من المرجح أن تحصل برلين على أول حكومة ائتلاف ثلاثي يسارية في تاريخها، بعد تراجع كل من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تمثله أنغيلا ميركل، والحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم إلى أدنى نتيجة لهما في العاصمة الألمانية.
وجاء الحزب "الديمقراطي الاشتراكي" اليساري الوسطي في المقدمة بنسبة 21.6٪ من الأصوات، متقدماً على يمين حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" اليميني الوسطي الذي حصل على 17.5٪. ، بينما حصل حزب اليسار الألماني على نسبة 15.7٪ من الأصوات، متقدماً على حزب الخضر الذي حصل على 15.1٪.
من المقرر أن يدخل حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي المناهض للهجرة برلمان ولاية العاصمة الألمانية للمرة الأولى بنسبة 14.1٪ من الأصوات، حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية .
قبل أيام من الانتخابات، حذر مايكل مولر رئيس البلدية من أن ارتفاع نتيجة حزب البديل من أجل ألمانيا "سيراه العالم علامة على عودة اليمين والنازيين في ألمانيا".
وكتب السياسي التابع للحزب الاشتراكي الديمقراطي على موقع فيسبوك الخميس 15 سبتمبر/أيلول 2016 "برلين ليست مجرد مدينة قديمة. برلين هي المدينة التي حولت نفسها من عاصمة ألمانيا هتلر النازية إلى منارة للحرية والتسامح والتنوع والتماسك الاجتماعي".
قبل إجراء الانتخابات التي يحق لـ 2.48 مليون شخص التصويت فيها، فقد أشار مولر إلى أنه يفضل عدم الاستمرار في حكم مدينة بها "ائتلاف كبير" بين يسار الوسط ويمين الوسط، ساعياً بدلاً من ذلك إلى تحالف مع حزب الخضر.
للحصول على أغلبية حاكمة، يحتاج الحزبان إلى دعم من طرف ثالث، مثل حزب اليسار أو حزب الديمقراطيين الأحرار، الذي تمكن من العودة إلى البرلمان بنسبة 6.7٪.
اللاجئون
شهدت برلين، التي وصفها عمدتها السابق كلاوس فوفرايت يوماً بأنها "فقيرة لكن مثيرة"، انخفاض معدلات البطالة إلى أقل من 10٪ وارتفاع عائدات الضرائب في السنوات الأخيرة. لكن النمو السكاني الذي يصل إلى 40 ألف نسمة سنوياً أدى إلى تراكم في بيروقراطية الدولة وإلى تزايد المخاوف من إعادة التنظيم الحضري.
ورداً على استطلاعات الرأي التي سألتهم عن القضايا التي أثرت أكثر على أصواتهم، وضع مواطنو برلين في الغرب والشرق العدالة الاجتماعية والاقتصاد المحلي وحالة النظام التعليمي فوق إدارة أزمة اللاجئين.
كان ارتفاع أسعار الإيجارات والفشل المستمر لمطار برلين الجديد براندنبورغ، مسيطراً على شهر الحملة الانتخابية في العاصمة الألمانية، بدلاً من أزمة اللاجئين أو الخوف من الهجمات الإرهابية.
مديونة
وخلافاً لمعظم العواصم في أوروبا، تدين برلين بديون عامة أكثر من المدن الكبرى الأخرى مثل ميونيخ أو هامبورغ، وتستمر في تلقي الدعم من الولايات الأغنى في أنحاء ألمانيا.
منذ عامين تولى مولر رئاسة البلدية بعد كلاوس فوفيريت، بعد أن عمل في السابق قائداً حزبياً وعضواً في مجلس الشيوخ. مولر شخصية إدارية أكثر من فوفرايت المسرف عادة والذي كان يُعلن مثليته الجنسية، وحظى في البداية بشعبية عالية.
مع ذلك، وبعد 15 عاماً من حكم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، كانت نتيجة يوم الأحد الماضي مُفيقة إذ هبطت من نسبة 30.8٪ التي تمتع بها الحزب في أوج عصر فوفيريت – ونسبة 61.9٪ التي حصل عليها العمدة والمستشار السابق فيلي برانت.
حصل الحزب الاشتراكي الديمقراطي مثل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، على نسبة أصوات في برلين أقل من أي وقت مضى. في تاريخ ألمانيا الحديثة، لم يفز أي حزب من قبل بالانتخابات بنتيجة بمثل هذا السوء.
تراجع حزب القراصنة، وهو جماعة من نشطاء حرية الإنترنت تمكنوا من دخول البرلمان في عام 2011، إلى نسبة 5٪.
ولكن النتيجة ستضر بحزب ميركل الاتحاد الديمقراطي المسيحي أكثر من غيره. بعد هزائم الحزب الديمقراطي المسيحي في مكلنبورغ-فوربومرن، وراينلاند وستفاليا، وبادن فورتمبيرغ، نتيجة برلين هي الضربة الرابعة على التوالي للحزب اليميني الوسطي، الذي اقترب من الحصول على الأغلبية المطلقة على المستوى الفيدرالي منذ ثلاث سنوات فقط.
الهزيمة الرابعة
بالنسبة لقيادة الحزب، صار من الصعب تجاهل وجود نمط معين وراء هذه النتائج. في الانتخابات الأربعة كلها، خسرت الأحزاب القائمة الأصوات بينما نجح حزب البديل من أجل ألمانيا الصاعد الذي تأسس عام 2013 في الوصول إلى نتيجة مؤلفة من رقمين.
وكما في الانتخابات الثلاثة السابقة، عوقب فرانك هنكل المرشح لرئاسة البلدية عن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في برلين، على الرغم من محاولة الحزب أن يُبعد نفسه عن موقف المستشارة ميركل الخاص من قضية اللاجئين. أقام هنكل، نائب رئيس البلدية، حملة على مذكرة نظام وقانون صارمة، ودعا في نقطة ما إلى حظر ارتداء النساء لغطاء الوجه وإلى إنهاء ازدواج الجنسية – وهما مبادرتان أضعفتهما وزارة الداخلية فوراً.
ما أضعف ملف هنكل الشخصي كمرشح للنظام والقانون هو أن مكتب برلين للصحة والخدمات الاجتماعيةLaGeSo، والمسئول عن اللاجئين، اكتسب تحت إشرافه سمعة بعدم الكفاءة بيروقراطياً ووجود ظروف غير إنسانية، مما دفع إلى السخرية من برلين بأنّها "مدينة فاشلة".
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.