ما بين العمل التطوعي ومكتب المأذون؟

قَصت لي إحدى صديقاتي عن اشمئزازها من أسلوب التعامل في إحدى الجمعيات الخيرية بين الشباب والفتيات فأخذت تسرد لي ما يجري من هرج وضحكٍ، وإذا تحدثت مع إحداهن أجابتها (إنه مثل أخي.. نحن أصدقاء فقط).. تكمل صديقتي وتقول إن الشك بدأ يتوغل في قلبها من حيث أنه مجتمع للعمل التطوعي، أم هو مكتب "راسين في الحلال للزواج"..

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/07 الساعة 04:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/07 الساعة 04:32 بتوقيت غرينتش

لا ريّب أن العمل التطوّعي من الأشياء المحببة لنا إذا كانت ابتغاء مرضاة الله، ورجاء فضله وثوابه، فالعمل التطوعي دلالة على رُقي الأمم وقوتها ويعطينا بصيصاً من الأمل أن الخير باقٍ فينا إلى يوم الحشر.

لكن ماذا إذا كان ما نفعله ابتغاء مرضاة الله يؤول بِنا إلى الوقوع في المعصية؟…هل سألت نفسك يا ساعٍ في هذا العمل الخيّر إن كنت ارتكبت ذنباً فيه من قبل؟ كنتُ أتحدث مع مجموعة من زميلاتي عن العمل التطوّعي ورفض بعض الآباء مشاركة بناتهن فيه فأجمعن أن السبب الأوضح هو التعامل بين الجنسين الذي قد يؤدي إلى التجاوزات.

دعنا نتفق على أن التعامل بين الرجل والمرأة في إطار العمل له ضوابط شرعية، ومع تغير الزمن وزيادة تطور التحديات الدنيوية.. تجعل الإنسان قاب قوسين أن يقع في ما يغضب ربه رغم أنه يفعل ما يرضيه؟! للتعامل بين الجنسين ضوابط، منها عدم رفع الكلفة والكلام يقتصر على العمل هذا فقط لا بزيادة ولا نقصان.. إذاً ما الذي يحدث الآن؟

إذاً عليك سؤال نفسَك لم تُحب/ين العمل التطوعي ابتغاء لمرضاة الله أم للبحث عن عروس أو زوج أو لصديق وصديقة؟!

تعمل لأجل الأولى فهنيئاً لك بعظيم الأجر، وأعلم أن الله سيجعلك رقيباً على نفسك ويزيدك من فضله، فيجعلك أكثر تمسكاً بمبادئك وتعاليم دينك، ويهيئ لك الأسباب في الحفاظ على نفسك مهما كانت البيئة وكثُرت المغريات. أما الثانية لنا عندها وقفة..

قَصت لي إحدى صديقاتي عن اشمئزازها من أسلوب التعامل في إحدى الجمعيات الخيرية بين الشباب والفتيات فأخذت تسرد لي ما يجري من هرج وضحكٍ، وإذا تحدثت مع إحداهن أجابتها (إنه مثل أخي.. نحن أصدقاء فقط).. تكمل صديقتي وتقول إن الشك بدأ يتوغل في قلبها من حيث أنه مجتمع للعمل التطوعي، أم هو مكتب "راسين في الحلال للزواج"..

تستكمل معربة عن قلقها من صورتها أمام الله والناس.. تُراهم يحسبونها مثلها مثلهم.. هل ينظرون لها نفس تلك النظرة؟! أحاول تبرير أنها لا تتساوى فمنذُ أن عاهدت صُحبتها وهي فتاة رزينة عاقلة تتصرف بحساب فلِمَ الخوف ما دامت تحافظ على نفسها وعلى خلق دينها!! وحين جلستُ أفكر لم أجدها وحدها تخشى ما يحدث بل أنا معها وكثيرٌ من الفتيات نتفق على ذات الفكر… لكن ماذا بعد؟ فما دامت مبادئنا لم تختبر بعد فهذا يعني أن الله تفضل علينا بستره. فهل ما يجري هو سبب لتداخل الثقافات؟..

بلى الثقافات الجديدة لا ريب أنها أدخلت بعض العادات الدخيلة على مجتمعنا، فمنها الحسن الذي يتناسب مع ثقافتنا كمجتمع شرقي ومنها ما لا يتناسب، ولك حق الاختيار فأنت إنسان بالغ عاقل راشد.. الإنسان السوي معرّض للخطأ والتوبة دون رجعة..

وأخيراً نحن نوعان؛ النوع الأول وهو الذي يمثل أغلبنا يرى في اعتقاده المعنى الجميل للعطاء والمساعدة ويحب الإفادة والاستفادة، لكنه وسط العمل يُضطر يتقبل بعض الأفكار التي تخالف قناعاته، فينعكس هذا عليه بشكل سلبي بدلاً من أن يكون إيجابياً. فيصبح عكس ما توقع يفعل ما يختلف مع قناعاته متقبلاً إياه في مقابل سريان مركب العمل، أو يتوقف في مقابل أن يعود إلى صوابه محافظاً على نفسه وأفكاره.

والنوع الثاني هو النوع الذي يعلم جيداً أن هدفه هو العمل فقط، ليس تكوين صدقات، أو معارف. فيؤيد أن مجال تعامله ينتهي بالخروج من العمل فلا حاجة لزيادة الودّ ومدّ حبال الوصال. نهايةً أعلم أن هذا الكلام سيتفق معه فئات ويختلف معه فئات دون شك. فالجدال مطلوب والاعتراض واختلافات وجهات النظر يشكل نوعاً من النقاش المغذي للعقل والنفس، لكن دع القناعات جانباً فلن أغير أنا قناعتك بما تعتقد ولن تغير قناعتي، لكن عساني أجهل ما فاض الله به على عقلك..فجُد به إن شئت.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد