تدرس إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما خطة عسكرية تستهدف تسليح المقاتلين الأكراد السوريين الذين يواجهون تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بصورة مباشرة؛ وهو تحول كبير في سياستها يمكن أن يعجل بالهجوم على التنظيم، ولكنه يصعد في الوقت ذاته من حدة التوتر بين تركيا والولايات المتحدة إلى حد كبير.
يتم حالياً مناقشة الخطة فيما بين أعضاء مجلس الأمن القومي، بينما يوجه الرئيس أوباما مساعديه لفحص كافة المقترحات التي يمكن أن تسارع من القتال ضد تنظيم داعش. وقد أبلغ أوباما معاونيه برغبته في شن حملة قبل أن يغادر البيت الأبيض تستهدف طرد داعش من الرقة، العاصمة الفعلية للتنظيم شمالي سوريا، وفق تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الأربعاء 21 سبتمبر/أيلول 2016.
ويعد قرار تسليح الأكراد السوريين صعباً على أوباما، الذي يسعى وراء تحقيق التوازن بين الطموحات الإقليمية والسياسية لتركيا والأكراد السوريين، وهما حليفان أميركيان متصارعان تريد واشنطن أن يحاربا تنظيم داعش.
وسوف يساعد توفير الأسلحة بصورة مباشرة للمرة الأولى للأكراد السوريين، الذين يعتبرهم القادة الأميركيون الشريك الأكثر فعالية ضد تنظيم داعش، على بناء زخم من أجل الهجوم على الرقة. ومع ذلك، فإن تسليحهم سوف يؤدي أيضاً إلى تصاعد حدة التوتر في العلاقات بين أوباما والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ولا تتفق الولايات المتحدة مع تركيا بشأن مليشيات الأكراد السوريين، التي تعتبرها تركيا عدوها الرئيسي في سوريا.
أسلحة صغيرة
نشأت الخطة عن القيادة المركزية بوزارة الدفاع الأميركية، التي تتولى الإشراف على العمليات العسكرية الأميركية بالشرق الأوسط. وتدعو الخطة إلى تزويد الأكراد السوريين بالأسلحة الصغيرة والذخيرة وبعض المؤن الأخرى لمهمات محددة، مع عدم تزويدهم بالأسلحة الثقيلة مثل القاذفات المضادة للدبابات أو الطائرات.
ويذكر المسؤولون الأميركيون أن المقترح لم يتم تقديمه بعد إلى مستويات الإدارة العليا من أجل اتخاذ القرار. ورفض مسؤولو البيت الأبيض التعليق على ذلك.
وجاء استعراض الخطة العسكرية متزامناً مع تخوف القادة الأميركيين من تعطل الجدول الزمني لاستعادة الرقة بعدما تدخلت تركيا مؤخراً في سوريا من خلال قواتها البرية للمرة الأولى. وأدى التدخل التركي إلى قطع أحد الطرق الرئيسية التي يتم من خلالها نقل المؤن إلى تنظيم داعش، ولكنه أدى أيضاً إلى الحد من المكاسب الإقليمية للمليشيات الكردية، التي انتقدت الولايات المتحدة لتحالفها مع تركيا، رغم حصولها على مساعدات من مستشاري العمليات الخاصة الأميركيين.
ويرى القادة الأميركيون أن خطة تسليح الأكراد السوريين، المنتشرين على الحدود مع تركيا، بمثابة حافز يجعلهم يواصلون القتال ضد داعش. وفي سؤال عما إذا كان الوضع العسكري والسياسي الهش على الحدود السورية التركية قد أحدث تباطؤاً في استعادة الرقة، ذكر الجنرال جوزيف فوتيل، رئيس القيادة المركزية في الأسبوع الماضي، أن ذلك ممكن.
وذكر الجنرال فوتيل خلال انعقاد مؤتمر الأمن برعاية معهد دراسات الحرب "أننا لا نسيطر بالضرورة على البرنامج الزمني بأنفسنا".
وذكر زملاء الجنرال فوتيل أنه أعرب عن قلقه الشديد سراً بشأن الحفاظ على الزخم خلال قتال تنظيم داعش، وخاصة إذا ما استمر الصدام بين الأكراد السوريون وتركيا.
وأشار الجنرال فوتيل في الأسبوع الماضي "ينبغي أن نلعب دور القيادة على كلا الجانبين -الأتراك والأكراد- ونركز على مهمة هزيمة داعش".
وخلال العامين الماضيين، قام البنتاغون بتوفير الأسلحة الصغيرة والذخيرة والإمدادات الأخرى لجماعة مقبولة لدى تركيا -وهم العرب السوريون الذي يمثلون أقلية ضمن جماعة المظلة الخاضعة لسيطرة الأكراد والتي تحارب تنظيم داعش. وقد تم إجراء نحو 350 عملية تسليم جواً وبراً إلى مليشيات العرب السوريين، بحسب ما ذكرته القيادة العسكرية الأميركية بالعراق.
ومع ذلك، لم تقم الولايات المتحدة بتسليح المقاتلين الأكراد أنفسهم بصورة مباشرة، لعدم إثارة غضب تركيا.
ويذكر العديد من المحللين أن دعم البنتاغون للعرب السوريين يعد بمثابة غطاءً للمساعدات المقدمة إلى الأكراد السوريين، الذين يتولون زمام الأمور في ظل التحالف الأوسع نطاقاً وينسقون الضربات الجوية مع الولايات المتحدة ويمثلون القدرة القتالية الأكبر. ومع ذلك، فإن تسليح الأكراد بصورة مباشرة، ولو كان ذلك لمهمات محددة، يمثل تحولاً عملياً ورمزياً هائلاً.
وذكر سونر كجابتي، المتخصص بالشؤون التركية بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط "إذا ما حدث ذلك، سوف تختفي ورقة التين وتصبح القضية بالغة الخطورة بين الدولتين".
قام 5 من كبار المسؤولين الأميركيين بمناقشة المقترح بشرط عدم الإعلان عن أسمائهم نظراً لأن الخطة لا تزال قيد المراجعة. وذكر جميعهم أن أي مساعدات مباشرة إلى الأكراد سوف تمثل جزءاً من استراتيجية أكبر لسحق تنظيم داعش في سوريا.
أهداف تسليح الأكراد
ويتمثل أحد الأهداف العملية للخطة في تسليح الأكراد بعد تقدمهم في العديد من المعارك الشرسة ضد تنظيم داعش خلال الشهور الماضية، بدءاً بمعركة بالقرب من الحدود السورية مع العراق إلى مدينة منبج الاستراتيجية، التي أقام بها التنظيم مراكز تدريب لمئات من المجندين الوافدين. وكانت المدينة أيضاً مركز تجمع لمزيد من المقاتلين الموسميين العائدين لأوروبا من خلال تركيا.
وفقد الأكراد مؤخراً أيضاً مصدر أسلحة دائم -الحكومة السورية- نتيجة التقارب السياسي بين تركيا وروسيا، والمصادمات بين الأكراد وقوات الجيش السوري.
وذكر مسؤولون أميركيون أن المساعدات تستهدف من الناحية السياسية أيضاً تخفيف حدة الكراهية التي يشعر بها الأكراد السوريين تجاه حلفائهم الأميركيين منذ التدخل العسكري التركي في سوريا.
وذكر البنتاغون يوم الجمعة أن قوات العمليات الخاصة الأميركية قد وصلت في الأسبوع الماضي إلى شمالي سوريا للتعاون مع القوات التركية في محاربة تنظيم داعش، مؤكداً أن نحو 30 أميركياً سوف يعملون بصفة استشارية.
وذكرت مصادر إخبارية تركية هذا الشهر، أن إردوغان قد أشار إلى أن بلاده مستعدة لتنفيذ عملية مشتركة مع الولايات المتحدة للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة. ومع ذلك، خفف مسؤولون أميركيون من حدة المناقشات وذكروا أن الولايات المتحدة لا تزال تحاول تدرس كيفية حشد قوات برية كافية لاستعادة الرقة.
وذكر أحد كبار الجنرالات الأميركيين يوم الإثنين أن قوات الأمن عبر الحدود في العراق سوف تكون مستعدة لاقتحام الموصل في أكتوبر/تشرين الأول.
وأخبر الجنرال جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة، الصحفيين المرافقين له على متن طائرة الولايات المتحدة العسكرية، أن القرار النهائي بشأن موعد استعادة الموصل هو قرار خاص برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بحسب وكالة أنباء رويترز. وأضاف الجنرال أن "مهمتنا هي مساعدة العراقيين على حشد القوى والدعم اللازمين لتنفيذ العمليات في الموصل وسوف نكون مستعدين لذلك في أكتوبر/تشرين الأول".
– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة New York Times الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.