ملحمة الاستمرار.. ستأخذك إلى هناك

ما عشناه على هذه الطريق من أحداث كان ضرورياً، وعليك أن تشعر بالرضا عندما تصل إلى نهايته، رضا يحقق لك الشعور به فقط إذا استمررت في الطريق، لكنك إن توقفت جانباً فقد تصل إلى سراب ظننته النهاية، عندما تتزوج سترضى بنصيبك وستسعد لكل محاولة فشلت فيها؛ لأن فشل كل خطبة أوصلك إلى زوجتك التي ستحظى بها

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/06 الساعة 03:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/06 الساعة 03:08 بتوقيت غرينتش

يوماً بعد يوم نعيش الكثير من الأحداث، نمر بالكثير، سواء انتبهنا لذلك أم لم ننتبه، لكن الأيام تجري، حتى إننا لم نعد ندرك يوم السبت إلا وقد أتى الخميس وانتهى الأسبوع.. ووسط جنون الأيام وسرعتها نقف للحظة مع حدث مر بنا، فنشعر وكأن الساعة قد توقفت، وصارت الدقائق تمر بصعوبة.

هنا أتحدث بالطبع عن أحداث ومواقف شعرنا فيها بالخيبة، قلة الحظ والحزن الشديد، فأنت تتفق معي على أن إحساسك بأن اللحظات الجميلة تمر بسرعة دائماً ما يكون موجوداً إلا في حالات نادرة، ذلك أننا لا نريد فراق تلك اللحظات أبداً، فنحن نبحث عن السعادة والفرح دائماً.

هناك في ميدان الحياة الحقيقية نعيش تقلبات حياتنا بحلوها ومرها، لكننا دائماً ما نشتكي من المرارة؛ لأنها تبقى معنا لفترات طويلة.. رغم ذلك لا تبتأس حينما يتعلق الأمر بتجربة فشلت فيها.. بسنة دراسية لم تستطع اجتيازها، بفقدانك للأشخاص بشكل متكرر، بموت صديق وسفر ثانٍ وخيانة ثالث، بالنزول والصعود في أسهم الأشخاص والمواقف، لا تبتأس ولا تحزن حينما ترفض عند تقدمك لوظيفة، عندما تتقدم لخطبت إحداهن افتح عينيك جيداً، وأبقِ قلبك مفتوحاً رغم رفض عائلة الأولى وازدراء الثانية وتكبّر الثالثة، ووصولك متأخراً للرابعة، ستخطئ في اختيار تخصصك، وربما ستفقد عملك أو ستعاني من مشكلات مالية وصحية.

ليس هذا قرآناً منزلاً بالطبع، فلكل منا خصوصية في حياته، لكنك بالتأكيد ستعيش خيبات في حياتك، سواء كانت من هذه العناوين أو من غيرها، لكنني أخبرك ألا تتوقف، لا تتوقف عن العيش، ولا عن النهوض بعد السقوط، ولا عن الحلم بعد الكابوس، استرح قليلاً، وابكِ قليلاً، واحزن حزناً ضئيلاً، لكن لا تتوقف، عبر عن مشاعرك، وعن خيبتك، وعن حزنك الليلة، وقم في الصباح الباكر لتعيش يوماً آخر، وحاول أن تكون فيه أفضل، لا ألقي عليك هنا محاضرة في التنمية البشرية، ولا خطبة دينية، لكنني بشر مثلك عشت بعض هذه الخيبات أو جميعها، ولم أجد الحل إلا في أن أستمر.

أنا وأنت ليس لنا حل آخر إلا في البقاء على الطريق، هل تظن أن علينا أن نتوقف على جانبيها، لنبكي على ما فاتنا، وننتظر الطريق لعله يصبح أقصر؟ أم نقفز من هاوية ونختصر تلك الطريق؟ هل ننام على جانبيها ونتعاطى مخدراً ما ليلاً وننطلق في الطريق الخاطئ نهاراً؟

إيمانا بالقضاء والقدر وتشبثا في بصيص أمل.. يجب أن نستمر؛ لأن ما عشناه على هذه الطريق من أحداث كان ضرورياً، وعليك أن تشعر بالرضا عندما تصل إلى نهايته، رضا يحقق لك الشعور به فقط إذا استمررت في الطريق، لكنك إن توقفت جانباً فقد تصل إلى سراب ظننته النهاية، عندما تتزوج سترضى بنصيبك وستسعد لكل محاولة فشلت فيها؛ لأن فشل كل خطبة أوصلك إلى زوجتك التي ستحظى بها، عندما تتخرج لن تضرك السنة التي رسبت بها، ففرحك بلحظة التخرج سينسيك كل هذا، عندما تحصل على عمل لن يضرك اليوم الذي كنت فيه عاطلاً؛ لأنك ستكون منشغلاً بعملك، لكنك لن تصل إلى كل هذا ما لم تستمر.. الملحمة تكمن في الاستمرار.. أما توقفك فلن يكون سوى انسحاب من المعركة، ملحمة الاستمرار ستأخذك بالنهاية إلى هناك.. إلى كل عمل انتهيت إليه، إلى كل صداقة جديدة بنيتها، وإلى زوجتك وأطفالك.. إلى عملك وصفتك في الحياة، وإلى موتك.. ذكراك بعد موتك وصفتك التي ستذكر بها ودورك الذي قمت به ليس إلا الفصل الأخير من ملحمة الاستمرار.. فهل ستستمر؟

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد