“خياراتنا تتضاءل حول حلب”.. مسؤولون أميركيون: لم نستطع إيقاف الأسد وروسيا.. وهذه النتائج المحتملة

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/03 الساعة 11:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/03 الساعة 11:29 بتوقيت غرينتش

تتضاءل خيارات الولايات المتحدة الأميركية لمواجهة الهجوم العسكري الكبير لقوات نظام بشار الأسد وروسيا على شرق حلب شمال سوريا، في وقت تُركت فيه المعارضة وحدها، ما قد يجبرها على اللجوء إلى جماعات ترى بعض الدول أنها "متطرفة"، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة ديلي بيست الأميركية 3 أكتوبر/تشرين الأول 2016.

وتتواصل الحملة العسكرية الكبيرة على شرق حلب، في حين ما يزال المدنيون يعيشون في حصار شديد، وقد أدت الضربات الجوية إلى تعطيل المخابز، وإخراج مستشفيات ومضخات مياه عن الخدمة، في حين يلقى اللوم على عدم تحرك المدينة لإيقاف ذلك.

وأشارت الصحيفة الأميركية أنه بحسب اعترافات المسؤولين الأميركيين، فإنهم باتوا يخشون من لجوء المعارضة المدعومة أميركياً والمتروكة بلا عون أو مدد إلى المجموعات الجهادية المتطرفة مثل القاعدة طلباً للأمن.

وينقل تقرير الصحيفة عن مسؤولَيْنِ أميركيَّيْنِ تحدثا إليها قولهما، إنهما "يخشيان من أن هزيمة المعارضة في حلب -كبرى المدن السورية- من شأنه إضعاف المجموعات المعارضة المدعومة أميركياً في المناطق المجاورة، مثل إدلب وحماة واللاذقية".

ويعني هذا أن سقوط المناطق الخاضعة للمعارضة شرق حلب، قد يؤدي لا إلى تعزيز موقف حكومة الأسد السورية فحسب، بل كذلك إلى تعزيز المجموعات الإرهابية المتطرفة التي هي آخر مجموعات المعارضة التي بقيت قائمة على أرجلها. أي أن مصير حلب قد يكون نقطة التحول الفاصلة في هذه الحرب الدامية التي طالت 5 سنوات حتى الآن.

وتساءل مسؤول أميركي قائلاً: "لقد أبدى المعارضون استعداداً للتعاون مع التحالف حتى اللحظة، ولكن كم بوسعهم الصمود أمام الهجوم الروسي؟".

وتشير "ديلي بيست" إلى أنه في حال حدث ذلك ولجأت المعارضة إلى صفوف المتطرفين، فإن ذلك سوف يدعم الرواية الروسية القائلة إن المعارضة المدعومة أميركياً ليست معتدلة مثلما تدعي أميركا، بل إنهم عناصر راديكالية متطرفة تعمل على تدمير سوريا. ولعل دفع هؤلاء نحو حافة التطرف هو تماماً القصد والغاية من وراء هذه الهجمة الشرسة على شرق حلب طيلة الأسبوع الماضي، والتي انطلقت بعد انهيار الهدنة الأخيرة.

ويقول دافيد غارتنشتاين-روس، أحد كبار زملاء مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، إن الروس والحكومة السورية يستخدمان "تكتيكات وحشية لدفع الطرف الآخر إلى حافة التطرف بشكل يبدو متعمداً، لا مجرد خطأ".

وقال المسؤول الأميركي "إن هذه دعاية روسية تخدم مصالحها نفسها".

وتتعرض أحياء حلب الشرقية إلى هجوم بأشد الأسلحة الثقيلة فتكاً، وبعضها يطال حتى المدنيين والعسكريين المختبئين في تحصينات.

وفي هذا السياق، يرى المسؤولون الأميركيون -بحسب الصحيفة- أن حملة الهجوم الروسية السورية تستخدم قنابل خارقة للتحصينات مصممة لاختراق الأهداف المحصنة مثل الأقبية والسراديب، فضلاً عن أسلحة حارقة وكيميائية ضمن الحملة التي تستهدف المستشفيات وعمال الإغاثة وإمدادات المياه والمؤن الغذائية.

وفي تقديرات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن 10 آلاف مدني قتلوا بالقصف الروسي منذ بدء حملته الداعمة للأسد منذ الـ30 من سبتمبر/أيلول العام الماضي، وهو التدخل الذي صب في مصلحة الحكومة السورية وقلب كفة الحرب لصالحها.

وطبقاً لما قالته منظمة الصحة العالمية WHO فقد لقي حوالي 338 شخصاً مصرعهم شرق حلب منهم 106 أطفال في الفترة الأخيرة بين 23 و30 سبتمبر/أيلول.

وقال ريك برينان، رئيس قسم الاستجابة الإنسانية وإدارة مخاطر الطوارئ في منظمة الصحة العالمية WHO يوم الجمعة في مؤتمر صحفي قصير للأمم المتحدة بجنيف "إن الوضع بحقٍ لا يمكن وصفه أو إدراكه".

كذلك يرى المسؤولون الأميركيون، أن آلافاً من قوات الجيش السوري قد دخلت المدينة وبدأت تطهيراً شبراً بشبر للمناطق المدمرة التي كانت بحوزة المعارضة شرق حلب.

تضارب بالمعلومات

وثمة تقارير متضاربة حول المناطق التي باتت خاضعة لسلطة الجيش السوري النظامي، فقد قال مصدر سوري حكومي لوكالة رويترز للأنباء، إن قوات الجيش قد أحكمت سيطرتها على عدة مبانٍ حكومية يوم الجمعة في أنحاء من منطقة سليمان الحلبي في مدينة حلب، بيد أن المعارضين يقولون إن تلك القوات النظامية قد تراجعت منذ حينها.

ويوم الأحد قيل إن الجيش السوري حض قوات المعارضة على المغادرة ضامناً لهم سلامة الخروج فيما يشق الجيش السوري طريقه عبر المدينة.

ويقدر المسؤولون الأميركيون تعداد المعارضة في حلب وما حولها بـ"عدة آلاف"، بيد أن الأسلحة التي بحوزتهم من مثل صواريخ TOW الموجهة وبنادق AK-47 لا تجدي نفعاً في مواجهة القصف الجوي.

وكان لافتاً أن مسؤولين أميركيين ألمحوا لأول مرة يوم الخميس الماضي، باحتمال أن شرقي حلب قد يسقط في يد الجيش النظامي في غضون أسابيع، لافتين إلى الهجمة التي قطعت إمدادات الماء والغذاء عن المنطقة وإلى القصف المنسوب إلى روسيا و/أو سوريا، على أكبر مستشفيين شرق حلب يوم الأربعاء.

وقال أحد المسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية لموقع الديلي بيست "يمكنك العيش دون عدة أشياء لكن ليس الماء".

موقف صعب

ويرى المدافعون عن المعارضة وموقفها أنه ما دام المعارضون قد رفضوا طيلة هذا الوقت الانضمام إلى صفوف القاعدة شرق حلب، فإنه من غير المرجح إذاً أن يلجأوا إليها الآن.

لكن جينيفر كافريللا، والتي هي من فريق تخطيط مستقبل سوريا في معهد الدراسات الحربية بواشنطن، تقول إنه ثمة مجموعات أخرى غير القاعدة قد يلجأ المعارضون إليها طلباً للدعم فيما تتضاءل مناطق وجودهم وتضيق بهم، من تلك المجموعات أحرار الشام التي هي مجموعة سلفية جهادية.

وقالت كافريللا للديلي بيست: "حالياً يوجد في سوريا طيف واسع من المجموعات".

وبهذا فإن هزيمة قوات المعارضة المعتدلة الضعيفة في حلب ستؤدي إلى "تغيرٍ شامل في طبيعة المعارضة" مستقبلاً حسب ما قالته كافريللا.

اتهامات لأميركا

وتلقي روسيا باتهامٍ قائلة، إنه لا وجود لمعارضة معتدلة حقيقية، بل إن الحقيقة هي أن الولايات المتحدة تدعم عناصر جهادية مثل جبهة فتح الشام التي كانت تعرف بـ"جبهة النصرة" سابقاً، والتي هي فرع عن القاعدة، وذلك في محاولة أميركية لدعم عدد صغير من المعتدلين.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد قال لـ بي بي سي، يوم الجمعة، إنه أثناء مفاوضات الهدنة قبل أسبوعين، كانت الولايات المتحدة "قد تعهدت رسمياً بأن تولي الأولوية لمهمة فصل المعارضة عن النصرة".

وتابع لافروف في حديثه لـ بي بي سي، قائلاً "لكنهم ما زالوا رغم كثرة وعودهم وتكرار تعهداتهم غير قادرين على فعل ذلك، أو ربما ممتنعون فيه، ولدينا أسباب كثيرة متنامية تجعلنا نعتقد أن خطتهم منذ البداية كانت ترك النصرة وشأنها والإبقاء عليها لحين الضرورة من أجل خطة بديلة أو مرحلة ثانية عندما يحين الوقت لاستبدال النظام".

ما الذي يمكن فعله؟

وتقول ديلي بيست، إن المسؤولين الأميركيين يعكفون حالياً على دراسة خياراتهم شرق حلب في مواجهة القصف المستمر، وانهيار الهدنة بين الروس وبين وزارة الخارجية الأميركية، إلا أن هذه الدراسات والمناقشات تتم على مستوى غير رفيع بين الموظفين فقط.

وتخلص الصحيفة إلى القول إنه "مع استمرار حملة القصف الروسي الجوي كل يوم، تتضاءل الخيارات حسب ما اعترف به المسؤولون الأميركيون أنفسهم".

لكن ما يزال هنالك خيار واحد على الأقل يبقى غير مطروح على طاولة المناقشة، فقد ظل آش كارتر وزير الدفاع، والجنرال في البحرية الأميركية جوزيف دنفورد رئيس رؤساء الأركان، يقاومان كافة الخيارات العسكرية، قائلين إن الحملة العسكرية الأميركية ينبغي أن تظل مركزة على هزم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وهو التوجه الذي وافقت عليه حتى الآن الإدارة الأميركية.

ويوم الأربعاء الماضي قال الرئيس الأميركي باراك أوباما لجيك تابر من قناة سي إن إن، في لقاء جمع بين الرئاسة الأميركية، وأعضاء في الجيش الأميركي وعائلاتهم: "في نهاية المطاف ستكون هناك تحديات تحدث حول العالم لا تمس أمننا بشكل مباشر حيث سيكون علينا المساعدة، سيتوجب علينا المساعدة في القيادة، لكن مجرد إرسال المزيد من الجنود لن يكون هو الجواب".

وتعتقد ديلي بيست أنه في المحصلة فإن الهيئات والمؤسسات الحكومية الأميركية المتنوعة ذات الصلة منقسمةٌ بشدة حول خيارات الولايات المتحدة فيما عليها فعله شرق حلب، خصوصاً وكالة الاستخبارات المركزية CIA المعنية أكثر من غيرها بجهود إيجاد وتدريب وتسليح مجموعات المعارضة المسلحة المدعومة أميركياً.

وختم مسؤول أميركي بالقول: "إن سقط شرق حلب فسيكون ذلك تراجعاً كبيراً إن أردنا اختيار أبسط المفردات".

– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة The Daily Beast الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.

علامات:
تحميل المزيد