العيد المفقود

يأتي العيد ويذهب الجميع للمقابر ليتفقدوا آباء وأبناء هؤلاء الأحبة الغوالي ويتذكرون المواقف والأحلام الجميلة بينهم، حتى أصبحت القبور هي المكان الوحيد لكبت الحزن والألم، مهما كان الألم فهو له ثمنه عند الله وهو ثمن الحرية والكرامة والعزة وإن للنصر لفجر آتٍ.

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/12 الساعة 10:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/12 الساعة 10:32 بتوقيت غرينتش

عندما يتذكر كل منا عيد الزمن الجميل وعاداته والتحول الذي حدث فيه، قد لا يجد شيئاً من هذا الزمن الماضى الذي غربت شمسه دون أن تعود لنا أو تودعنا، فعيد الماضي هو بلا شك أجمل بكثير من أعيادنا الحالية التي تمر على الأمة الإسلامية وجراحها تنزف وآلامها تتزايد في كل بقعة من بقاع الأرض.

يأتي العيد ودماء المسلمين تسفك وأرواحهم تزهق وأجسادهم تحرق، وتسحل بالشوارع ومساجدهم تهدم وأسرهم تشرد وتهاجر وتذل.

يأتي العيد وأموالنا تسرق وخيرات الأمة العربية والإسلامية تنهب وحقوقنا تسلب ومقدساتنا تنتهك وكثير من أصوات الشرفاء والعلماء ومن الشباب تقمع وفساد ينخر في بقاع أرض المسلمين ومؤسساتها.

يأتي العيد فلا نجد إلا غطرسة من الحكام والرؤساء المسلمين ومن عبيد وتجار الدين الذين يضلون ويفسدون عقول الأمة من الساسة المنافقين.

يأتى العيد وتذهب الأم لتقبل تراب ابنها الشهيد بدلاً من يأتي هو ليقبل يدها، والزوجة ترثي زوجها والأطفال بحسرة أعينهم تتحدث ويأتي العيد وقلوب الأمهات تحزن على أبنائهم الذين يخرجون في الصباح ولا يعود منهم أحد.

كيف نشعر بالعيد والفرح والسعادة وكل من حولنا يعاني من وَيْل الحروب والانقلابات والتشرد والظلم والطغيان الذي يعم بلاد المسلمين دون غيرهم.

أصعب ما في هذه الأيام أننا أصبحنا نرى بأعيننا أن الأمة يشتد بأسها والعالم يشاهد ويرى هذه المأساة ويتساءل كيف لهؤلاء أن يجمعهم دين واحد ثم يقتلون بعضهم بعضاً ويكيد بعضهم كيداً.

يأتي العيد على الأمة الجريحة ولا زالت أنهار الدماء تجري في كل مكان للمسلمين دون مراعاة لأي حرمة.

فبأي عيد نفرح والأمة بلا أمن ولا أمان ولا سيادة لقد اختطفها الفاسدون والطغاة وقدموها للغرب من دول الإمبراطورية والاحتلال.

يأتي العيد ويذهب الجميع للمقابر ليتفقدوا آباء وأبناء هؤلاء الأحبة الغوالي ويتذكرون المواقف والأحلام الجميلة بينهم، حتى أصبحت القبور هي المكان الوحيد لكبت الحزن والألم، مهما كان الألم فهو له ثمنه عند الله وهو ثمن الحرية والكرامة والعزة وإن للنصر لفجر آتٍ.

وفي العيد لم ينس أطفالنا ما وقع أمام أعينهم من مجازر وانتهاكات سيأتي يوم الانتقام على يد هذا الجيل الذى عاش هذه الأحداث. فسماء المسلمين حزينة يكسوها الغيوم وشمسها غائبة ومصيرها غير معلوم.

العيد الحقيقي للمسلمون يكون يوم له معنى وقيمة غالية وثمينة وبهجة وفرح، عندما يسود في بلادهم العدل والأمن والسلام ونبذ الخلاف. يوم أن نتخلص من الفساد والمفسدين والطغاة.

العيد الحقيقي الذي نفرح به يوم نصرة المستضعفين والمظلومين في كل العالم الإسلامي خصوصاً سوريا، وبورما، والعراق، ومصر، وفلسطين.

العيد يوم أن نستطيع التخفيف عن أهلنا وذويهم من السجناء والمختطفين.

العيد الحقيقي هو يوم الخلاص من وطأة المجرمين، هو يوم أخذنا بثأرنا ممن عاثوا في الأرض فساد. حينها فقط سنملأ السماء بالتكبيرات والتهليل. حينها فقط سنقول بحق حي على الفلاح لبناء وطن من جديد.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد