أقفلت مكاتب التصويت في المغرب أبوابها بعد يوم كامل قضاه المغاربة في التصويت لاختيار 395 نائباً في انتخابات تشريعية ستنبثق عنها حكومة جديدة يأمل إسلاميو العدالة والتنمية الذين يقودون التحالف الحكومي الحالي في ترئسها مجدداً وسط منافسة حادة مع خصومهم المطالبين ب"الحداثة".
وقال بيان صادر من وزارة الداخلية عند إقفال المكاتب في السابعة مساء بالتوقيت المحلي (18,00 ت غ) إنه حتى الساعة الخامسة مساء، فإن نسبة المشاركة تتباين حسب الجهات، حيث تراوحت بين 25% و38%.
شكاوى وتجاوزات
وأصدرت وزارة الداخلية المغربية طيلة اليوم بيانات صحافية بخصوص حوادث انتخابية "معزولة"، كتكسير أحد المواطنين لصندوق انتخابي أو محاولة بعض رجال السلطة المحليين التأثير على أصوات الناخبين عبر دعوتهم للتصويت لحزب ضد آخر.
كما شملت الشكاوى والتجاوزات استعمال المال في بعض المناطق والضغط على المراقبين الانتخابيين التابعين للأحزاب للتوقيع على محاضر فارغة. ونفت الداخلية حصول بعض التجاوزات أو قالت إنه تم فتح تحقيق بشأن أخرى.
ونقلت الصحافة المحلية خبراً عن مقتل شاب متعاطف مع حزب العدالة والتنمية وإصابة ابن أحد أعضاء الحزب في مدينة القنيطرة غرب الرباط بعدما دهستهما سيارة، فيما تم الاعتداء على عضو من الحزب نفسه في قرية مجاورة للقنيطرة.
ووضح حزب العدالة والتنمية أنه رفع شكاوى ضد تجاوزات وتدخل رجال السلطة للتأثير على الناخبين، حيث أظهر أحد الفيديوهات رئيس مكتب تصويت وهو يملأ الصندوق بالأوراق بنفسه في غياب المصوتين في جهة القنيطرة.
وفي تصريح للصحافة المحلية قال عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة وأمين عام العدالة والتنمية "لم اتوقف طيلة اليوم عن تلقي شكايات من مرشحينا في مختلف المناطق، لكنها لا تمثل خروقات كبيرة، وأنا لحد الآن محتفظ بثقتي وهدوئي".
النتائج الأولى منتصف الليل
وينتظر أن يعلن وزير الداخلية المغربي منتصف الليل عن النتائج، فيما تعقد الأحزاب الكبرى سهرات انتخابية في مقراتها لتلقي النتائج والإعلان عبر مراقبيها الحزبيين، عن النتائج الأولية.
وللمرة الاولى في تاريخ الانتخابات التشريعية، يحصل استقطاب قوي بين حزبين أساسيين، هما حزب العدالة والتنمية الإسلامي (رمزه المصباح)، وحزب الأصالة والمعاصرة (رمزه الجرار) الذي تأسس في 2008 على يد فؤاد علي الهمة، صديق دراسة الملك ومستشاره الحالي قبل أن ينسحب منه في خضم الحراك الشعبي سنة 2011 عندما اتهمه متظاهرون بالفساد.
وفاز حزب العدالة والتنمية في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 في أول انتخابات برلمانية شهدتها البلاد بعد تبني دستور جديد صيف السنة نفسها، عقب حراك شعبي قادته "حركة 20 فبراير" الاحتجاجية التي مثلت النسخة المغربية لـ"الربيع العربي".
ويتهم خصوم حزب العدالة والتنمية الحزب بالولاء للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، كما يتم تشبيهه بحركة الداعية الاسلامي التركي فتح الله غولن، وهي تهم ينفيها الحزب.
ولم يكن من السهل على حزب العدالة والتنمية تكوين تحالف حكومي باعتبار أن النظام الانتخابي المغربي لا يسمح لأي حزب بالفوز بأغلبية المقاعد، ما اضطر الإسلاميين إلى الدخول في تحالف من أربعة أحزاب (محافظة وليبرالية وشيوعية) وصف بالهجين وغير المتجانس ولم يمكنه من تطبيق وعوده الانتخابية وأثار أزمات حكومية متتالية خلال السنوات الخمس الماضية.
ويبقى الملك محمد السادس الحاكم الفعلي للبلاد والمهيمن على المجالات الاستراتيجية والحيوية وفي مقدمتها الجيش والأمن والقضاء والدبلوماسية والتوجهات الاقتصادية الكبرى وكذلك التعيين في المناصب والوظائف العليا.
وربط بن كيران بقاءه في العمل السياسي بالفوز في الانتخابات، فيما رفع حزبه شعار "صوتنا فرصتنا لمواصلة الإصلاح"، وفق برنامج انتخابي مبني على "المنهجية الإسلامية".
وركز الأصالة والمعاصرة على ترشيح الكثير من النساء ضمن لوائحه الوطنية والمحلية. وهو يدافع عن تقنين الاستخدام الطبي والصناعي للقنب الهندي الذي يعتبر المغرب من أكبر منتجيه ومصدريه، ويتهم حزب العدالة والتنمية بالتمييز ضد المرأة و"اسلمة المجتمع".
الأحزاب الأخرى
تبنى المغرب منذ الاستقلال خيار التعددية الحزبية. ويشارك اليوم قرابة 30 حزبا في الانتخابات، لكن 8 منها فقط تملك القدرة عل تكوين فريق برلماني وفق الشروط التي يحددها القانون.
وتقدم فدرالية اليسار الديمقراطي التي تأسست سنة 2007 من 3 أحزاب يسارية، نفسها على أنها "طريق ثالث" وسط الاستقطاب، وهي تلاقي تعاطفاً كبيراً على شبكات التواصل الاجتماعي.
ويشكل حزب الاستقلال المحافظ الذي يعود تأسيسه الى قبل الاستقلال وقد قاد حكومات عدة في الماضي، قوة انتخابية متجذرة في المشهد السياسي المغربي، ويتوقع أن يحتل مرتبة متقدمة في الانتخابات وان يشكل طرفا أساسيا في التحالف المقبل.
وتشهد هذه الانتخابات عودة السلفيين المغاربة للترشح والمشاركة القوية تحت لواء أحزاب متفرقة.
ودعي قرابة 16 مليون مغربي مسجلين في اللوائح الانتخابية للإدلاء بأصواتهم في 92 دائرة انتخابية وفق نظام الاقتراع اللائحي النسبي.
وبحسب وزارة الداخلية، بلغ عدد لوائح الترشيح المقدمة 1410 لوائح تضم 6992 مرشحا.
وتشارك 37 هيئة وطنية ودولية في المراقبة المستقلة للانتخابات، أي ما يزيد عن 4000 مراقب بينهم 92 مراقبا دوليا، فيما عينت بعض الاحزاب مراقبين لها في مختلف الدوائر الانتخابية.