ألقت شرطة نيويورك الإثنين 19 سبتمبر/أيلول 2016، القبض على أحمد رحمي المشتبه به بتنفيذ تفجيرين وقعا بنيويورك ونيوجيرسي وأديا لوقوع جرحى، بعد اشتباك مسلح معه.
حياة رحمي
ورحمي مواطن أميركي من أصل أفغاني، ولد في 23 من يناير/كانون الثاني عام 1988 بأفغانستان. وآخر عنوان معروف له كان بمدينة إليزابيث بولاية نيوجيرسي. ويبلغ من الطول خمسة أقدام وستة بوصات تقريباً ويزن حوالي مائتي رطل. لديه شعر وعيون بنية، وكذلك شعر وجهه بني.
وصباح اليوم الإثنين أشار عمدة مدينة إليزابيث، كريس بولاج، في مؤتمر صحفي، إلى أن عائلة رحمي لديها مشاكل سابقة مع المدينة، تتعلق بشكل أساسي بمطعم فيرست أميركان فرايد تشيكن الذي تملكه العائلة.
فطبقاً لحديث العمدة كريس بولاج، قام محمد -والد أحمد رحمي- بفتح هذا المطعم منذ عشر سنوات، ووَظَّف فيه أبناءه.
وكان المطعم يظل مفتوحاً طوال اليوم، مما أدى بالجيران إلى الشكوى بشأن الزبائن المزعجين الذين يتجمعون بالمكان في أوقات متأخرة، غالباً بعد منتصف الليل.
وقال ديين ماكديرموت -أحد المواطنين الذين يسكنون قرب المطعم بمدينة إليزابيث– أنه كان يجد بعض زبائن المطعم يتسعكون بباحة منزله، وأحياناً يقضون حاجتهم.
وبحسب العمدة، واستجابة لهذه الشكاوى، قضى مجلس المدينة بأن يتم إغلاق المطعم في الأوقات المتأخرة من الليل.
وصرح بقوله إنَّ "مجلس المدينة قضى بإغلاق المطعم يومياً في العاشرة مساءً. فالشكاوى استمرت في الورود من الجيران، والأمر كان يمثل أزمة بالنسبة لسكان الحي".
ولكن طبقاً لجيران المطعم، لم تمتثل العائلة لقرار مجلس المدينة.
وفي إحدى المرات، وأثناء قيام الشرطة بمحاولة إغلاق المطعم بالقوة، تشاجر أحد إخوة رحمي الأكبر مع أحد الضباط، وتم القبض عليه نتيجة لذلك. ولكن قبل الحكم في القضية هرب الابن إلى موطنه بأفغانستان طبقاً لوراية السيد ماكديرموت.
وأكد العمدة أن عائلة رحمي قد قامت وقتها بمقاضاة عمدة المدينة ومجلسها وعشرين ضابطاً بالشرطة، مدعين أن ابنهم قد تعرض لتمييز عنصري بسبب أصوله الأفغانية.
وصرح العمدة تعليقاً على هذا الاتهام قائلاً إنَّ "الأمر لا يتعلق بالعرق أو الدين، الأمر كله يتعلق بشكاوي جيران المطعم، والضوضاء واحتشاد زبائن المطعم حتى وقت متأخر في الشارع".
"كان ودوداً"
قال ريان ماكانن -أحد مرتادي المطعم المعتادين، ويبلغ من العمر 33 عاماً– إنَّ أحمد رحمي كان ودوداً ولم يكن يبدو عليه الغضب يوماً، وإنَّه أيضاً كان مولعاً بالسيارات السريعة، وخصوصاً سيارات هوندا سيفيك المُعَدَّلَة لخوض السباقات.
وكذلك قال إنَّ رحمي كان يرتدي الملابس الغربية، ويتسكع مع أصدقائه على الرصيف، وأحياناً يقوم بتقديم الطعام مجاناً لزبائنه المعتادين.
يقوم أكثر من ألف ضابط من وحدة الطوارئ والتدخل السريع بشرطة المدينة بحماية معالم مدينة نيويورك ومحطات وسائل النقل وغيرها من الأماكن الحساسة.
وصرح بقوله "رحمي شخص ودود جداً، أعطاني مرةً ما دجاجاً مجانياً. كان الشخص الأكثر ودية الذي يمكنك مقابلته يوماً".
وقال أيضاً إنَّ عائلته كانت تعيش في شقة فوق المطعم، وإن رحمي كان قد أصبح مسئولاً عن المطعم بشكل أكبر عما قبل.
وصرح بقوله "مؤخراً، لم أكن أرى والد رحمي كثيراً، كنت أراه هو فقط في المطعم".
أما بالنسبة لباقي الزبائن، فهم يرون أن عائلة رحمي كانت تبدو متحفظة.
وعن ذلك قالت جيسيكا كازانوفا -صاحبة الثلاثة وعشرين عاماً وإحدى جيران المطعم- إنَّهم "كانوا يبدون كتومين وغامضين قليلاً، وكانوا جادين بشدة طوال الوقت".
وعلق جوشوا سانشيز –24 عاماً وأحد جيران العائلة– أنه كان مندهشاً أيضاً من أن أفراد العائلة فقط هم من يعملون بالمطعم وأنَّه ليس هناك أحد من خارج العائلة، واصفاً مطعم الدجاج خاصتهم بالكوخ.
وقال عن ذلك "كان رحمي الأب وأحمد موجودين دائماً بالكوخ، هما الاثنان فقط، يبدو أنه عمل عائلي. لم يقوما بتوظيف أشخاص آخرين مطلقاً".
كيف ألقي القبض عليه؟
بعدما تعرفت الشرطة على رحمي بدأت مع العملاء الفيدراليين بالبحث عنه، وأرسلت تنبيهات على الهاتف المحمول لملايين المقيمين بالمنطقة بطريقة لم يسبق لها مثيل.
وقد علق عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو عن الأمر صباح يوم الاثنين قائلاً: "أريد أن أوضح أن أحمد رحمي ربما يكون مسلحاً وخطيراً، على من يراه الاتصال بالطوارئ على الفور".
وطبقاً لمسؤولي قوات الأمن، تم التعرف على رحمي من خلال شرائط المراقبة قرب موقع القنبلة التي انفجرت في تشيلسي وكذلك موقع جهاز آخر لم ينفجر على بعد بضعة مباني من نفس الموقع.
وقال حاكم نيويورك أندرو كومو -الذي كان قد صرح يوم الأحد في مقطع مصور أن الهجوم لا يبدو مرتبطاً بالإرهاب الدولي- إن الأدلة الجديدة ربما تجعله يغير رأيه.
وصرح لشبكة سي إن إن صباح الإثنين قائلاً "لن أتفاجأ إن تبين أن هناك جهات أجنبية لها علاقة بالحادث".
وعلق مسؤول بقوات الأمن –والذي طلب عدم ذكر اسمه– أن الأدلة تشير أيضاً إلى ارتباط رحمي بالتفجير الذي حدث على شاطئ جيرسي يوم السبت.
وجاءت أوامر مفوض الشرطة بالمدينة جايمس أونيل لدوريات الأمن بشرطة نيويورك –والذين يبلغ عددهم 36000 ضابط– بالتيقظ ورفع الاستعداد للقبض على رحمي.
وقام العشرات من ضباط الشرطة والعملاء الفيدراليين بتضييق البحث في مناطق بمدينة نيوجيرسي. وفي الوقت نفسه، يقوم أكثر من ألف ضابط من وحدة الطوارئ والتدخل السريع بشرطة المدينة بحماية معالم مدينة نيويورك ومحطات وسائل النقل وغيرها من الأماكن الحساسة.
ذكرت شبكات التلفزيون الأميركية، أنه تم القبض رحمي بعد اشتباك مسلح مع الشرطة، وعرضت بعضها لقطات له بدا فيها مصاباً.
New York Mayor @billdeblasio: "We have every reason to believe this was an act of terror." https://t.co/nm7yRtXAJi https://t.co/dzzikUQo16
— CNN (@CNN) September 19, 2016
تأهب أمني
وفي منتصف صباح يوم الإثنين، كانت الشرطة قد تلقت العديد من المكالمات بشأن طرود مشبوهة.
وقبل إذاعة اسم رحمي بساعات في وسائل الإعلام، اكتشفت الشرطة خمسة قنابل بالقرب من محطة قطار بمدينة إليزابيث، وعملت على تعطيلها لتنفجر إحداها بالخطأ أثناء المحاولة.
وقام عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (F.B.I) -باستخدام الكلاب- وبمعاونة شرطة مدينة إليزابيث بمسح أحد الأحياء السكنية وما بها من مبانٍ سكنية ومنازل عائلية ومشروعات تجارية صغيرة.
وقامت قوات الأمن بإخلاء وإغلاق متجر بقالة لابوتيغا دي سابوري ديلي، وصالون سونيا الذي يقع إلى يسار المطعم، وكذلك شركة إتش أر لخدمات الكمبيوتر والإتصالات.
وقال السيد دي بلاسيو أن على سكان نيويورك أن يكونوا مستعدين لرؤية عدد أكبر من رجال الشرطة في شوارع المدينة.
وعلق المسؤول بقوات الأمن أنه بينما لا توجد أدلة بعد على إرتباط رحمي بتنظيم داعش أو بالقاعدة، إلا أن المعلومات عنه لا تزال قليلة جداً.
وصرح قائلاً "نحن لا نعلم بعد ما انتماؤه أو ما الذي ألهمه، أو إن كان حتى مُوَجَّهاً، لا نملك تلك المعلومات بعد".
وأضاف المصدر "نملك ما يكفي من الأدلة لربطه بالقنبلة التي وجدناها بالمباني بالقرب من الشاطئ، والقنبلة التي كانت بالشارع رقم 27، وكذلك الشارع رقم 23. وأيضاً يمكن ربطه بالقنبلة التي كانت بمحطة قطار إليزابيث، التي تبعد عن مكان إقامته بنصف ميل. وبالتالي فأيديولوجيته وارتباطه بتنظيمات الإرهاب الدولي وكل تلك الأمور يمكن أن نتبينها أثناء فحص نتائج التفتيش الذي قمنا به بحثاً عن الحواسب والأقراص المدمجة والأشياء المشابهة، وهي التفتيشات التي قمنا بها مساء الأحد في بيته بمدينة إليزابيث".
"متورط بتفجيرات أخرى"
وقال نفس المسؤول عن ذلك "هذا شخص (رحمي) متورط على ما يبدو في سلسلة من أربعة تفجيرات متتالية في الأيام الأخيرة بأماكن مزدحمة، ولهذا يجب علينا أن نمسك به".
وقامت قوات الشرطة في وقت متأخر مساء يوم الأحد بإيقاف عربة في جادة ذا بيلت بالقرب من جسر فيرازانو ناروز في بروكلين وقبضت على خمسة أشخاص على صلة بالسيد رحمي من أجل استجوابهم.
كان هناك نشاط متزايد لقوات الشرطة على جانبي نهر هدسون طوال الليل وحتى صباح يوم الإثنين، استجابة للبلاغات والأدلة التي جاءت، ومن ضمنها المعلومة التي قادت إلى اكتشاف القنابل الموجودة بمدينة إليزابيث.
إذ صرح كريس بولاج -عمدة مدينة إليزابيث– أنه أثناء خروج رجلين من مطعم هكتور بالقرب من محطة القطار بالمدينة وجدا حقيبة ظهر تحتوي على خمسة متفجرات فوق حاوية نفايات.
وتابع قوله أنه عندما عثرا بداخلها على بعض الأسلاك وأنبوب ما، تركها الرجلان مكانها اإتصلا بقسم شرطة مدينة إليزابيث في حوالي الساعة الثامنة وخمسة وأربعين دقيقة مساءً.
وبدورها قامت الشرطة بالاتصال بفرقة المتفجرات الخاصة بالمقاطعة، وتم تحويل التحقيق سريعاً إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي (F.B.I) وشرطة ولاية نيوجيرسي.
وحينها قام مكتب التحقيقات الفيدرالي (F.B.I) بإرسال روبوتين للتحقق من الحقيبة ليجدوا بداخلها خمسة قنابل، بعضها قنابل أنبوبية، كما صرح العمدة.
وصرح أيضاً بأنه في حوالي الثانية عشر ونصف صباحاً حاول المكتب الفيدرالي (F.B.I) باستخدام الروبوتات قطع أحد الأسلاك لتعطيل إحدى القنابل، مما أدى إلى تفجيرها بالخطأ. ولم تحدث أصابات جراء هذا الانفجار.
– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة The New York Times الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.