تضارب واضح بين السلطة الوطنية الفلسطينية والقضاء بشأن إجراء الانتخابات المحلية، وهل تتم فقط في الضفة الغربية كما قضت المحكمة العليا الفلسطينية أم يجب أن تجرى في غزة في الوقت ذاته كما قالت السلطة؟
وفي هذا الإطار، دعا رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله بشكل صريح، أمس الثلاثاء 4 أكتوبر/تشرين الأول 2016، إلى "إيجاد بيئة قانونية وقضائية لاستكمال عملية الانتخابات"، في ظل تداخل واضح بين القرارات القضائية والتنفيذية الفلسطينية.
وصدر قرار عن الحكومة الفلسطينية بقيادة رامي الحمد الله بتأجيل الانتخابات المحلية الفلسطينية 4 أشهر مقبلة، موضحاً أنه "سيتم خلال تلك الفترة إيجاد مخارج قانونية تسمح بإجراء الانتخابات في الضفة وغزة معاً"، مشيراً إلى إمكانية تأسيس محاكم مختصة بالانتخابات من خلال مرسوم رئاسي بتشكيل محكمة للانتخابات المحلية تكون ملزمة للفصائل والأحزاب كافة.
ولم يصدر أي قرار إلى الآن عن محكمة العدل العليا الفلسطينية بشأن قرار الحكومة تأجيل الانتخابات 4 شهور قادمة في تضارب واضح مع قرار المحكمة إجراء الانتخابات في الضفة دون غزة، الصادر في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2016. الأمر الذي يعبر قرار تأجيل الانتخابات عن تخبط واضح بين السلطة القضائية والتنفيذية وغياب كامل للسلطة التشريعية.
وكانت لجنة الانتخابات المركزية قد رحبت، أمس الثلاثاء، بقرار مجلس الوزراء القاضي بتأجيل الانتخابات المحلية في جميع المحافظات حفاظاً على وحدة الوطن.
وقالت اللجنة في بيان لها: "هذا القرار يأتي منسجماً مع توصياتنا بتأجيل العملية برمتها مؤقتاً، بدلاً من استكمال إجرائها في الضفة الغربية فقط، والذي كان من شأنه تعميق الانقسام بين شطري الوطن ما يضر بالمصلحة العامة للشعب الفلسطيني".
فتح
النائب في المجلس التشريعي عن حركة فتح والقيادي فيها محمد دحلان صرح عبر صفحته فيس بوك على قرار المحكمة العليا الفلسطينية إجراء الانتخابات في الضفة دون غزة قائلاً: "من المعيب إجبار الهيئات القضائية الفلسطينية، والتي شهد بنزاهتها في كثير من المحطات، الاندفاع إلى منزلقات خطيرة ومشبوهة، وكان على قضاة المحكمة العليا الاحتكام إلى ضمائرهم الوطنية، ورفض الارتهان لأي قرار أو توجه فردي ودكتاتوري مشبوه، يضعهم في مواجهة شعبهم".
وأضاف دحلان "لن نسمح بتمرير أي قرار أو إجراء يسقط القدس وقطاع غزة من جدول وبرامج الاستحقاقات الوطنية كما كانت تتمنى دولة الاحتلال، وليس مهما من أوحى بالقرار ولا من أصدره، المهم والمهمة الآن إسقاط التبعات الكارثية للقرار، أما نص القرار نفسه فسيظل علامة فارقة في سجل وتاريخ من حكموا به".
حماس
النائبة في المجلس التشريعي عن حركة حماس في مدينة الخليل سميرة الحلايقة قالت في تصريح لـ"عربي بوست": "لا شك أن هناك تخبطاً واضحاً في قرار الانتخابات منذ البداية، فقد كان القرار مسيساً من الدرجة الأولى، وما حصل من تناقض بين قرار أبومازن والحكومة ولجنة الانتخابات والقضاء يؤكد أن الانتخابات ما هي إلا لعبة سياسية خضعت للضغوط والإملاءات من جهة، والخلافات الداخلية بين حركة فتح من جهة أخرى".
وحول انعكاسات القرار على الشارع الفلسطيني اعتبرت الحلايقة أن "أبومازن يتفرد بالقرار السياسي الفلسطيني، ويتلاعب بالقضاء كيفما شاء".
وقالت إن "هناك تعطيلاً واضحاً لكافة مؤسسات السلطة من قضائية وتشريعية وتنفيذية، هذا سيؤثر كثيراً على المستوى الشعبي في مصداقية الرئيس وثقة الناس بالقضاء الفلسطيني والسلطة، والشارع يزداد يقيناً بأن الانتخابات أصبحت لعبة لتحصيل مكاسب سياسية لا علاقة لها بالوطن والقضية".
من جانبها وصفت المرشحة من حماس عن مدينة الخليل في الانتخابات المحلية سوزان عويوي ما تم بين المحكمة العليا والحكومة بأنه "مسرحية الهدف منها تخليص فتح من مأزقها الداخلي، وخسارتها في الانتخابات حسب التوقعات، وجاء قرار التأجيل بعد فشل عملية إرهاب المرشحين التابعين لحماس في الضفة الغربية، وبالرغم من أن قرار التأجيل في البداية جاء لضم مدينة القدس فإن قرار الإجراء صدر دون تضمين مدينة القدس".
أما الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون فقد صرح لـ"عربي بوست" قائلاً: "قرار المحكمة العليا يؤدي إلى تنصل السلطة الفلسطينية من مسؤوليتها تجاه قطاع غزة، وسيترك فراغاً سياسياً ودستورياً وقضائياً وتشريعياً في قطاع غزة، وسيعزز الانقسام بعزل الضفة عن غزة، كما أنه سيدمر العملية الديمقراطية الفلسطينية، وهذا سيفتح المجال واسعاً للتفكير جدياً بواقع غزة كأولوية قادمة في ظل عبث السلطة وانهيارها القيمي والأخلاقي والوطني".
وكانت المحكمة العليا الفلسطينية أقرت في 21 سبتمبر/أيلول 2016 وقف إجراء الانتخابات مؤقتاً إلى حين صدور قرار في الطعون المقدمة من نقابة المحامين الفلسطينيين وممثلين عن عدد من القوائم الانتخابية الممثلة لحركة فتح في قطاع غزة، إلا أنها أصدرت قراراً آخر في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2016 بإجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية دون قطاع غزة، ما أثار موجة من السخط على المستوى السياسي والشعبي الفلسطيني.