للمرة الثالثة على التوالي اختار المواطن الجزائري عبد العزيز دلسي التوجّه لمدينة الحمامات السياحية الواقعة شرق العاصمة لقضاء فترة استجمام رفقة عائلته.
دلسي الذي قدم براً على متن سيارته من ولاية بومرداس الجزائرية نحو تونس لم يخفِ لـ"عربي بوست" امتعاضه من ضريبة الدخول التي فرضتها السلطات التونسية على المركبات الجزائرية التي تقدر بـ30 ديناراً (أي ما يعادل 13 دولاراً)، لكنه استدرك ضاحكاً "سأعتبرها إعانة لإخوتنا التونسيين من أشقائهم الجزائريين في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تمر بها البلاد".
احتجاجات وغلق المعابر الحدودية
ضريبة العبور التي فرضتها السلطات التونسية على العربات الداخلة إلى أراضيها – والتي تم استحداثها بموجب قانون المالية التكميلي التونسي لسنة 2014 وتمت المصادقة عليه بتاريخ 7 مارس/آذار 2015 – أثارت في الآونة الأخيرة جدلاً كبيراً بين تونس والجزائر.
وبلغت حدة هذا الجدل في أغسطس/آب الماضي حين احتج مجموعة من سائقي العربات الجزائريين وقاموا بإغلاق عدة معابر حدودية بين البلدين، على غرار سوق هراس وبتيتة وبوشبكة والعيون وأم الطبول، وصفته حينها صحف جزائرية بردة فعل غاضبة من الجزائريين الذين طالبوا حكومتهم بالتدخل لحل أزمة الضريبة أو بفرض ضريبة مماثلة على العربات التونسية المتوجهة للتراب الجزائري عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل.
الجزائر: بالمعاملة بالمثل
الرد من الجانب الرسمي الجزائري لم يأتِ متأخراً، حيث نقلت وسائل إعلام جزائرية منذ يومين تصريحات لوزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أكد خلالها أن "مصالحه باشرت إجراءات المعاملة بالمثل فيما يخص فرض السلطات التونسية تسديد ضريبة مقدرة بـ30 ديناراً تونسياً على الجزائريين الراغبين في الدخول للأراضي التونسية"، مشدداً على أن باب المشاورات مفتوح مع السلطات التونسية في هذا الأمر.
وجاء تصريح وزير الخارجية الجزائري رداً على سؤال توجّه به النائب عن حزب جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف مطالباً في رسالةٍ الوزير باتخاذ إجراءات عاجلة بهدف التنسيق مع السلطات التونسية لإلغاء هذه الضريبة المفروضة على المواطنين الجزائريين.
"العدالة والتنمية" يوضح
من جهته قال النائب في البرلمان الجزائري عن حزب جبهة العدالة والتنمية، عبدالناصر قيوس، في تصريح لـ"عربي بوست" إن سلطات بلاده كانت تنتظر من السلطات التونسية التراجع عن فرض الضريبة، لكن الأخيرة لم تفعل بحكم أن الضريبة مفروضة في قانون المالية التونسي ولا يمكن إلغاؤها حالياً، "وهو ما جعل السلطات الجزائرية تعتزم فرض ضريبة على العربات التونسية في قانون المالية المقبل"، يوضح المتحدث.
النائب الجزائري عبّر عن أمله بحل الأزمة بين البلدين في أقرب فرصة، مضيفاً: "نحن في حزب جبهة العدالة والتنمية طالبنا بضرورة إلغاء الضريبة على الجزائريين المتوجهين إلى تونس، ووجهنا مراسلات لوزير الخارجية الجزائري، والوزارة قامت بدورها وحاولت الاتصال بالسلطات التونسية، لكن الأخيرة لم تلغ الضريبة ما دفع بالجزائر لأخذ قرار المعاملة بالمثل، وهو في اعتقادي أمر لا يخدم الشعبين الجزائري والتونسي".
وختم قيوس قائلاً: "الشعوب المغاربية تريد رفع كل الحواجز والعراقيل، فنحن أمة واحدة ونريد مغرباً عربياً موحداً، والحل في اعتقادنا بإلغاء الضريبة من كلا الجانبين".
قرار اعتزام السلطات الجزائرية فرض ضريبة على المركبات التونسية أثار بدوره جدلاً كبيراً بين التونسيين وصل مداه لمجلس نواب الشعب في محاولة لاحتواء الأزمة، لاسيما بعد أن نقلت صحيفة الحوار الجزائرية تصريحات وصفتها بـ"المدوية" لسفير الجزائر بتونس عبدالقادر حجار، أشار خلالها إلى وجود ما سمّاه "جهة نافذة في البلاد تدفع باتجاه التصعيد مع الجزائر"، موضحاً أنه كان إبان بدء الأزمة قد أودع طلباً لدى وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، بهدف مقابلة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي للتشاور حول قضية الضريبة لكن ذلك لم يتم، حسب قوله.
مشاورات برلمانية تونسية جزائرية
وحول محاولات احتواء الأزمة بين البلدين الشقيقين أكد النائب عن مجلس الشعب في تونس والمكلف بالعلاقات والاتصال، المنجي الحرباوي، لـ"عربي بوست" أن المسألة تشريعية كونها تتعلق بقانون تكميلي للمالية وحلها – حسب قوله – لا يكون إلا في إطار تشريعي يسنّه النواب سواءً من الجانب التونسي أو الجزائري.
وانطلاقاً من هذا الأساس قام النائب بدعوة نواب جزائريين عن المناطق الحدودية بهدف التشاور لإيجاد حل يرضي كل الأطراف، موضحاً: "تكفلت كوني نائباً عن محافظة الكاف الحدودية مع الجزائر باستدعاء النواب التونسيين القاطنين على الحدود الغربية للجزائر، وتكفلت النائبة الجزائرية أميرة سليم باستدعاء نواب المناطق الحدودية الشرقية في الجزائر، وسنحدد جلسة عاجلة لحل الأزمة، ونأمل بأن تكون القضية مجرد زوبعة في فنجان لن تؤثر على العلاقات التاريخية والدموية بين الأشقاء في تونس والجزائر".
مليون ونصف جزائري في تونس
يذكر أن هناك نحو مليوني سائح جزائري يدخلون سنوياً للتراب التونسي إما بهدف السياحة أو العلاج أو التجارة.
وبحسب أرقام صادرة عن وزارة السياحة في تونس فقد بلغ عدد السياح الوافدين إلى تونس سنة 2015 نحو المليون ونصف المليون سائح جزائري.
وكان معبر ملولة بمحافظة طبرقة الحدودي سجل في يوم واحد من بداية أغسطس 2016 رقماً قياسياً في عدد السياح الجزائريين الوافدين، بمعدل 6000 شخص، بحسب معطيات أكدها المندوب الجهوي للسياحة بمحافظة جندوبة الحدودية.