التواصل الاجتماعي الإلكتروني.. الهدف والفائدة!

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ورفع الفيديوهات مقطع لمذيعة في نشرة الأخبار في خبر مفاده "شهدت مواصل التواقع الاجتماعي" وأثارت موجة من الفكاهة على عبارة مؤكد أنها غير مقصودة، وإن عبَّرت عما يرمز إلى ما نشاهده من غياب للتركيز في اللاوعي أفرز هذه العبارة وجعلها مجالاً للتندُّر في كل مكان نقلت فيه.

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/16 الساعة 05:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/16 الساعة 05:36 بتوقيت غرينتش

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ورفع الفيديوهات مقطع لمذيعة في نشرة الأخبار في خبر مفاده "شهدت مواصل التواقع الاجتماعي" وأثارت موجة من الفكاهة على عبارة مؤكد أنها غير مقصودة، وإن عبَّرت عما يرمز إلى ما نشاهده من غياب للتركيز في اللاوعي أفرز هذه العبارة وجعلها مجالاً للتندُّر في كل مكان نقلت فيه.

لا ننكر أن مزايا مواقع التواصل كثيرة وسهلت لمئات الملايين كسر الحواجز والوصول إلى الآخرين في كل مكان من أطراف المعمورة، وأيضاً وضعت الكل مع الكل في وقت قصير، مقارنة بما كان سلفاً في عصور كان التلفاز والهاتف فيها أعجوبة وضرباً من الخيال، ناهيك عن نشوء أفكار جديدة ارتبطت بها هذه المواقع من تجارة وإعلام وسياسة.. إلخ، شكلت الآن ما يسمى بالتجارة الإلكترونية والصحافة الإلكترونية وواجهات للدول تمنح مرتاديها كل ما يرغب في شرائه ومعرفته بين أصابعه وفي أجزاء من الثانية.

أيضاً أضحت أفكارنا، ومعلوماتنا، وأحلامنا وتفاصيل أخرى من حياتنا اليومية تحت نظر أعين أصدقائنا وفي بعض الحالات تتجه إليها أنظار الملايين (في حالة المشاهير مثلاً) في عرف ما يسمى بالعولمة التي أصبحت رمزاً لتحضر الإنسان وارتباطه بالعالم، حتى أضحينا نتندر على من لا يكون له أي حساب أو تفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي بأنه يعيش في العصر الحجري!

الحيرة التي أصابت الجيل الذي عاصر بدء نشأة فكرة مواقع التواصل الاجتماعي ونظرتهم للأمام مرة وللخلف مرات؛ حيث إنهم باتوا لا يعرفون إلى أي واقع ينتمون، وهل عليهم أن يقبلوا على الجديد الذي يحتاج إلى أن ينسلخوا من جلد ماضيهم أم يلونونه لكي لا يتهموا بالتحجر؟!

وهذا للأسف أفرز وجود 3 مظاهر لدى هذا الجيل:
أولاً: خلفيتهم الثقافية المرتبطة بالماضي.
ثانياً: عدم تفهمهم لثقافة الجيل الجديد المرتبط نشأته بظهور مواقع التواصل.
ثالثاً: خوفهم من التعامل مع ظهور جيل مستقبلي سترتبط جُلّ مظاهر حياتهم بالواقع الافتراضي الذي تتجه إليه أغلب مواقع التواصل الحالية والمستقبلية.

ومن هنا يمكننا أن نستشرف مستقبلاً يحمل في طياته حياة اجتماعية إلكترونية تشوه ما جُبل عليه الإنسان من فطرة تظهر في جمالية التواصل المباشر وما ينتج عنه من حميمية بدأنا بالفعل في افتقادها.

والآن ظهر جلياً بعد سيطرة التواصل الإلكتروني على مسار حياتنا العيوب والمثالب السلوكية التي لا بد أن تفرز كمحصلة نهائية تواصلاً مشوهاً فيه الغث يطغى على السمين ما يحتاج منّا إلى وقفة ثقافية اجتماعية صادقة؛ لكي نحارب الأفكار السلبية المنتشرة حالياً، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

– إن الفكرة الأساسية لدى أغلب الناس أن مواقع التواصل ملكية خاصة، وبالتالي لا حق لأي كان أن يحجر على ما يعبر عنه أو يقوله، ويرى هؤلاء أن من منح لنفسه الحقوق التي يجتزئها من الآخرين ويهاجم ويبطل كل ما من شأنه التعارض مع أفكاره ووجهة نظره من منطلق حرية الرأي.
– التلون وادعاء المثالية التي قد تؤدي إلى أمراض نفسية مثل الاسكيزوفرينيا أو النرجسية وكذلك الثقافة السطحية، وأيضاً ثقافة القطيع هي الآن مظاهر سائدة لدى السواد الأعظم من مرتادي مواقع التواصل.
– استخدامها كمنابر للتجريح والإساءة للآخرين ونشر الإشاعات.
– صراع الأيديولوجيات والمعتقدات والمرجعيات الثقافية أفرز ظواهر مثل التعصب والقبلية والحزبية وغيرها مما شوَّه فكرة التواصل مع الآخر والمنافع المرجوة منها.
وختاماً ووصفاً لما مضى يقول إيلي شويري:

"كلٌّ يغني على ليلاه ** وأنا على ليلى أغني"

"البشر لا يقولون الحقيقة بقدر حرصهم على ابتكار كذبة جديدة".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد