مئات الحجاج قضوا في حادث التدافع بالحج.. كيف نجا راشد صدّيقي من الموت؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/07 الساعة 11:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/07 الساعة 11:15 بتوقيت غرينتش

تتخذ السلطات السعودية كل عام تدابير إضافية لمواجهة ظاهرة التدافع التي -ما إن تحدث- حتى تخرج الأمور عن السيطرة وتتحول شعيرة الحج التي تهفو إليها قلوب الملايين إلى ذكرى مؤلمة لمن حضروها.. ولكن هل استمعت قبل ذلك إلى تجربة واحد ممن نجوا من هذه الحوادث؟

صحيفة نيويورك تايمز الأميركية التقت براشد صديقيّ وهو أحد من نجوا في حادث التدافع الأسوأ من نوعه العام الماضي ليحكي تجربته في النجاة من موت محقق.

كيف نجا راشد صدّيقي من الموت؟

في الـ24 من سبتمبر/أيلول 2015 قضى مئات بل ربما آلاف من الحجاج دهساً في تدافع في مكة أثناء تأديتهم لشعائر الحج، لكن راشد صدّيقي نجا من موت محقق. إليكم قصته التي أوردتها نيويورك تايمز.

"إني أموت
إني أموت. اعطوني شربة ماء!"

ظلت هذه العبارة تتردد على مسامع راشد صدّيقي من إخوته الحجاج المسلمين الملقين على الأرض وسط إصاباتهم وأنينهم فيما درجة حرارة وصلت 48. بقدميه الحافيتين وصدره العاري والدوار الذي أصاب رأسه، نجا صدّيقي بأعجوبة من موت محقق دهساً تحت أقدام أفواج الحجيج.

كان اليوم هو الـ24 من سبتمبر/أيلول 2015 الموافق لثالث أيام موسم الحج إلى مكة؛ موسمٌ مدته 5 أيام يتوافد فيها ملايين المسلمين حول العالم إلى السعودية ليؤدوا مناسكهم في مكة. لكن ذلك اليوم كان حسب التقديرات الأعنف في تاريخ مواسم الحج قاطبة وواحداً من أسوأ حوادث العالم منذ عقود خلت.

صدّيقي أميركي من أطلنطا يبلغ من العمر 42 عاماً، كان يشق طريقه عبر وادٍ فسيحٍ يعج بعشرات الآلاف من خيام الحجاج متجهاً صوب جسر الجمرات حيث يرجم الحجاج 3 أعمدة ضخمة بقطع صغيرة من الحجارة، في شعيرة دينية ترمز إلى رجم الشيطان.

لم يكن يفصله عن جسر الجمرات كيلومتران اثنان عندما بدأت أولى موجات الحادث.

سقط المئات وربما آلاف القتلى، لكن رغم مرور عام كامل ما زالت السلطات السعودية تحقق لتفسير كيف وقع الحادث وتقديم رقم دقيق لأعداد الضحايا الذين أتى معظمهم من إيران، المنافسة اللدودة للسعودية، ما زاد العداوة بين البلدين ودفع بحكومة إيران إلى منع مواطنيها من موسم الحج هذا العام.

فيما مضى عكر تدافع الحجاج صفو أجواء الحج خاصة في منطقة جسر الجمرات، فسعت المملكة إلى درء الحوادث بتوسعة الجسربعدما لقي 360 شخصاً مصرعهم قربه عام 2006.

من بعد التوسعة خفت الحوادث إلى حد كبير، إلى أن وقعت حادثة العام الماضي.

وكالة الأسوشييتد بريس أجرت إحصاء غير رسمي للضحايا اعتمدت فيه على أرقام مستقاة من تقارير إخبارية رسمية وحكومية من الـ36 بلداً التي شارك منها الحجاج ذلك العام، فوجدت أن العدد بلغ 2400 ضحية على الأقل، لكن السلطات السعودية تصر على الرقم الرسمي 769 ضحية.

(رسم توزيعي لأعداد الضحايا حسب التوزع الجغرافي.جنوب شرق آسيا 135، الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 334، جنوب آسيا 368، إيران 464، بلدان وسط أفريقيا 1103،المصدر: الأسوشييتد بريس)

مزاعم إدارة السيئة لمناسك الحج طالت السعودية مرات عديدة، لكن المملكة تصر دائماً على حقها في الإشراف على موسم الحج وتنسيقه.

حج البيت فريضة على كل مسلم مقتدر بدنياً ومادياً وذلك مرة واحدة في العمر على الأقل. وتحت رعاية حكام السعودية التي يحمل فيه الملك لقب "خادم الحرمين الشريفين" فقد ازدادت أعداد الحجاج القادمين من خارج البلاد وتضاعفت أكثر من 10 مرات منذ أيام الحرب العالمية الثانية.

وفي الأعوام الأخيرة ناهزت أعداد الحجيج 2 – 3 مليون حاجاً في موسم الحج السنوي.

(رسم بياني يوضح أعداد الحجاج السنوية بالملايين بين عامي 1996 و 2015 حيث سجل أعلى رقم عام 2012 بـ3.2 مليون حاجاً. المصدر: الهيئة العامة المركزية السعودية للإحصاء)

أنفق السعوديون عشرات المليارات من الدولارات في توسعة الحرم والتسهيلات الترفيهية للحج الموجهة أساسا إلى الطبقة الغنية من الحجاج، حيث يدفع الأغنياء منهم 2700$ في الليلة لقاء غرف فندقية مطلة على الكعبة الشريفة.

مع ذلك فمن أحد شعائر الحج أن يبيت حتى هؤلاء الأغنياء في خيام وادي مِنى التي تسد الأفق بأعدادها الغفيرة، حيث يجتمع المسلمون ويفرزون في خيامٍ كلٌ حسب البلد التي أتوا منها.

استيقظ صدّيقي قبل الفجر داخل خيمته المضاءة. كان قد سهر حتى وقت متأخر في التسامر وشرب الشاي مع الأصحاب حتى غفى على فرشة أرضاً بالقرب من عشرات الحجاج الآخرين تفصلهم عن بعضهم فواصل قماشية.

رغم الوقت المبكر شعر صِديقي بطاقة متجددة وحيوية وقوة حسب قوله. كان قبل أسبوعين يعمل في الرياض مدير بناء معلومات، لكنه قرر في آخر لحظة أن يتوقف كي يقوم بأول رحلة حج له في حياته.

فوجئ صديقي حينما اكتشف أن الحج رحلة سهلة ميسرة بها الكثير من الاستجمام كأنما هو في عطلة، حسب قوله، وليس أبداً كما حذره قدامى الحجاج من قبل من أن الحج رحلة فيها مشقات مضنية.

بصندله البسيط ولباس الإحرام المكون من قطعتي قماش أبيض اللون يلفهما على جسمه، توضأ صديقي وصلى ثم تناول الفطور مع صحبه من بوفيه خيمة الحجاج وسط أجواء من السعادة والأخوة.

علق بطاقته التعريفية على رقبته ووضع حاجياته الثمينة في حقيبة حزامه، مثل محفظته وهاتف خلوي محلي وهاتف ذكي لمكالمة زوجته فرح التي كانت مع ولديهما الاثنين في منزلهم بأطلنطا الأميركية.

حوالي الـ6:30 خرج صديقي من خيمته مستعداً متشوقاً للاقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والسير على خطاه.

ثم بدأ بالسير مع مجموعته المكونة من ابن حموِه وزوجة ابن حموِه وبضعة أصدقاء، لا يتوقفون إلا هنيهة هنا وهناك لالتقاط بعض الصور ونشرها على فيسبوك.

انبهر صديقي بتنوع أعراق الجموع واختلاف ألوان بشرتهم الذي وفدوا من كل أنحاء العالم رافعين رايات بلدانهم ليؤدوا الفريضة.

ثم في مكان ما وكأنما في حادث عرضي بسيط سُدّ الطريق الذي كانوا ينوون سلكه لأسباب مازالت تبحث عن توضيح. يقول صديقي أنه أجال النظر هو ورفاقه فرأوا العديد من الناس بدؤوا سلك طريق بديل باجتياز معبر فوقي، فقرر هو ورفاقه أن يحذوا حذوهم ويفعلوا مثلهم.

تحدث صديقي مع زوجته بالفيديو عبر الهاتف كي ينقل لها اللحظات المشوقة التي يعيشونها، فيما زوجته كانت في أطلنطا حيث الساعة ما زالت بعد منتصف الليل بقليل. كانت زوجته قد انتهت لتوها من تحضيرات عيد الأضحى الذي يحتفل بنهاية موسم الحج.

أدار صديقي كاميرا الهاتف كي ترى زوجته المشهد المهيب، فهالها جلال المنظر: أفواج غفيرة من الحجاج كلهم يرتدون الأبيض فيما تغمرهم الشمس بنورها. ثم لحق صديقي بابن حموه كي يصوره بكاميرا الفيديو وينقل صورة الأخ لأخته في أطلنطا؛ توقف الأخ هنيهة ليلقي التحية على أخته ثم تابع المسير، وكذلك ابتسمت زوجة الأخ ولوحت بيدها في تحية.

وكانت تلك آخر مرة ترى وتكلم فيها الأخت أخاها وزوجته.

بدأ الطريق يضيق وتأخر صديقي وراء ركب رفاقه الذين اضطروا إلى السير في رتل واحد مترادفين. شعر صديقي بالضغط يتزايد من تدافع الجموع المتدفقة على المكان الضيق.

على بعد مسافة إلى الأمام لاحظ صديقي بعض الحجاج يقفزون من فوق أسوار عالية على طرفي الطريق كأنما يهربون من شيء ما. توقف للحظة كي يفكر ترى هل يحذو حذوهم؟ لكن الوقت لم يسمح لأن ما جرى بعدها كان أسرع منه.

دفعة قوية من الخلف أسقطته أرضاً مرتين وثلاثاً فأضاع رافقه، وبدأت حناجر من حوله تلهج بالدعوات الأخيرة قبل لقاء باريها.

جرى الحادث كأنما ضربت المكان موجة، فإذا بالأجساد تتدافع و تتضاغط على صديقي من كل حدب وصوب. لم يكن في مقدوره التحرك إلا بمثل حركة الجموع، إذ لم يكن أمامه ولا فسحة سنتيمتر واحد يتحرك فيه.

وأمام الضغط والتدافع الرهيب والشد والجذب سقطت أردية إحرام كثير من الحجاج فيما يصارعون لاعتلاء الأسوار عراة للفرار بحياتهم.

يقول صديقي هنا "انتابني رعب حقيقي في ذلك الوقت" فكل ما شغل باله لحظتها كان عائلته.

تلزِم وزارة الحج السعودية جميع الحجاج القادمين من خارج البلاد بالسير في مجموعات منظمة حسب أفواج وكالات السفر الخاصة أو حسب الوفود الوطنية القادمة من كل بلد.

ولأن صدّيقي مواطن أميركي من أصل هندي ولأنه كان أصلاً في المملكة العربية السعودية فقد سجل في الحج عبر وكالة محلية بالرياض تقوم بخدمة من هم من أصول هندية وباكستانية وبنغالية.

استقل حافلة مخصصة من وكالة السفر من الرياض إلى مكة، ثم استهل شعائر حجه بطواف القدوم حول الكعبة ليذهب من بعدها للمبيت بمنى، ثم وقف بعرفات وغادر إلى مزدلفة قبل الانطلاق إلى الجمرات. وكأغلب الحجاج سار صديقي على الأقدام عابراً وادي منى كي يصل إلى الجمرات. في وادي منى خيام خصصتها وزارة الحج التي تشرف على توزيع الحجاج كلٌ حسب بلده، حيث كانت خيمة صديقي واقعة في منطقة مخصصة للمقيمين وجنوب الآسيويين، على بعد 3 كيلومترات من جسر الجمرات.

كان يعتزم سلك شارع 511، بيد أنه كان مسدوداً، فلجأت مجموعته لسلك شارع 406 الذي يفضي إلى شارع 204.

لكن التدافع حصل بالقرب من نقطة التقاء الشارع 204 بشارع 223، حيث قالت السلطات السعودية أن الحادثة وقعت عندما التقا جمعان ضخمان من الحجيج معاً. ونظرة فاحصة على الصور الملتقطة للمنطقة ما بعد الحادث أظهرت أن التدافع امتد حتى آخر 300 متراً من شارع 204.

وصفت الحادثة بأنها تدافع جماعي، ومعظم الضحايا في حوادث جماعية من هذا النوع يتعرضون للهرس، لا الدهس، تحت وطأة الضغط الشديد الذي ينثني له حتى سور من حديد.

ففي تدافع تصادمي مثل هذا تخرج الجموع المتدفقة عن سيطرة الأفراد داخل الجمع؛ فتنشأ أمواج تتلاطم وتتحرك عبر الأعداد الغفيرة لترفع كل من يقف في طريقها عن الأرض حتى أكثر من مسافة 3 أمتار.

وفي حادثة تدافع جماعي يكون السبب الرئيس للموت هو الاختناق لأن التضاغط الشديد يهرس ويخنق الواقفين هناك.

ثم حدثت معجزة بعد حوالي 15 دقيقة منذ بدأ تموجات التدافع، إذ وجد صديقي نفسه قد دُفِع إلى الوراء خارج الحشود المتدافعة.

رغم أنه أضاع نعليه وسط التدافع وفقد الجزء الأعلى من زي إحرامه وبطاقته التعريفية، إلا أنه كان بخير دون الإصابة بأي أذى.

أما الحجاج الذين كانوا في الخيام المجاورة فأخذوا يلقون بقوارير المياه إلى الحشود، فيتسابق الناجون إليها ليرووا ظمأهم ويسكبوا الماء على وجوههم وأنفسهم، ثم عمد أحدٌ ما إلى فتح خرطوم المياه فتدفقت المياه على الشارع.

كان صديقي ظمآناً مصاباً بدوار من هول ما جرى، فيما آخرون يموتون أمام ناظريه. يقول "لا أدري كيف نجوت."

طوال ساعتين من الزمن شاهد صديقي رجال الشرطة يواصلون تحركهم ببطء نحو مكانه فيما يسعفون المصابين إصابات خطرة، بلا وقت لمساعدة الناجين أو الموتى الملقين أرضاً. وعندما وصل أخيراً رجل شرطة إلى حيث كان صديقي، قيل له أن يمضي ويتابع رحلة حجه.

بكى صديقي فيما يغالب نفسه ليسير من بين الجثث ويثب فوق الموتى كي يقترب بضعة أمتار من جسر الجمرات. فقد كل إحساس بالاتجاهات الأربع، أما بطن قدميه الحافيتين فلسعته حرارة الرصيف المحرقة.

يقول "كنت أمشي كأني رجل ميت."

عندما وصل أخيراً إلى جسر الجمرات ناولته امرأة بضعة حصوات كي يرجم بها، مع مظلة تقيه الحر. لعلها أشفقت عليه من حاله التي كان بها، فقد كان نصف عارٍ متسخاً. لم يدر بينهم أي حوار، بل تم كل شيء في صمتٍ تام كله تفهم لوضعه المزري وحاجته للمساعدة، حتى أنه لم يقدر أن ينبس ببنت شفة لشكرها على الأقل.

أتم صديقي شعيرة الرجم بالجمرات ذاهلاً دون أن يدري كم جمرة رمى، لكنه عندما عاد إلى خيمته أدرك أن أخ زوجته مفقود مع زوجته. اتصل بهما مراراً دون جواب، كذلك لم يعودا إلى الخيمة تلك الليلة.

طوال 4 أيام بين إتمام شعائر الحج الأخيرة سار صديقي وسط الحر الخانق يدور على المستشفيات والعيادات، لكن ما من خبر ولا معلومات.

رأى صديقي أن السلطات السعودية لم تكن قد خصصت مكاناً مركزياً للبحث عن مفقودين أقرباء، فقرر أن يطوف بكل المراكز الفرعية كل يوم، كما مشى على قدميه 90 دقيقة صوب مكان تحفظ فيه الجثث للتعرف عليها، لكن الحرس رفضوا إدخال أحد.

ألغى صديقي رحلته بالطائرة إلى أطلنطا وتابع البحث عن مفقوديه بعد انتهاء مناسك الحج مع عائلة زوجة ابن حموِه. في كل يوم يطوفون على المناطق ذاتها ويكررون المشوار ذاته دون طائل.

وإجمالاً يقول صديقي أن 20 فرداً من العائلة شاركوا رحلة البحث متتبعين كل أثر مقتفين كل خيط، فلا يجدون سوى أنها مجرد إشاعات ومعلومات مغلوطة.

فمثلاً لما سمعوا أن القنصلية الهندية لديها قائمة بأسماء الحجاج الهنود المفقودين سارع صديقي وأقرباؤه إلى هناك يحثون الخطى، لكن لم يكن لا أخ زوجته ولا زوجة هذا الأخير على القائمة.

كان هنالك كثيرون آخرون أقرباءٌ لمفقودين يشعرون بإحباط شديد وضاقت بهم السبل. سيد شاهزاد أزهر من باكستان فقد أمه وأخاه، واستغرقت فحوص الحمض النووي 9 أشهر لتأكيد وفاتها.

لكن من جهة أخرى كان لحجاج آخرين تجارب أفضل حالاً، إذ قال مصطفي ذو الرحمن الذي فقد أخته سابينا في التدافع أن موظفي المستشفى السعودي كانوا جداً متعاونين إذ جاء بالطائرة من بلده بنغلادش إلى مكة بعد أسبوعين ليتعرف على جثتها في صورة ملتقطة ضمن مجموعة صور للضحايا.

بعد الحادث قال اللواء منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية أن سبب التدافع كان التقاء فوجين ضخمين من الحجاج وحشرهما في الشارع 204.

إيران التي كان لها نصيب كبير من الضحايا ألقت باللائمة على اسمته بسوء الإدارة السعودية وإهمالها الذي تسبب بهذه "الجريمة"، فحسب قول المرشد الأعلى في إيران آية الله خامنئي في 5 سبتمبر/أيلول 2016 فقد سقط الحجاج ضحية "جريمة اقترفها السعوديون".

كذلك عبرت سلطات إندونيسيا التي ترسل أفواج حجاج أكبر وأكثر من أي دولة أخرى والتي فقدت 130 من مواطنيها في الحادثة المروعة، عبرت عن استيائها، وقالت أن السلطات بالسعودية منعتهم من الوصول إلى كامل ضحاياهم والمستشفيات لعدة أيام.

أما باكستان المقربة من المملكة فقد قللت من أرقام الضحايا الباكستانيين وحذرت إعلامها المحلي من انتقاد إدارة الحج.

أما مجلس الشؤون العامة الإسلامية، وهو مؤسسة أميركية تدافع عن الحقوق السياسية، فقد أصدرت بياناً دعا فيه لإجراء تحقيق مستقل وطالب فيه سلطات الحج بإبداء المزيد من الشفافية. كذلك ألمحت المؤسسة أن تتخلى السلطات عن إدارة الحج وتعهد بها إلى إدارة دولية، وهي فكرة رفضها السعوديون.

وفي يونيو/حزيران أعلن السعوديون أن أساور معصمية إلكترونية ستوزع على حجاج هذا العام لتسهيل التعرف على الهويات، كذلك فرضت وزارة الحج السعودية قيوداً جديدة على مواعيد رجم الجمرات عند الجسر. لكنها رغم وعودها بإجراء تحقيقات إلا أن الوزارة لم تفصح بعد عن أية نتائج متعلقة بتدافع العام الماضي.

بعدما أصابه الإنهاك واشتاق لأهله وأطفاله عاد صديقي إلى الرياض بعد 10 أيام من الحادث، ثم بعدها بأيام استقل طائرة إلى أطلنطا فيما بقي أقرباء آخرون يواصلون رحلة البحث.

بعد 15 يوماً من الحادثة تأكد خبر موت ابن حمو صديقي في مجمع لحفظ الجثث بمنى حيث عثر عليه أخوه الأصغر، وتم دفنه في منى بعدها بنصف ساعة.

أما زوجة الفقيد فتأكد خبر موتها بعد أسبوعين آخرين بناء على صور جثمانها التي كانت السلطات السعودية قد دفنتها.

وهكذا تيتم طفلان صغيران للزوجين الفقيدين يعيشان الآن مع بقية العائلة في الهند.

ومنذ حادثة التدافع بدأ صديقي يتأمل أكثر ويحاسب نفسه على كل عمل وقرار غير حياته. وعندما عاد إلى أطلنطا قام بحث في أسباب ما جرى وتفحص الخرائط ليتبين الطرقات والشوارع التي سلكها ويكتب قصته وتجربته التي مر بها. لكنه في النهاية قال أنه ما عاد يطرح التساؤلات.

وختم مشيراً إلى الحادثة بالقول "كنت هناك لكني لا أستطيع أن أحدد لكم سبب ما حدث."

هذا الموضوع مترجم عن صحيفة New York Times الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد