديد، فهو لا يزال يحمل رياحاً مستمرة بسرعة 75 ميلاً في الساعة (120 كيلومتراً في الساعة)، وهي نفس سرعة الأعاصير من الفئة الأولى، فقاً لما نقلته شبكة CNN.
بيد أن التغيير الوحيد في إعصار ماثيو يكمن في "الهيكل الأساسي" له، حسب ما أوضحت أليسون شينشار خبيرة الأرصاد الجوية في الشبكة. لكنها مع ذلك، حذرت من أن التغيير في الاسم لا يقلل من خطورته.
وأضافت: "لا يزال يحمل نفس قوة الأعاصير من حيث الرياح واحتمالات حدوث فيضانات، لذا فما زال ماثيو خطيراً مثل الأعاصير".
وفي ذات السياق، أعلنت السلطات أن إعصار ماثيو تسبب في وفاة 17 شخصاً على الأقل في أربع ولايات، سبعة منهم في ولاية كارولينا الشمالية (وهي النسبة الأكبر من بين الولايات) وأربعة في فلوريدا، وثلاثة في جورجيا، وثلاثة في كارولينا الجنوبية.
أما منطقة البحر الكاريبي، فقد تأثرت بشدة من العاصفة التي تسببت في مقتل المئات، ففي هايتي قُتل أكثر من 330 شخصاً، حسب ما أعلنت خدمة الحماية المدنية في البلاد.
كما نقلت مصادر أخرى أن عدد الوفيات تجاوز ذلك بكثير. وتقدر إحصائية لوكالة رويترز للأنباء، استناداً إلى معلومات من مسؤولي الحماية المدنية المحلية، أن عدد القتلى في هايتي تخطى 800 شخص.
وفي جمهورية الدومينيكان بلغ عدد الوفيات أربعة مواطنين، وشخصاً واحداً في سانت فنسنت والغرينادين.
وصرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الأحد خلال إحدى المناسبات بولاية إلينوي، أن الأشخاص المتضررين من العاصفة سيتلقون المساعدات التي يحتاجونها.
وقال الرئيس"ثمة إعصار خطير حقاً. لقد تضرر الناس. لم يضربهم الإعصار بشكل مباشر كما خشينا ولكنه ترك كثيراً من الدمار وراءه".
نهر القطران
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن المجتمعات الموجودة على طول نهر القطران، حيث وجهت فيضانات فلويد الضربة الأكثر شدة، تواجه نفس الصعوبات أو أسوأ.
ومن المفترض أن يصل النهر في ذروته إلى مستويات قياسية في بدايات هذا الأسبوع في برينستون، المدينة الصغيرة الأفريقية التاريخية التي كادت تُغمر تماماً في عام 1999 والتي كان إعادة بنائها رمزاً لإصلاح ما تسبب فيه الإعصار.
ذكرت السلطات أنه من المتوقع أن يصل نهر القطران إلى 35.8 قدم، أكثر من 15 قدم فوق مستوى الفيضان. وصدرت أوامر الإخلاء الإجباري يوم الأحد في أجزاء من جرينفيل وجولدسبورو وبرينسفيل في تاربورو وغيرها من المدن بسبب الفيضانات.
يقول كيم ديني، وهو موظف في المحافظة "الأمر مشابه لفلويد تماماً" مشيراً إلى التأثير الذي أحدثه إعصار فلويد عام 1999.
قال الحاكم إن هناك تقارير عن فندق في ساوثبورت كان لا بد من التخلي عنها بسبب احتمال حدوث كسر في الجدار، لذلك تم وضع 70 شخصاً في ملجأ هناك. كما تلقى تقريراً عن تضرر الرصيف الموجود في البلدة الساحلية لجزيرة البلوط.
فيضانات تجتاح كارولينا الجنوبية
مخاطر إعصار ماثيو ضربت أيضاً ولاية كارولينا الجنوبية، وقال حاكم الولاية نيكي هالي، يوم الأحد، "أرسلت أوامر الإخلاء إلى مقاطعات تشارلستون ودورتشستر وبيركلي وكولتون، أما مقاطعات بوفورت وجورج تاون وهوري وجاسبر لم تصدر إليها أوامر الإخلاء بعد".
وقد لقي ثلاثة أشخاص حتفهم في ولاية كارولينا الجنوبية، أحدهم يدعى ديفيد أوتلو، ويبلغ من العمر 66 عاماً، إذ وجد محتجزاً تحت كرسية المتحرك في المياه التي خلفتها الفيضانات بفناء إحدى دور الرعاية، وقد حدد جراي واتس الطبيب الشرعي في مقاطعة ريتشلاند سبب الوفاة بالاختناق غرقاً، أما في مقاطعة فلورانسا، قال بو مايرز نائب الطبيب الشرعي إنه تم العثور على جثتين داخل سيارات في كل من فلورانسا وبامبليكو، إلا أنه لم يسفر تشريح الجثتين عن أسباب الوفاة بعد.
