رجلٌ من طائفة “يهود يحبُّون المسيح” يحرق مسجداً بأميركاً رداً على هجوم نادي المثليين بأورلاندو .. فما حقيقة هذه الطائفة؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/16 الساعة 14:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/16 الساعة 14:05 بتوقيت غرينتش

اعتقل رجلٌ أقدم على إحراق مسجد بولاية فلوريدا الأمريكية رداً على المجزرة التي ارتكبها المسلم عمر متين في ملهى ليلي للمثليين جنسياً في مدينة أورلاندو بالولاية نفسها والتي أسفرت عن مقتل 49 شخصاً في 12 يونيو/حزيران من 2016.

المعتقل الذي أحرق المسجد ينتمي إلى طائفة دينية تسمى Jew for Jesus (يهود مع المسيح) وهي طائفة يهودية لكنها تؤمن بأن نبي الله عيسى عليه السلام هو المسيح الذي بشرت به التوراة، خلافاً لما يعتقده عموم اليهود.

موقع الديلي بيست الإخباري ذكر في 15 سبتمبر/أيلول 2016 قال إن الفاعل واسمه جوزيف مايكل شرايبر قد أدخل سجن مقاطعة سانت لوسي يوم الأربعاء 14 سبتمبر /أيلول 2016 بتهمة إحراق مسجد المركز الإسلامي ببلدة فورت بيرس بفلوريدا بعد منتصف ليلة 12 سبتمبر/أيلول التي وافقت أول أيام عيد الأضحى المبارك.

المسجد الصغير يتعرّض لتهديدات منذ قام عمر متين بهجومه الإرهابي الذي استلهمه من تنظيم داعش، والصور من داخل المسجد تُظهِر الدمار الذي أحدثته النيران التي أضرمها شرايبر فانهارت بسببها الجدران.

ويواجه شرايبر عقوبة الحبس 30 عاماً في السجن إن ثبتت عليه التهمة نظراً لتاريخه الجنائي في الجنح حسب ما أفادت به وثائق المحكمة.

كراهية للمسلمين

نظرة على حساب فيسبوك الذي يخص شرايبر تكشف كم الكراهية التي يكنها للإسلام ولهجته العدائية للمسلمين، ففي إحدى مشاركاته زعم أن "الإسلام كله راديكالي"، وبعدما قتل ميكا جونسون 5 عناصر شرطة في مدينة دالاس بتكساس قام شرايبر بمشاركة مادة على فيسبوك في محاولة ليربط بين القاتل وبين الإخوان المسلمين.

يقول تقرير الديلي بيست إنه كذلك كان لحساب شرايبر على فيسبوك فائدة أن دلنا على أول خيط لمعرفة معتقده الديني، فصورة غلاف حسابه يظهر عليها رمز اليهودية المسيحية، كذلك تظهر شمعداناً يهودياً وسمكة تمثل سيدنا عيسى المسيح يتقاطعان سوياً في رسم يمثل نجمة داوود.

كذلك لدى شرايبر أكثر من 30 صديقاً على فيسبوك ينتمون إلى نفس المعتقد الديني اليهودي المسيحي، إذ أنهم إما يعلنون ذلك صراحة على حساباتهم الفيسبوكية أو أنهم يكتبون أنهم يعملون في كنيس يهودي مسيحي.

هل هو يهودي أم مسيحي؟

وكانت تقارير إعلامية سابقة قد وصفت شرايبر الذي يفيض كراهية وعداء ضد المسلمين على فيسبوك بأنه يهودي، ولكن اليهود المسيحيين والذين شاع اسمهم لدى العامة "يهود مع المسيح" يشغلون مساحة ضبابية غير واضحة المعالم وسط المشهد الديني (فـ"يهود مع المسيح" هي أيضاً مؤسسة غير ربحية معروفة تعمل على نشر معتقد اليهودية المسيحية).

العديد من أتباع هذا الدين يعرفون عن أنفسهم بلفظة "يهود"، حتى أن بعضهم يصح بالفعل إطلاق اللفظة عليه حسب تعاليم الشريعة اليهودية إما لولادتهم لأبوين يهوديين أو لاعتناقهم ديانة إحدى الطوائف اليهودية التقليدية.

كذلك يطلق هؤلاء على كهنة دينهم وقادتهم الدينيين لقب "حاخام" ويحتفلون بالمناسبات اليهودية ويؤدون صلواتهم وشعائرهم بالعبرية.

لكن الفرق الوحيد هو أن هؤلاء اليهود المسيحيين يؤمنون بأن سيدنا عيسى هو المسيح عليه السلام، وهو ما ينافي ويناقض تماماً عموم أتباع الديانة اليهودية على اختلاف طوائفها، ولهذا يصنف الشارع اليهودي هذه الطائفة والفئة على أنها فرع من المسيحية الإيفانجيلية، لا اليهودية.

لم يكن غاضباً

بروس بينسون حاخام من معبد الإصلاح اليهودي الذي كان شرايبر قليلاً ما يتردد عليه. يقول بينسون في حديث للديلي بيست "إنهم مجموعة تقع خارج نطاق الفكر اليهودي المتعارف عليه. فبمجرد قبولك فكرة أن عيسى هو مسيحك المخلص –وهو أمرٌ لا مشكلة لدي معه 100% – تكون قد اعتنقت فكرة وصورة مسيحية تفصلك عن سرب المجتمع اليهودي، حسب قوله.

كذلك ثمة فرق آخر هو أن اليهود عادة ليس لديهم نشاط تبشيري ولا يدعون الآخرين من ديانات أخرى لاعتناق دينهم، أما اليهود المسيحيون في المقابل فمعروف عنهم نشاطهم الدعوي، فمنظمة Jews for Jesus المسجلة في سجلات المؤسسات الأميركية هي بالذات معروفة بإرسال الإرساليات والدعاة لمخاطبة الناس ودعوتهم علناً في الأماكن العامة.

وقد اعترف شرايبر للحاخام بينسون أنه من أتباع طائفة اليهود المسيحيين عندما حضر إلى جلسة دراسة للتوراة ذات سبتٍ في وقت سابق من هذا العام.
المعبد اليهودي في بلدة فورت بيرس اسمه "بيت إيل إسرائيل" وهو معبد إصلاحي لا يؤمن لا بأن عيسى هو المسيح ولا ببنوته لله (عكس عقيدة أغلب المسيحيين)، بيد أن بينسون قال أنه مع ذلك رحب بشرايبر في درس التوراة مثلما يرحب بأي شخص غير يهودي.

يقول بينسون "كان يريد الدراسة. من الواضح أن رؤيتنا تختلف قليلاً، لكن لا ضير في ذلك. الأمر سيان حتى لو كان دخل وقال أنه كاثوليكي أو ميثودي أو معمداني."

وأضاف بينسون "وبصراحة لقد قدّرت صراحته في الإقرار بمعتقده، ولم يكن لدي اهتمام بتغيير معتقداته والسبب بكل صراحة أن الأمر لم يكن لينجح أصلاً."

وأفاد بينسون بأن شرايبر لم يداوم على الدروس سوى 3 أو 4 حلقات، ولا يذكر الحاخام أن شرايبر كان غاضباً أو صدامياً أو يحاول فرض معتقداته على بقية أفراد الرعية.

ويشبّه بينسون الوضع بالقول "إن كنت أنا أبيع سيارات الشيفروليه وأنت تحاول الترويج لسيارة البويك، فاخرج من منزلي. بيد أنه لم يكن يخرج."

والواقع أن بينسون كاد ينسى كل أمر شرايبر برمته لولا أن أبا شرايبر، واسمه آرثر، حضر شخصياً إلى أمام المعبد اليهودي مساء الأربعاء. واتضح حينها أن جد شرايبر، واسمه آرثر أيضاً، كان في سالف الزمان عضواً من أفراد رعية معبد "بيت إيل إسرائيل"، ثم غادر منذ سنوات وتوفي. أما آرثر وزوجته، والدا شرايبر، فليسا من مرتادي هذا المعبد ولا صلة تجمعهما به.

ولكن عندما داهمت الشرطة منزل شرايبر يوم الأربعاء استقل آرثر والد جوزيف سيارته وطفق يطوف في أحياء وأرجاء المكان.

وفي تفسير ذلك قال بينسون في الختام "الظاهر أنه فيما كان بينه وبين نفسه يتساءل عن إجابة لقضيته وما هو فاعل وإلى أين يذهب، ساقته سيارته إلى المعبد."

هذا الموضوع مترجم بتصرف عن موقع The Daily Beast الأميركي. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد