الحب يفرق أحياناً

الحب هو سيد القلوب، هو وقود الروح وملهمها.. الحب حالة فريدة من نوعها، لها مفاهيم عديدة، ولكن في الحقيقة لها معنى واحد وطريق عدة، ولكن دائماً ما هنالك مسار إذا انحرف عنه يتجرد من كل ما ذكرته سابقًا، ويصبح لعنة على كل مبتلى به.

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/14 الساعة 02:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/14 الساعة 02:37 بتوقيت غرينتش

ربما تكون كلماتي تلك محل انتقاد من جانب العديد من القراء أو استغراب من قبل البعض الآخر، فكيف للحب أن يكون مصدرًا للفراق؟!

الحب هو الشعور الأبدي بتفاصيلة المختلفة وترانيمه المقدسة. هو السر في بقاء الجنس البشري حتى هذة اللحظة، الفطرة التي زرعها الله عز وجل في سيدنا آدم، والتي كانت سبباً في استمرار البشرية. وليست مجرد الغريزة من وجهة نظري البسيطة.

الحب هو سيد القلوب، هو وقود الروح وملهمها.. الحب حالة فريدة من نوعها، لها مفاهيم عديدة، ولكن في الحقيقة لها معنى واحد وطريق عدة، ولكن دائماً ما هنالك مسار إذا انحرف عنه يتجرد من كل ما ذكرته سابقًا، ويصبح لعنة على كل مبتلى به.

هو عهد بين طرفين، يكللاه بالمضي في الخطوات الصحيحة، فجميع العلاقات سواء أكانت فى إطار عمل أو صداقة أو رفقاء كفاح، كل صور العلاقات تبدأ ببدايات جميلة وردية براقة، صدق في القول وبساطة في التعامل وشفافية في التعبير، الكل يكنّ للآخر كل احترام وإخلاص، لا عتاب لا تكلفات لا تجمل ولا كذب، فليس ما هنالك ما يدعو لغير الصدق، العلاقة خفيفة هادئة ومستمرة في هدوء وعنفوان، لا يشوبها أي أهواء أخرى.

حتى إذا تطورت العلاقة بعض الشيء، والتقى بها بعض الإعجاب، وانتظار اللقاء والمشاعر الجياشة، يبدأ الطرفان في البحث عن نهاية الخيط، ويصران على وجود مسمى يصف تلك المستجدات على علاقتهما، لكنهما يسرعان في ذلك ولا يجدا مسمى لها سوى (الحب).

فكلا منهما ترواده نفسه بأنه يكن للآخر كل الحب، وتبدأ حبات العقد في الانفراط.. مشاعر ملتهبة فكل شيء في كل منهما يعجب الآخر، إلى أن يعترفا بحبهما لبعضهما، وهنا تأخذ العلاقة منعطفًا آخر تمامًا، ويبدأ هذا الطريق محملًا بكل معاني الحب الجميل بأحاسيسه المرهفة والمشاعر البراقة.

همسات، نظرات، واهتمام بكل تفاصيل الآخر، فكل شيء بسيط وجميل في بدايته، ولكن هذه الرحلة لها تكلفاتها ولها أعباؤها، فلم تعد علاقة الطرفين مثل القديم، سطحية وبسيطة، فلكل منهما حق على الآخر وعتاب، لتبدأ براثن الغيرة وطرح الأسئلة، أين كنت؟ ومن هذه التي تحدثك على فيسبوك؟ طريقتك في الحديث مع الزميلة الفلانية لا تعجبني؟ مع العلم أنها صديقتها وكانت في نفس موقفها بل ارتباط بالحب، وهذا من حقها الطبيعي كحبيبته، فهي تريد منه تغيرات، وهو يريد منها في المقابل بتغيرات أكثر.

فشكل ملابسها لم تعد تعجبه ولا بد لها من تغيير الجينز إلى الجيب وهكذا، فهو يريد أن تكون له فقط، تحدثه هو فقط، وتهتم به فقط، ويبدأ هذا المسمى بحب (التملك) فى شرخ أركان العلاقة، كما أن تحركاتها لا بد أن تصبح بأمره، فهو الآمر والحاكم في عالمها.. ثم يتطور الحب، فتطلب الفتاة أن تكون علاقتهما في وضح النهار ويعلم القاصي والداني بهذه العلاقة الخجولة بعيدًا عن غياب الظلام.

وتبدأ في إلحاحها مستخدمة كل أساليبها للوصول الى خطوات إيجابية كما يقتضي الحال في مجتمعنا الشرقي، هي تريده أمام الجميع ولم تعد تطيق أن يكون لديها سر لا أحد يعلمه، ولأن هذه العلاقات غالبًا ما تحدث بين شباب في ريعان شبابهم وبالتحديد في بداية العشرينيات من العمر هذه الحقبة الزمنية التي تلتهب فيها المشاعر الجياشة الجامعة أو أقل، فإنهم غير مهيئين ماديًا للمضي قدمًا في علاقة جادة.

تلك حقيقة تغافل عنها الشاب لانشغاله بزهوة الحب وألوانه البراقة، فيختلق الأعزار ويسرد أمام فتاته الواقع المؤلم والحقيقة المرة، فتقدم هي بدورها مزيد من التضحيات وبعض التنازل عن أحلامها، في مقابل تسهيل الطريق عليه، ولكن هذا لا يكفي، فهو لا يملك المقومات التي تؤهله لذلك.

وهنا تبدأ العلاقة في الفتور ويزورها زائر جديد (الملل)، فكل منهما اقتحم غموض الآخر ولا جديد في العلاقة. ويقعان بين سيطرة الرجل وتحرر المرأة، ويبدأ الشاب في التغيب والتهرب واختلاق المشكلات، لأنه هو من يقع على كاهله التحرك للأمام، فقرر الهرب متعذرًا بأي حجج، ليعود إلى حياة الحرية غير عابئ بشيء أو البحث عن علاقة جديدة، ولكن هذه المرة دون أدنى عهود أو وعود.

وتبقى الفتاة تعاني من محاولات النسيان المتعثرة والمضي قدمًا في حياتها، ولكن قلبها يأبى بعض الشيء. وأنا أقول الفتاة؛ لأنها ربما تكون هي الأكثر معرفة بالمعنى الحقيقي لكلمة حب، وهي الأكثر وفاءً من سواها، وأيضًا هي الأكثر قوة في التحمّل والتضحية من أجل حب وقع بقلبها، ولكنها قليلًا ما تجد من يقدر لها ذلك.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد