لغز علم أميركا الذي رفع على حطام 11 سبتمبر.. هكذا عاد فكيف اختفى؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/07 الساعة 11:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/07 الساعة 11:32 بتوقيت غرينتش

لغز غريب يحيط بالعلم الذي خلَّدته صورة ثلاثة رجال إطفاء يرفعون علم أميركا وسط الحطام الذي خلَّفته أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 بعد ضرب برجي مركز التجارة العالمي؛ فكانت في أذهان الأميركيين رمزاً للصمود.

وبحسب ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، اليوم الأربعاء، فإن العلم قد اختفى في ظروف غامضة بعدها، وباءت بالفشل محاولات مسؤولي ولاية نيويورك لمعرفة مكانه.

ورغم أن العلم قد تمت استعادته حديثاً، إلا إن اللغز لم يُحَل بعد. سيُعرض العلم، غداً الخميس، في النصب التذكاري والمتحف الوطني الخاص بـ11 سبتمبر/أيلول، بعد 15 عاماً من ظهوره لأول مرة.

خاض العلم رحلة طويلة ليرجع إلى مكانه مرةً أخرى، بحسب صحيفة نيويورك تايمز؛ فقد جرت استعادته في ولاية واشنطن بغرب أميركا (غير واشنطن العاصمة).

في 11 سبتمبر/أيلول عام 2001، أزال ثلاثة رجال إطفاء أميركيون العلم وقطبه من يخت يحمل اسم "نجمة أميركا" كان راسياً في مرسى "كوف الشمالي" نهر هدسون. ليرفع في موقع برجي التجارة والتقط توماس فرانكلين، المصور بجريدة "The Record" هذه اللحظة الفريدة التي رُفِع فيها العلم في "غراوند زيرو".

بعد أن حلَّق العلم في "غراوند زيرو"، رُفِع مرةً أخرى في "ستاد يانكي" وعلى السفن البحرية في الشرق الأوسط قبل أن يعود إلى "مركز المدينة" في عام 2002، أو هكذا كان يعتقد في ذلك الوقت.

لكن اتضح بعد ذلك أن العلم – الذي وقَّع عليه حاكم الولاية جورج باتاكي والعمدة رودولف جولياني والعمدة مايكل بلومبيرغ، وغيرهم – لم يكن العلم المقصود؛ فذاك العلم كان بقياس 3 أقدام في 5 أقدام، أما العلم الأصلي الموقَّع من قِبل الشخصيات العامة كان بقياس 5 أقدام في 8 أقدام.

كان مكان العلم مجهولاً حتى أواخر عام 2014، بعدما بثَّت قناة H2 (التابعة لقناة History الشهيرة) برنامجاً عنه في الحلقة الأولى من "التاريخ المفقود لبراد ميلتزر". كانت هذه هي الطريقة التي ظهر بها العلم الأصلي بعد أن كانت حلقة البرنامج بمثابة إعلان عن شخص مطلوب للعدالة.
أُذيعت الحلقة في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2014، وبعدها بأربعة أيام جاء رجل بكيس بلاستيكي إلى مركز للإطفاء بمقاطعة "إيفيريت" في ولاية واشنطن قائلاً إنه شاهد الحلقة ويعتقد أنه يملك العلم المقصود.

قال "براين" الذي سلَّم العلم، أو هذا هو الاسم الذي يتذكره من قابلوه، إنه أحد أفراد البحرية الأميركية السابقين الذي خدموا في الشرق الأوسط، وإنه تسلَّم العلم من أرملة أحد الذين قضوا نحبهم في هجمات 11 سبتمبر/أيلول.

ليس أكيداً أن رجال الإطفاء كانوا يعلمون بأمر العلم، بحسب مارك سانت كلير، نائب رئيس العمليات في إدارة شرطة إيفيريت، لكنهم، واحتراماً لذكرى 11 سبتمبر/أيلول، تعاملوا مع العلم بما يجب، وأبلغوا رؤسائهم بما قاله الرجل؛ فبدأت الشرطة في التحقيق.

وقال كيم غلمور، كبير المؤرخين في قناة History، إن العلم في البداية كان "مجرد علم تمت إعادته.. كان هناك الكثير من البحث الذي يجب عمله حتى نتأكد من أنه العلم المقصود".

جمع السيد "سانت كلير" لقطات من كاميرات بالقرب من محطة الإطفاء وأفرج عن رسومات الشرطة لشكل "براين"، استناداً وصف رجال الإطفاء له لصحيفة محلية، ولكن هذا الجهد لم يسفر عن أية نتائج.

كيف عاد؟

يوم الأحد المقبل 10 سبتمبر/أيلول 2016، في الذكرى الـ15 للهجمات، ستبث قناة History برنامجاً عن استعادة العلم.

وخلال الحلقة، يعرب "جون دبليو كاتر"، الذي كان عضواً في قسم الاستخبارات الجنائية في إدارة شرطة نيويورك وتقاعد عندما نائباً لرئيسها في عام 2004، عن شكوكه في أن العلم سلَّمته أرملة لـ"براين"؛ فالأعلام المستخدمة في الدفن عادةً لا يكون لها حبال أو أجزاء صلبة.

ويقول "كاتر": "يدفعني هذا إلى الاعتقاد بأن العلم قد وصل إليه بطريقة أخرى، وهو يخشى الإفصاح عن الطريقة التي استلمه بها".

شخصية أخرى لعبت دوراً محورياً في الجهود المبذولة للتحقق من صحة العلم هو "بيل شنيك"، وهو عالم مواد الطب الشرعي في مختبر الجريمة بولاية واشنطن، والذي عمل سابقاً في مجموعة McCrone، وهي شركة اختبار في يستمونت بولاية إلينوي، والتي تتخصص في تحديد الجسيمات.

يقول "شنيك": "في هذه الحالة، أقارن الغبار المتراكم على العمل بعينات الغبار التي جمعها آخرون في الأيام التي تلت 11 سبتمبر/أيلول 2001. ذلك الغبار كان خليطاً من الأسمنت، وألياف الزجاج، والبلاستيك، وقطع منصهرة من المعدن والأسبستوس. يمكن أن تُطلق عليه بصمة إصبع".
وجاء تحليله للجزيئات الموجودة على العلم مماثلاً للخواص الموجودة في جزيئات أخرى من الغبار الذي تلا انهيار البرجين.

وأجرى "شنيك" أيضاً مقارنة فوتوغرافية مكثفة بين العلم الذي سُلِّم في واشنطن وبين صور عالية الجودة التُقطت للعلم في يوم 11 سبتمبر/أيلول 2001 سلَّمها "فرانكلين" مصوّر صحيفة The Record. أسفر التحقيق عن أن العلمين متماثلان في الحجم والمادة التي صُنعا منها، وبكلٍ منهما نحاس أصفر وخطاف فولاذي مضاد للصدأ وحبال رايات بعُقَد مميزة وشرائط كهربية سوداء.

قناة History استعانت بخدمات "مونيكا روسيرو" التي عملت على يخت "نجمة أميركا" للمساعدة في جهود تحديد العلم. تعرَّفت "روسيرو" على الجزء الصلب في العلم والحبال المستخدمة فيه، وقالت إن الشريط الأسود كان زوجها مهندس اليخت "كارلوس روسيرو" قد صنعه بيديه قبل وفاته في 2008.

بحلول يوليو/تموز 2016، أدت نتائج البحث إلى "يقين بأن المعلومات التي نملكها كافية لتسليم العلم إلى الشخص الذي يطالب بإثبات ملكيته له"، على حد قول "سانت كلير". أُرسٍل العلم بعد ذلك إلى نيويورك مرةً أخرى، ولكن قصة انتقاله من أقصى البلاد إلى أدناها ما تزال مجهولة.

من بين أولئك الذين أبلغوا بالعثور على العلم كانت "شيرلي دريفوس"، التي كانت تملك "نجمة أميركا" بالشراكة مع زوجها "سبيروس كوبلياكس".

قالت السيدة "دريفوس"، التي باعت اليخت في عام 2008 إن الأمر جاء "مدهشاً، بل يمكنني وصفه بأنه ساحر".

وأضافت إنه "قد أحزنها عدم تمكن زوجها، الذي مات قبل عامين، من سماع هذه الأنباء. كان يصف العلم بأنه رمز للقرن كله". وتابعت: "كان هذا هو رمز الأمل الوحيد في ذلك اليوم".
وقررت السيدة "دريفوس" وشركة Chubb للتأمين (التي دفعت مستحقات تأمينية على العلم) التبرع بالعلم لمتحف 11 سبتمبر/أيلول.

وقال "جوزيف دانييلز"، المدير التنفيذي ورئيس النصب التذكاري والمتحف: "إن غياب هذا العلم من المتحف كان دائماً يُشعرنا بأن شيئاً ما كان غائباً. كان العلم رمزاً للأمل، بل للقوة. وقد كنا بأمس الحاجة إليهما معاً في ذلك الوقت".

هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The New York Times الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد