يواصل المغاربة الجمعة 7 أكتوبر/تشرين أول 2016، الإدلاء بأصواتهم لاختيار 395 نائباً في انتخابات تشريعية ستنبثق عنها حكومة جديدة، يأمل إسلاميو حزب العدالة والتنمية الذين يقودون التحالف الحكومي الحالي في ترؤسها مجدداً وسط منافسة حادة مع خصومهم المطالبين بـ"الحداثة".
وأعلنت وزارة الداخلية المغربية أن نسبة التصويت حتى الظهر بلغت 10%، مشيرة في بيان إلى أن العملية الانتخابية تجري "في ظروف عادية".
وكانت الداخلية أعلنت انطلاق عملية التصويت لاختيار أعضاء مجلس النواب الساعة الثامنة صباحاً (السابعة ت غ).
وتنتهي عملية التصويت في السابعة مساء بالتوقيت المحلي.
وأدلى رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران بصوته في المدرسة الثانوية معاذ ابن جبل بحي الليمون في العاصمة الرباط. وعبر بعد التصويت رداً على أسئلة وكالة فرانس برس، عن أمله في أن يفوز حزبه بـ"المرتبة الأولى إن شاء الله".
وقال "أسير الحكومة منذ 5 سنوات، والمغاربة كانوا ينظرون بأعينهم لعملي وقمنا بحملة انتخابية ناجحة هي الأولى في المغرب، والآن ننتظر النتائج الطبيعية المتمثلة في الفوز".
وتابع "إذا كانت هناك ديمقراطية، فالشخص الذي ترأس حزباً سياسياً وقاده للفوز وترأس الحكومة بطريقة إيجابية بينت إقبال الشعب عليه في الانتخابات الماضية وفي هذه الحملة، إذا هزم في هذه المرة يجب أن يستخلص الدروس وأن يغادر الحياة السياسية إن لم تكن الحياة الحزبية كلها".
وتوافد إلى المدرسة ذاتها منذ الصباح عدد كبير من الناخبين، بينهم زوجة بن كيران، وابنته برفقة زوجها، وابنه أسامة بن كيران، الذي يشارك في مراقبة عملية التصويت في المدرسة..
وقال أسامة بن كيران لوكالة فرانس برس "انطلاقاً من المعطيات المتوفرة حتى الآن تبدو المشاركة جيدة، والناس تأتي بكثافة للتعبير عن صوتها ونتمنى أن تزداد الأعداد في فترة ما بعد الظهيرة".
وقال محمد الرغاي (72 سنة) "الديمقراطية حقوق وواجبات، وبالتالي تجب المشاركة في هذا المسلسل لتنمية بلادنا، والأحزاب كانت في المستوى وقدمت برامجها، ولنا حرية اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب".
أما مريم بلكلوش (30 سنة) التي تعمل موثقة، فقالت لفرانس برس "المغرب في حاجة إلى ديمقراطية سليمة وأتمنى أن تفرز الصناديق النتائج التي نتمناها"، معتبرة ان "الأحزاب كانت جدية ومحترمة خلال الحملة الانتخابية ومررت رسائلها بطريقة جيدة".
الجرار ضد المصباح
وللمرة الأولى في تاريخ الانتخابات التشريعية، يحصل استقطاب قوي بين حزبين أساسيين، هما حزب العدالة والتنمية الإسلامي (رمزه المصباح)، وحزب الأصالة والمعاصرة (رمزه الجرار) الذي تأسس في 2008 على يد فؤاد علي الهمة، صديق دراسة الملك ومستشاره الحالي قبل أن ينسحب منه في خضم الحراك الشعبي سنة 2011 عندما اتهمه متظاهرون بالفساد.
وفاز حزب العدالة والتنمية في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 في أول انتخابات برلمانية شهدتها البلاد، بعد تبني دستور جديد صيف السنة نفسها، عقب حراك شعبي قادته حركة 20 فبراير الاحتجاجية التي مثلت النسخة المغربية لـ"الربيع العربي".
ويُتهم خصوم حزب العدالة والتنمية الحزب بالولاء للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، كما يتم تشبيهه بحركة الداعية الإسلامي التركي فتح الله غولن، وهي تهم ينفيها الحزب.
ولم يكن من السهل على حزب العدالة والتنمية تكوين تحالف حكومي باعتبار أن النظام الانتخابي المغربي لا يسمح لأي حزب بالفوز بأغلبية المقاعد، ما اضطر الإسلاميين إلى الدخول في تحالف من أربعة أحزاب (محافظة وليبرالية وشيوعية) وصف بالهجين وغير المتجانس، ولم يمكنه من تطبيق وعوده الانتخابية وأثار أزمات حكومية متتالية خلال السنوات الخمس الماضية.
ويبقى الملك محمد السادس الحاكم الفعلي للبلاد والمهيمن على المجالات الاستراتيجية والحيوية وفي مقدمتها الجيش والأمن والقضاء والدبلوماسية والتوجهات الاقتصادية الكبرى وكذلك التعيين في المناصب والوظائف العليا.
وربط بن كيران بقاءه في العمل السياسي بالفوز في الانتخابات، فيما رفع حزبه شعار "صوتنا فرصتنا لمواصلة الإصلاح"، وفق برنامج انتخابي مبني على "المنهجية الإسلامية".
وركز الأصالة والمعاصرة على ترشيح الكثير من النساء ضمن لوائحه الوطنية والمحلية. وهو يدافع عن تقنين الاستخدام الطبي والصناعي للقنب الهندي الذي يعتبر المغرب من أكبر منتجيه ومصدريه، ويتهم حزب العدالة والتنمية بالتمييز ضد المرأة و"اسلمة المجتمع".
الأحزاب الأخرى
وتبنى المغرب منذ الاستقلال خيار التعددية الحزبية. ويشارك اليوم قرابة 30 حزباً في الانتخابات، لكن ثمانية منها فقط تملك القدرة عل تكوين فريق برلماني وفق الشروط التي يحددها القانون.
وتقدم فيدرالية اليسار الديمقراطي التي تأسست سنة 2007 من ثلاثة أحزاب يسارية، نفسها على أنها "طريق ثالث" وسط الاستقطاب، وهي تلاقي تعاطفاً كبيراً على شبكات التواصل الاجتماعي.
ويشكل حزب الاستقلال المحافظ الذي يعود تأسيسه إلى قبل الاستقلال وقد قاد حكومات عدة في الماضي، قوة انتخابية متجذرة في المشهد السياسي المغربي، ويتوقع أن يحتل مرتبة متقدمة في الانتخابات وأن يشكل طرفاً أساسياً في التحالف المقبل.
وتشهد هذه الانتخابات عودة السلفيين المغاربة للترشح والمشاركة القوية تحت لواء أحزاب متفرقة.
ودعي قرابة 16 مليون مغربي مسجلين في اللوائح الانتخابية للإدلاء بأصواتهم في 92 دائرة انتخابية وفق نظام الاقتراع اللائحي النسبي.
وبحسب وزارة الداخلية، بلغ عدد لوائح الترشيح المقدمة 1410 لوائح تضم 6992 مرشحاً.
وتشارك 37 هيئة وطنية ودولية في المراقبة المستقلة للانتخابات، أي ما يزيد عن 4000 مراقب بينهم 92 مراقباً دولياً، فيما عينت بعض الأحزاب مراقبين لها في مختلف الدوائر الانتخابية.
في 2011، بلغت نسبة التصويت من أصل 13,6 مليون ناخب مسجلين في اللوائح 45٪، فيما قاطع 55٪ العملية الانتخابية