ووفقاً لقناة CNN، يواجه المسؤولون تحديات أكبر من الفيضانات التي خلفها إعصار ماثيو، فقد شب حريق هائل مساء السبت في العديد من المنازل والشقق السكنية المقابلة للشاطئ في شمال ميرتيل بيتش، وكان قد تم إخلاء تلك المنطقة في وقت مبكر من إعصار ماثيو، إذ يعتقد المسؤولون أن تلك المباني كانت فارغة حين شب الحريق بها.
وصرح أندرو جيلريث (مدير السلامة العامة بالمدينة) للقناة، أنه أرسل صباح يوم الأحد فرق مقاومة المفرقعات إلى شاطئ "فولي" في ولاية كارولينا الجنوبية، إذ اكتشف أحد الأشخاص بعض الذخائر العسكرية القديمة التي جرفتها الأمواج إلى الشاطئ، فيما صرح مسئولون لقناة CNN، أن "تلك الذخائر تعود لزمن الحرب الأهلية".
وتسببت العواصف في انقطاع التيار الكهربي عن ما يقرب من 2 مليون أمريكي ليلة السبت، فقد انقطع التيار الكهربي عن 833000 في كارولينا الجنوبية، و673000 في فلوريدا، و457000 في كارولينا الشمالية، و276000 في جورجيا.
واستيقظت سو أليس ووكر البالغة من العمر 85 عاماً والتي تعيش في مدينة سافاتا الساحلية في جورجيا من نومها لتجد أن بيتها قد غمرته المياه بارتفاع يقارب الثلاث بوصات.
وصرحت سو لسارة غانم الصحفية بقناة CNN، أن المياه "غمرت في البداية غرفة المعيشة، ثم المطبخ، ثم في النهاية وصلت إلى غرفة ابنها"، وقد أضافت أنها أمضت طوال الليل وأغلب صباح يوم السبت في التنظيف تفرغ المنزل من المياه باستخدام الدلاء.
وأظهر مقطع فيديو نشرته قناة CNN، تدفق المياه في شوارع ميرتيل بيتش يوم السبت بسبب الرياح الشديدة، وكان ذلك قبل وصول مركز العاصفة إلى المدينة.
قال هالي "يجب أن نتحلى بالصبر، فليس من المرجح الرجوع إلى منازلنا قريباً"، كما أكد أن ظروف القيادة لم تكن آمنة.
وقد وصف أحد سكان جزيرة تايبي لقناة CNN لحظة تدمير العاصفة لبيته، فقال "استمر تزايد هبوب الرياح الشديدة طوال الليل، وتسببت في تدمير نوافذ المنزل، وتسببت أيضاً في انقطاع التيار الكهربي، كما دمرت السياج الخشبي حول بيتي بالكامل".
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أنه في حي ديفيد شورز بسانت أوغسطين، ألقى بعض السكان محتويات منازلهم في الفناء بعدما تلوثت بمياه المجاري، وفقاً للمحافظة نانسي شيفر التي تفقدت الموقع، والتي أضافت "دعك من الممتلكات والأعمال، لقد أوشكنا أن نفقد العديد من الناس".
دمار في فلوريدا
كما ذكر موقع سي إن إن الإخباري أن الإعصار خلف دماراً واسعاً في فلوريدا. وتفقد ريك سكوت حاكم ولاية فلوريدا بعض المناطق ضمن جولته التفقدية، كما أخذ جولة جوية فوق مقاطعة دوفال للوقوف على الأضرار التي لحقت بالشاطئ قرب جاكسونفيل.
قال سكوت أن الضرر الذي شهده من تآكل للشاطئ وانهيار للطرقات كان "لا يصدق"، إلا أنه عبر عن امتنانه لعدم تعمق إعصار ماثيو في شواطئ فلوريدا.
وأضاف في معرض تصريح لقناة CNN، أنه "لو كان الإعصار قد اجتاح شواطئ فلوريدا بشكل مباشر، لكان الوضع أسوأ بكثير لعائلاتنا مما هو عليه الآن".
وطمأن سكوت أصحاب المنازل التي انقطع عنها التيار الكهربي والتي تبلغ 132000 منزل، فقال إن "عملية التنظيف في المناطق التي ضربها الإعصار تسير بسرعة، إذ يهدف إلى إعادة فتح أبواب المدارس والشركات بحلول يوم الإثنين".
أدى هطول الأمطار الغزير إلى اندفاع المياه في الشوارع، ما حولها في كثير من المناطق إلى ما يشبه الأنهار، كما حدث في أجزاء من جاكسونفيل وميريت وجزيرة فلمينج وبعض المناطق الأخرى في فلوريدا.
لقد عانت فلوريدا من ارتفاع منسوب المياه والأمطار والرياح العاتية، فوفقاً لمتخصصي الأرصاد الجوية، بلغ ارتفاع المياه في بعض المناطق 4 أقدام.